عصر ذهبي لـ«العملة المشفرة»

نظام رقمي جديد وجريء لتمويل الشركات الجديدة مليء بالأرباح والمخاطر

عصر ذهبي لـ«العملة المشفرة»
TT

عصر ذهبي لـ«العملة المشفرة»

عصر ذهبي لـ«العملة المشفرة»

التعبير الجديد المتنامي الاستخدام في عالم الأعمال الرقمي اليوم أصبح مصطلح ما يسمى «العرض الأولي للعملة» Initial Coin offering. ولكن ما هي الميزة الكبرى لـ«العرض الأولي للعملة»؟ إن الجانب الجديد والمبتكر لـ«العرض الأولي للعملة» هو أنه يتيح للشركات الجديدة تحصيل وجمع كميات من المبالغ المالية الكبيرة دون الاضطرار إلى التنازل عن السيطرة لصالح مستثمرين آخرين في رأس المال، أو تحمل صرامة وتكلفة الحصص العائمة في سوق الأسهم.
وهكذا وبدلا من عرض الأسهم للاستثمار العام، تقدم شركات «العرض الأولي للعملة» للمستثمرين عملة رمزية (أسهم رقمية، إذا صح التعبير)، يُسدد ثمنها بواحدة من الفئات الجديدة للعملة الرقمية المشفرة. وقد نما نشاط «العرض الأولي للعملة» هذا العام إلى أكثر من 2.1 مليار دولار، مطلقاً العنان لخليط من العملات الجديدة التي تحمل أسماء كـ«تيزيزTezzies»، «آتومزAtoms»، و«بايسيك أتنشين توكنز»، التي تعتمد بغالبيتها على العملة المشفرة المعروفة بـ« إيثريومEthereum».
عملة «إيثريوم» المميزة
> بماذا تتميز «إيثريوم»؟ يجيب خبراء بريطانيون ناقشوا العملات الرقمية الحديثة ودورها على صفحات مجلة «ذي ويك»، بأنها ككثير غيرها من العملات المشفرة، تعتمد على دفتر رقمي عام وغير مركزي يعرف بـ«سلسلة الكتل» (بلوك تشاين). تعتبر الـ«بتكوين» أكثر هذه العملات انتشاراً، إلا أن «إيثريوم»، صاحبة ثاني أكثر بلوك تشاين، تتميز بأنها وعلى عكس البتكوين وغيرها من العملات المشفرة الكلاسيكية، تتيح إصدار أشكال جديدة من عملاتها الرمزية وبجهود تقنية قليلة جداً. هذا الأمر يجعل منها استثماراً مثالياً للعرض الأولي للعملة، وهو السبب أيضاً لارتفاع سعر عملتها من 8 دولارات إلى 400 دولار في أوائل 2017، ولكن تجدر الإشارة إلى أن سعرها شديد التقلب: إذ أدى «هبوط حاد» في سعرها بنسبة 95 في المائة إلى 10 سنتات بعد طلب لصفقة غير موفقة بملايين الدولارات، أدت إلى نشر الفوضى في السوق.
> مم تتألف هذه العملات الرمزية؟ إن الفرق الرئيسي بين العملات الرقمية غير المركزية والعملات التقليدية كالجنيه الإسترليني والدولار هو أن الأولى ليست أسيرة مصرف مركزي. إذ يمكن للمستهلك أن يشتري العملات الرقمية عبر الإنترنت وأن يسدد ثمنها من خلال بطاقته المصرفية. ثمّ يعمل على تسجيل هذه العملات في دفتر حسابي تضعه وتحافظ عليه شبكة من أجهزة الكومبيوتر التي تستخدم بروتوكولات خاصة ومعقدة لتشفير العملة.
بعدها، يصبح صاحب العملات قادراً على استعمالها في مدفوعات آمنة، أو كمخزن للأموال أو لشراء أموال نقدية، ولكنه لن يضطر ولا في أي وقت أن يصرّح باسمه أو أن يتعامل مع مصرف. وتتحول كل عملية تحويل يقوم بها المالك بعملاته الرقمية إلى جزء من «كتلة» أكبر أو مجموعة من التحويلات المترابطة. تتم عملية «ربط التحويلات» من قبل من يعرف بـ«متخصصي البحث العميق» أو «متخصصي الاستخلاص العميق»، وهو فريق من عباقرة التشفير الذين يديرون أجهزة كومبيوتر بقدرات هائلة.
ويتنافس هؤلاء المتخصصون بين بعضهم البعض لحلّ مسائل حسابية شديدة الصعوبة تتضمن جميع التحويلات التي تنتظر الدفع على شكل مدخلات. يحقّ لأول شخص ينجح في الوصول إلى حلّ، أن يسجل خروجه من الكتلة الحالية، ويسجل دخوله إلى الكتلة التالية في السلسة. ويسدي المتخصص الذي ينجح في إنشاء كتلة جديدة خدمة للجميع من خلال تلزيم جميع التحويلات التي تنتظر الدفع إلى سلسلة الكتل؛ وكمكافأة لجهوده، يحق له أن يخصص لنفسه بعض العملات الجديدة في الكتلة الجديدة.
