أبدأ حواري معه بالقول: إنني قمت بجولة داخل قاعات المتحف، وخرجت منها برأس متخمة بكم هائل من المعروضات التي تمثل فيما بينها تاريخ البشرية، أسأله: ما الذي تنصح به الزائر، هل يتبع التسلسل الذي يقدمه المتحف، وهو مختلف تماماً عما تعتمده المتاحف الغربية من تسلسل زمني، أم هل يستطيع رؤية ما يريد فقط دون أن يخلل ذلك بالرؤية المتكاملة التي يتبناها أسلوب العرض؟ يقول: «ليست هناك طريقة صحيحة لرؤية العرض، فقط استمتعوا بما يقدمه، هو يقدم العلم والثقافة، ولكنه أيضاً يقدم المتعة عبر قطع فنية بديعة من كل الحضارات والأزمان، أقول استمتعوا به وحسب، إذا ما جذبك قطعة فتوقف أمامها. الفن كان دائماً غذاء للعقل ومتعاً للعين، يمكنك العودة لأي قطعة، أو يمكنك التجول حسب الحقبة التاريخية.... فهذا متحف بمعانٍ مختلفة».
ويشير إلى معروضات المتحف، من المجموعة الدائمة أو من القطع المستعارة من متاحف ومؤسسات فرنسية، قائلاً: «في المتحف عادة تكون هناك المجموعة الدائمة والقطع المستعارة من متاحف فرنسية، التي ستتغير بعد سنة، ولكن مع التغيير ستظل الرؤية والتسلسل التاريخي كما هو، وبالنسبة للمعارض المؤقتة (3 - 4 أشهر) فأولها سيكون بعنوان (من متحف اللوفر لآخر... تاريخ إنشاء متحف اللوفر بباريس)، حيث سنستعير أعمالاً فنية فائقة كنوع من رجع الصدى ونعرضها في اللوفر أبوظبي».
بالنسبة للوحات المستعارة التي ستتغير بشكل دوري، هل سيؤثر ذلك على سياق السرد المتحفي؟ يقول: «إذا ذهبت لوحة ليوناردو دافنشي لفرنسا ستعرض لوحة أخرى في نفس السياق وهو فن البورتريه».
أسأله: كيف ترى العلاقة بين متحف اللوفر الباريسي بطابعه الكلاسيكي العريق وبين شقيقه في أبوظبي؟
يقول: «أعتقد أننا أخذنا من اللوفر الباريسي اسمه وتقاليده التي خلقت المتحف الباريسي وهي: الموسوعية، والعالمية، وطريقة احتواء العالم. ولكن اللوفر الباريسي منظم حسب الأقسام والتخصصات والثقافة، وعندما بدأنا العمل في أبوظبي أردنا أن يكون متحفاً يمثل أبوظبي والقرن الواحد والعشرين. من فكرة احتواء العالم احتفظنا بالقصة العالمية والتاريخية، ولكننا جعلناها تمتد لتحتوي كل الحضارات في كل الأزمنة. فعلى سبيل المثال في فرنسا بعد زيارة اللوفر (إذا أردت رؤية أعمال أحدث) ستذهبين لـ«ميوزي دوارساي» لمشاهدة الأعمال الفنية الحديثة، ولمطالعة الأعمال المعاصرة ستذهبين لـ«سنتر بومبيدو»، وللسرد.... أو للخرائط والوثائق فيجب أن تزوري المكتبة الوطنية (بيبلياتيك ناسونال). كل ذلك الثراء في المتاحف الفرنسية نجده هنا في اللوفر أبوظبي، حيث نجد قصة العالم حتى القرن الواحد والعشرين.
قلت إن المبنى المصمم بإبداع من جان نوفيل، هو أول عمل فني في المتحف... وهو كذلك بالفعل، ولكن كيف ترى العلاقة بين المبنى المستوحى من التراث الإماراتي وبين المعروضات وحضارات العالم؟ يجيبني بالقول: «هناك جانب فلسفي في المبنى كما قال نوفيل، فالقبة ترحب بالزائر، وهذا المعنى ممتد على المتحف أيضاً، فهو دعوة للعالم، عندما نقول: إن التصميم يقدم مفهوم (المدينة) وهي مكان تستطيعين فيه التحرك للعثور على اتجاهك والتجربة في سبيل ذلك، وهو بالضبط ما يقدمه اللوفر أبوظبي، هي تجربة غنية من جميع أنحاء العالم تحدث في أبوظبي».
أبادره بسؤال طرحه الكثيرون من زوار المعرض في يومه الأول: في هذا العصر تتجه متاحف العالم نحو الوجود في العالم الافتراضي، هل تفكرون بتلك الإمكانية؟ يقول: «التقنية مهمة جداً، ولكن أولاً نحن نعتقد بشدة في المادية الحسية لكل قطعة، فما ترينه هنا هي قطع أثرية غارقة في القدم. من المهم استخدام التقنية كوسيلة لفهم تلك القطع، خصوصاً أن الجمهور المحلي متطور جداً في مجال استخدام التكنولوجيا. ولكن بالنسبة لسؤالك أقول: إن فكرة النسخة الإلكترونية غير مقبولة، ولكن على الجانب الآخر نستطيع استخدام تطبيقات، لوحات تفاعلية وكل شيء يساعد الزائر على الفهم والتفاعل».
مانويل راباتيه مدير اللوفر أبوظبي لـ«الشرق الأوسط»: أقول لزائر المتحف استمتع بالتجربة الغنية ولا تفكر بالتصنيفات
مانويل راباتيه مدير اللوفر أبوظبي لـ«الشرق الأوسط»: أقول لزائر المتحف استمتع بالتجربة الغنية ولا تفكر بالتصنيفات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة