المحكمة الدستورية الإسبانية تلغي رسمياً إعلان استقلال كاتالونيا

بوتشيمون مخاطباً قادة الاتحاد الأوروبي: هل هذه أوروبا التي ترغبون في بنائها؟

متظاهرون يطالبون بالإفراج عن المسؤولين الكاتالونيين المحتجزين يقتحمون محطة القطارات في خيرونا (أ.ب)
متظاهرون يطالبون بالإفراج عن المسؤولين الكاتالونيين المحتجزين يقتحمون محطة القطارات في خيرونا (أ.ب)
TT

المحكمة الدستورية الإسبانية تلغي رسمياً إعلان استقلال كاتالونيا

متظاهرون يطالبون بالإفراج عن المسؤولين الكاتالونيين المحتجزين يقتحمون محطة القطارات في خيرونا (أ.ب)
متظاهرون يطالبون بالإفراج عن المسؤولين الكاتالونيين المحتجزين يقتحمون محطة القطارات في خيرونا (أ.ب)

أدخلت الحملة الانفصالية في كاتالونيا إسبانيا في أسوأ أزمة سياسية منذ أربعة عقود، وتسببت في نزوح شركات، وأجبرت مدريد على خفض التوقعات الاقتصادية، وفتحت أيضاً جروح الحرب الأهلية الإسبانية التي دارت في الثلاثينات.
وأمس ألغت المحكمة الدستورية الإسبانية رسميّاً إعلان برلمان كاتالونيا، من جانب واحد، استقلال الإقليم يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) في حكم كان من المتوقع على نطاق واسع صدوره بسبب قرار سابق للمحكمة بتعليق الاستفتاء. وكانت قد عزلت الحكومة المركزية في مدريد رئيس الإقليم كارليس بوتشيمون والحكومة المحلية وحلَّت البرلمان بعد ساعات من إعلان الاستقلال، وهذا ما اعتبرته مدريد مخالفةً دستورية، وتم تقديم عدد من أعضاء الحكومة للمحاكمة واحتجازهم احترازيا. أما الرئيس بوتشيمون فقد هرب إلى بلجيكا مع أربعة من وزرائه.
وتساءل بوتشيمون مخاطباً رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر ورئيس البرلمان الأوروبي أنتونيو تاجاني حول ما يجري في إسبانيا من محاكمات لقادة منتخبين ديمقراطيّاً: «هل هذه أوروبا التي ترغبون في بنائها... بوجود بلد يضع القادة (السياسيين) في السجون؟».
ووصف بوتشيمون كاتالونيا بأنها «المنطقة الوحيدة في أوروبا حيث يحدث هذا الوضع الشاذ» في إشارة إلى منع برلمان إقليمي منتخَب من ممارسة سلطاته.
بوتشيمون وجَّه انتقاداته إلى الاتحاد الأوروبي متهماً إياه بـ«دعم انقلاب» رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي على السلطات المنتخبة في الإقليم الانفصالي. وقال بوتشيمون في لقاء مع رؤساء البرلمانات الأوروبية والمفوضية الأوروبية: «هل ستقبلون نتيجة استفتاء كاتالونيا أم ستستمرون في مساعدة راخوي في انقلابه؟».
وهذه التصريحات هي الأولى لبوتشيمون منذ أن أخلت محكمة بلجيكية سبيله، الأحد الماضي. وقد وصل إلى بلجيكا في 31 أكتوبر، بعد أن أقالته الحكومة الإسبانية في أعقاب إعلان الاستقلال من جانب واحد.
وقد يُضطَر بوتشيمون وأربعة من أعضاء حكومته إلى البقاء في بلجيكا حين تجري الانتخابات العامة في كاتالونيا في 21 ديسمبر (كانون الأول)، بانتظار أن يحسم قاضٍ بلجيكي مصير مذكرة توقيف أصدرتها السلطات الإسبانية بحقهم. كما شارك المسؤولون الخمسة في تجمع لأكثر من 200 رئيس بلدية كاتالوني في بروكسل دعماً للقضية الكاتالونية قرب مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
