مدينة أردنية جديدة تربك قطاع العقار والإسكان

ستكون جاهزة لاستيعاب التوسع في العاصمة والزرقاء وتبنى على خمس مراحل حتى 2050

مدينة أردنية جديدة تربك قطاع العقار والإسكان
TT

مدينة أردنية جديدة تربك قطاع العقار والإسكان

مدينة أردنية جديدة تربك قطاع العقار والإسكان

رأى خبراء أردنيون أن إعلان الحكومة الأردنية عن إنشاء مدينة جديدة جنوب شرقي العاصمة عمان انعكس سلباً على القطاع العقاري والمستثمرين فيه، فيما رأى أصحاب مكاتب عقارية أن الإعلان أربك القطاع العقاري والإسكاني في العاصمة الأردنية.
وبحسب أصحاب مكاتب عقارية ومستثمرين في قطاع العقار والإسكان، فإن أسعار الأراضي ارتفعت بشكل مضاعف في بعض مناطق جنوب العاصمة عمان، فيما تجمّدت الاستثمارات في مواقع أخرى تعتبر «نامية»، حيث إن كثيراً من الراغبين بشراء الأراضي والعقارات أوقفوا أعمالهم بانتظار ما ستوضح الصورة النهائية لموقع المدينة الجديدة.
وقال رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان الأردني زهير العمري إن موضوع إنشاء مدينة جديدة بشكل مفاجئ بالطريقة التي أعلنت عنها الحكومة أمر غير مقبول وخطأ كبير.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن القرار بحاجة إلى دراسة وموافقة على المستوى الوطني، بحيث تجتمع الفعاليات الشعبية والسياسية والاقتصادية في مؤتمر يخصص لهذه الغاية، حتى يتم التوصل إلى صيغ ترضى جميع الأطراف، خصوصاً أن عمان الحالية لها تاريخ عريق، إضافة إلى أن 33 في المائة من أراضيها ما زالت غير مستغلة.
وقال: «الحكومة أوقعت قطاع العقار والإسكان في إرباك كون هذا القطاع له علاقة مباشرة بهذا الموضوع»، مشيراً إلى أن الجمعية حتى لا تعرف أي تفاصيل عن الموضوع، «الحكومة أوقعتنا في وضع مربك، وسيكون له آثار سلبية على قطاع العقار والإسكان، خصوصاً أن قطاع العقار يعاني من تراجع لا يحسد عليه».
وقال: «كلفة البنى التحتية في إنشاء المدن الجديدة من كهرباء وصرف صحي وخطوط اتصالات ومواصلات تزيد عن 35 دولاراً للمتر الواحد، وإذا تم حساب المدارس والجامعات والطرقات والمراكز الصحية والحدائق والمساجد، وغيرها، يصل المتر إلى 60 دولاراً، أما إذا تم وضع خطوط لنقل عام متطور وحديث ستصل كلفة المتر الواحد نحو 100 دولار إذا كنا نتحدث عن مدينة مريحة حتى تكون قابلة للحياة».
وأشار إلى أن الكلفة ستصل في النهاية إلى عشرات المليارات من الدولارات، وتساءل «إذا جمعنا أموال الأردنيين في البنوك فإنها لا تكفي لإقامة مثل هذه المدينة»، وقال العمري «إنه كان بإمكان الحكومة أن تقوم بإنشاء شبكة طرق حديثة وشبكة مواصلات للنقل العام، إضافة إلى تغيير قانون التنظيم ليسمح من خلاله ببناء طابق إضافي في عمان كي يصبح خمسة طوابق بدلاً من أربعة طوابع، وإضافة روف وسقفه بالقرميد، كي يعطي منظراً جمالياً للعاصمة عمان من الجو أفضل من وضع هذه الأموال في مشروع بحاجة إلى سنوات حتى تكتمل صورته النهائية».
وأوضح «لدى عمان 30 في المائة من أراضيها غير مستغلة، وبإمكان الحكومة إنشاء شبكة طرق حديثة وتنظيم جيد كي نصل في النهاية إلى أسعار شقق معقولة لذوي الدخل المحدود والمتوسط»، وقال إنه «إذا تم صرف 10 في المائة من المبلغ على العاصمة عمان، سيتم حل جميع مشكلاتها من مواصلات ومواقف سيارات وحدائق وغيرها»، داعياً الحكومة إلى إنشاء طرق سريعة بين المدن وحولها على نظام البناء والتشغيل وإعادة الملكية، وعلى المستخدم أن يدفع مبلغاً محدداً لاستخدامه.
من جانبه قال جواد العناني، رئيس مجلس إدارة بورصة عمان، إنه بحسب ما وضحه رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي هي ليست عاصمة جديدة ما يعني أن العاصمة ستبقى عمّان، وأيد العناني المشروع بقوله إن عدد سكان عمان، بحسب نسبة النمو الحالية، سيصل إلى 12 مليون نسمة في عام 2050. ولذلك لا بد من أن يكون هناك تخطيط لاستقبال هذا النمو، مؤكداً أنه يجب على الحكومة الذهاب باتجاه التوسعة.
ولفت إلى أن تخطيط المدن يقوم على أسس دقيقة لتوفي جميع الخدمات التي يحتاجها السكان في المدينة، مبيناً أن المرحلة الأولى في المشروع يجب أن تركز على المدارس والبنية التحتية للمدينة.
وقال العناني إنه كان يفضل التوجه إلى بناء مدينة جديدة في الجنوب، مبرراً ذلك بأن هناك مساحات واسعة في الجنوب غير مستغلة وقيمتها المادية قليلة، فكان بالإمكان نقل العاصمة إليها وبناء مدن متطورة ترفع من قيمة الأرض على غرار دبي، مشيراً إلى أن العمران يرفع من قيمة الأرض ارتفاعاً كبيراً.