ريادة «بتكوين» المهددة
هل لا تزال «بتكوين» صاحبة القيادة في السوق؟ نعم، إذ إنها تعتبر المعيار الذهبي في عالم العملات المشفرة. وعلى الرغم من بعض الانتكاسات المخيفة، أثبتت بتكوين أنها أفضل متجر لـ«الذهب الرقمي». فقد ارتفع سعرها من دولارين للوحدة عام 2011، وسجل تحليقاً قياسيا يقارب 6400 دولار هذا الأسبوع. يحبّ مؤيدو العملة المشفرة هذا النظام، خاصة أن عملية استخلاص العملية الرقمية تزداد صعوبة مع الوقت، وأن إجمالي عددها لا يمكن أن يتجاوز الـ21 مليونا؛ أي إنه لا يمكن لأي مصرف مركزي أن يصدر فيضاً من العملات الجديدة ويضعف قيمة العملات الموجودة في التداول. إلا أن حدود هذا النظام، الذي يتمتع بقدرة بسيطة تقود إلى الحاجة إلى عدة أيام لإتمام أي تحويل، حفز على ظهور ضيف جديد من العملات المشفرة البديلة.
ويتساءل الكثيرون: هل يعيش المال الرقمي في فقاعة؟ يظهر المال الرقمي الكثير من المميزات. فقد تم اعتباره في أوائل هذا العام واحدا من أكثر مجالات الاستثمار حماسة، إذ أدى التوجه الكبير من الأموال النقدية إلى العملات الإلكترونية خلال العام الجاري إلى تحليق في القيمة النظرية للعملات المشفرة ووصولها إلى 180 مليار دولار، أو إلى نحو نصف قيمة مصرف جي.بي. مورغان. كما توجد أيضاً الكثير من المضاربات التي تجري خلف الكواليس، صعوداً وهبوطاً، وأغلبها يقودها مهووسون من الصين. في هذه الحالات، يحوّل المضاربون العملات الرقمية إلى أموال نقدية إما بهدف الضخّ أو الإغراق. في الوقت نفسه، يكثر عدد العملات التي تنافس اليوم لجذب المستثمرين. ففي يوليو (تموز)، توفرت 900 عملة جديد عبر الإنترنت، حتى إن مدرب كرة القدم المعروف هاري ريدكناب غرد الشهر الفائت بعد استثماره في عملة مشفرة تدعى «إلكترونوم» قائلاً: «متحمس كثيراً... أنا أستثمر فيها، هيا وأنتم أيضاً».
منجم مربح بلا حماية
> ما هو مصدر تمويل هذا المنجم المربح؟ الطمع هو جزء من تمويل هذه الاستثمارات؛ إذ إن الاستخدام المتزايد لهذه العملات الرقمية هو خطة بسيطة للثراء السريع، مما يجعله أكثر إغراء لأصحاب العائدات القليلة الموجودة في الأسواق التقليدية كسندات الدين والأسهم. كما ساهم نقص تكنولوجيا البتكوين في تسريع ظهور بدائل جديدة أكبر كماً وأكثر أمناً. في محاولة منهم لتقليل العرض، يحاول حيتان البتكوين (اللاعبون الكبار) التغيير إلى عملة «إيثير»، التي ازدادت شهرتها مع ازدهار مبدأ العرض الأولي للعملة. ونتيجة لذلك، انخفضت أسهم البتكوين في مجمل رؤوس أموال سوق العملة المشفرة من 90 في المائة في أواخر 2016 إلى ما يقارب 50 في المائة اليوم.
> ما الإجراءات المعتمدة لحماية المقامرين الذين يستثمرون في «العرض الأولي للعملة»؟ افتراضياً، ليست هناك أي إجراءات للحماية، إذ إن إطلاق عرض للعملة الرقمية لا يتطلب أكثر من ورقة بيضاء يضع عليها الطامحون خططهم الكبيرة. في الواقع، يمثل «العرض الأولي للعملة» خطراً أكبر بالنسبة للزبائن المتهورين أكثر من الشركات المتخصصة بالتجارة الإلكترونية الذي انطلقت في التسعينات، لأن أغلبهم يفتقر إلى الحماية الأساسية من قوانين الأمن. ففي حالات إفلاس شركة تقليدية، يحق للمستثمرين والدائنين أن يطالبوا بما استطاعوا الحصول عليه من الأصول المتبقية. أما في حالة «العرض الأولي للعملة»، قد لا تمثل رموز العملات ادعاء حقيقياً لأي شيء. وحسب جايمي ديمون، رئيس شركو جي.بي. مورغان، فإن البتكوين، أي البذرة الأولى للعملات الإلكترونية ليس سوى «عملية احتيال».