وأوضح الرئيس الكاتالوني المقال أن أفضل من دافعوا عن قيم أوروبا هم «أولئك الذين حموا صناديق الاقتراع» أثناء استفتاء الاستقلال المحظور في الأول من أكتوبر الذي قمعته الشرطة الإسبانية بشكل عنيف أثار صدمة العالم.
وأخفقت الأحزاب الانفصالية في إقليم كاتالونيا في الاتفاق على تشكيل تحالف موحَّد لخوض انتخابات مبكرة في الإقليم في ديسمبر (كانون الأول)، مما يزيد الصعوبة أمامها لحكم الإقليم بعد الانتخابات والمضي قدماً في مسعاها المشترك للانفصال. وكان أمام الأحزاب الكاتالونية حتى منتصف ليل الثلاثاء لتسجيل الائتلافات قبيل الانتخابات لكن القوتين الرئيسيتين، اللتين شكلتا تحالفاً لحكم الإقليم خلال العامين الماضيين، لم تُفلِحا في الاتفاق على تحالف جديد في الوقت المحدد.
ورغم أنه لا يزال بوسعهم الاتفاق عقب الانتخابات يقول محللون سياسيون إن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق على حملة مشتركة قد يتسبب أيضاً في صراع على الزعامة في الحركة الانفصالية. ووفقاً لاستطلاع أجرته «جي إيه دي3» في الفترة ما بين 30 أكتوبر والثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) ونشرته صحيفة «لافانجوارديا»، فستحصل ثلاثة أحزاب مؤيدة للاستقلال على ما بين 66 و69 مقعداً في البرلمان المؤلف من 135 مقعداً.
وخلص استطلاع آخر أجري في الفترة ذاتها لصالح صحيفة «لاريزون» المحافظة إلى نتائج مشابهة إذ أظهر أن الأحزاب المؤيدة للاستقلال ستحصل على أغلب الأصوات، لكنها لن تصل إلى أغلبية برلمانية. كما أظهر الاستطلاعان أن الأحزاب المؤيدة لبقاء كاتالونيا جزءاً من إسبانيا ستتقاسم المقاعد المتبقية. ودعت الأحزاب المؤيدة للاستقلال إلى إضراب عام في الإقليم. وسجلت حركة المرور صعوبة صباح الأربعاء حيث قطعت شوارع وطرقات سريعة عدة نتيجة إضراب دعت إليه نقابة انفصالية أثر أيضاً على حركة السكك الحديد.
وأوردت شركة «رينفي» الوطنية للسكك الحديدية أن قطار «تي جي في» السريع الذي يربط بين برشلونة وليون (فرنسا) وكان من المفترض أن يصل ظهرا بالتوقيت المحلي اضطر إلى العودة أدراجه.
فيما يتعلق بالطرقات، سُجّلت اضطرابات خصوصاً على الطريق السريع «إيه بي 7» على طول ساحل المتوسط لإسبانيا، الذي يربط بين أندلوسيا والحدود الفرنسية والطريق السريع «إيه 2» بين برشلونة ومدريد.
وكانت المنظمة النقابية المستقلة «سي إس سي» وجهت دعوة إلى إضراب عام للاحتجاج على ظروف العمل وعلى مرسوم للحكومة المركزية في مدريد يسهل معاملات رحيل المؤسسات من كاتالونيا. لكن التحرك الذي دعمته جمعيتان انفصاليتان قويتان أخريان هما الجمعية الوطنية الكاتالونية و«أومنيوم كولتورال» يرتدي طابعاً سياسياً أيضاً، إذ تطالب هذه الجمعيات بالإفراج عن مسؤولين محليين أودعتهم مدريد التوقيف الاحترازي.
وانتشرت مجموعات من المتظاهرين الذين حملوا لافتات انفصالية ويافطات تطالب بالإفراج عن المسؤولين المحتجزين في مختلف نقاط قطع الطرقات، من بينها محطة القطارات في خيرونا حيث اقتحم نحو مائة شخص حاجز أقامته الشرطة ونزلوا إلى السكك من أجل منع حركة القطارات.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».