> ماذا تفعل السلطات؟ ليس كثيراً، إذ إن الإجراءات التي قد تتخذها السلطات لا تعني أي شيء في الوقت الذي لا يزال فيه عالم العملة المشفرة بحد ذاته محدوداً. ولكن الآن، وبما أنها باتت تستخدم لتمويل استثمارات تقليدية، وتحديداً العقارات، لا شك في أن الإجراءات سيكون لها تأثير.
الصين مثلاً استشعرت الخطر ومنعت الشركات من إصدار عملاتها المرمزة الخاصة؛ كما أصدرت هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة الشهر الفائت تحذيرها الخاص بهذا الشأن. ولكن ما لا يمكن إنكاره أن أي دوران في الدفة، لن يؤدي إلى تحطيم أسعار العملات الرقمية فحسب، بل سيعرض صناعة استثمارية جديدة لأخطار كبيرة.
إصدارات جديدة للعملات المشفرة
> الريبل Ripple(7.8 مليار دولار): العملة السريعة والمفضلة للمصارف. أسستها شركة ناشئة في كاليفورنيا عام 2012 للقيام بتحويلات عابرة للحدود بشكل سريع وآمن؛ أكثر من 100 مؤسسة انضمت حتى اليوم إلى سلسة كتلة «ريبل نت»، من بينها «يو بي إس»، و«ستاندارد تشارترد»، و«سانتاندر»، ويعمل بنك إنجلترا اليوم على تجربتها. وقد سجلت قيمة ريبل ارتفاعاً بنسبة 3300 في المائة في العام الفائت.
> بتكوين كاش Bitcoin Cash (7.3 مليار دولار): في أغسطس (آب)، قامت بتكوين بفصل عملتها إلى عملتين منفصلتين بعد سنتين من الحرب الداخلية بين المجددين الذين يريدون دعم قدرة سلسلة البتكوين والقيام بتحويلات أسرع، وبين آخرين معترضين على الوضع القائم للعملة. وعلى الرغم من أن البعض قد خاف من أن يساهم ظهور «بتكوين كاش» بتخفيض قيمة البتكوين ككل، إلا أن العكس هو ما حصل.
> مونيرو Monero (1.38 مليار دولار): أطلقت كفرع من فروع «بتكوين» عام 2014، وكانت مونيرو العملة المشفرة الأفضل لعام 2016، مدعومة بمزايا الخصوصية التي توفرها. وعلى عكس البتكوين، تسهل عمليات مونيرو الحسابية التعتيم قبل القيام بتحويلات السلسة. إلا أن العملة تعرضت لنكسة كبيرة بعدد إقفال «ألفا باي»، شركة كبيرة معنية بالخصوصية عبر الإنترنت في إطار تطبيق أحد القوانين هذا العام.



«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
TT

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الخميس، اكتمال الاستحواذ على حصة تُقارب 15 في المائة في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين في «توبكو».

وبالتزامن، استحوذت شركة «أرديان» الاستثمارية الخاصة على قرابة 22.6 في المائة من «إف جي بي توبكو» من المساهمين ذاتهم عبر عملية استثمارية منفصلة.

من جانبه، عدّ تركي النويصر، نائب المحافظ ومدير الإدارة العامة للاستثمارات الدولية في الصندوق، مطار هيثرو «أحد الأصول المهمة في المملكة المتحدة ومطاراً عالمي المستوى»، مؤكداً ثقتهم بأهمية قطاع البنية التحتية، ودوره في تمكين التحول نحو الحياد الصفري.

وأكد النويصر تطلعهم إلى دعم إدارة «هيثرو»، الذي يُعدّ بوابة عالمية متميزة، في جهودها لتعزيز النمو المستدام للمطار، والحفاظ على مكانته الرائدة بين مراكز النقل الجوي الدولية.

ويتماشى استثمار «السيادي» السعودي في المطار مع استراتيجيته لتمكين القطاعات والشركات المهمة عبر الشراكة الطويلة المدى، ضمن محفظة الصندوق من الاستثمارات الدولية.