من جانبه قال خليل النعيمات نقيب أصحاب المكاتب العقارية في الأردن، إن البعض يرى أن استملاك الأراضي سيكون مجدياً أكثر في مناطق جنوب العاصمة (حيث الموقع المقترح للمدينة الجديدة)، مشيراً إلى أن موعد إعلان الحكومة عن تلك المدينة لم يكن موفّقاً على الإطلاق؛ حيث إنه جاء في فترة ركود للقطاع.
وأضاف النعيمات «الواقع أن تجربتنا مع الحكومة سيئة، والثقة في أدنى مستوياتها، ومنها تجربة (الماضون)، والقول بنقل مدينة الحسين الطبية والقيادة العامة للقوات المسلحة إليها، غير أنه وفي الواقع لم يجرِ شيء من ذلك، وتسببت التصريحات الحكومية في رفع أسعار الأراضي هناك من (1500 دينار إلى 20 ألف دينار)، فاستفاد أحدهم وخسر آخرون قُضي على مستقبلهم العقاري».
واختتم النعيمات حديثه بالقول إن الإجراءات الحكومية أبعدت المستثمرين الكبار، وإنها اليوم تسعى لإبعاد صغار المستثمرين.
إلى ذلك بلغ حجم التداول في سوق العقار في الأردن 5.06 مليار دينار لنهاية أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2017 الحالي، مقارنة مع 5.891 مليار دينار للفترة ذاتها بانخفاض نسبته 14 في المائة.
وتشير البيانات الشهرية لدائرة الأراضي والمساحة التي أصدرتها الدائرة مطلع الأسبوع الحالي إلى أن التداول على الأساس الشهري انخفض بنسبة 7 في المائة لشهر أكتوبر نحو 573 مليون دينار مقارنة مع 613 مليون دينار للشهر ذاته من 2016.
وأعلنت الحكومة الأردنية رسمياً عن إطلاق مشروع وطني لإنشاء مدينة جديدة «مشروع المدينة الجديدة» الذي يعدّ أحد أهمّ المشاريع الرياديّة الحيويّة الاستراتيجيّة الوطنية، وواحداً من أهمّ الخطوات المستقبليّة الرامية إلى تقديم نوعيّة حياة أفضل للمواطنين، وتحسين نوعيّة الخدمات، وتوفير السكن الملائم لهم بكلفة أقلّ.
ويهدف المشروع إلى استيعاب جزء من التوسُّع الحضري المتسارع للعاصمة عمّان ومدينة الزرقاء وغيرها، وتوفير البدائل المناسبة للمواطنين من حيث نوعيّة أفضل من السكن والمعيشة بأسعار معقولة، وإيجاد حلول بديلة لمواجهة تحدّيات توفير الخدمات العامّة، وتخفيف الضغط والاكتظاظ الحاليين، حيث سيتمّ منح جزء من الأراضي السكنيّة المخدومة لجمعيات إسكان موظفي الدولة والنقابات ومؤسّسة المتقاعدين العسكريين وغيرها، مما سيعظّم من دعم الطبقة الوسطى وقدرتها على التملُّك.
ويأتي هذا المشروع الكبير ضمن جهود الحكومة الهادفة إلى تحفيز النموّ الاقتصادي، كاستجابة استراتيجيّة للتحدّيات التي تواجه الاقتصاد الوطني، وبما يسهم في تعزيز استثمار الموارد والإمكانات الوطنيّة.
كما يهدف المشروع إلى إنشاء وتطوير مدينة مستدامة ذكية وجديدة تحوي جميع خدمات البنية التحتية، وتقوم على أساس التخطيط طويل الأمد، برؤية تتمحور حول فتح آفاق تنموية جديدة للمستقبل، بالإضافة إلى توفير فرص استثمارية محلية وإقليمية وعالمية من خلال تعزيز الشراكات بين الشركات المحليّة والدولية، وتطوير أدوات التمويل، الأمر الذي من شأنه أن يحفِّز النمو الاقتصادي ويسهم في تنمية المناطق النائية، وتطوير البنية التحتية للمنطقة، وتوفير فرص العمل للمواطنين في مختلف التخصّصات.
وسيتمّ تمويل المشروع وتنفيذه بالكامل بالشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، حيث سيكون هناك مطوّرون من القطاع الخاص لتأهيل الموقع والبنية التحتية التي سيقام عليها المشروع، وذلك بموجب مجموعة من الاتفاقات على أساس نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية، بالتعاون ما بين القطاع الخاص والبنوك المحليّة والإقليمية والدولية، والمؤسسات المالية الدولية، والمستثمرين والمقاولين الأردنيين والدوليين.
وسيُنفَّذ المشروع عبر خمس مراحل، حيث تقوم الحكومة في هذه المرحلة بإعداد الدراسات من حيث التخطيط الاستراتيجي والمخطّطات الحضرية اللازمة، وطرح عطاءات التنفيذ للمشاريع التي ستنبثق عن المرحلة الأولى من هذا المشروع الوطني، والمتوقّع أن تكون منتصف العام المقبل، ليتمّ بعدها البدء بالترويج للفرص الاستثمارية المتاحة ضمن المشروع.
كما ستطرح المراحل المختلفة للمشروع، سواءً المتعلّقة بالبنية التحتيّة أو المباني والمرافق العامة، من خلال عطاءات تمويل دولية وتنفيذ بمشاركة محلية ودولية من خلال إجراءات وعطاءات شفّافة لضمان النزاهة والتنفيذ الجيد وفق جداول زمنية محددة.
وأكّدت الحكومة أنّ هذا المشروع الاستراتيجي لن يكون امتداداً للعاصمة عمّان أو مدينة الزرقاء اللتين من المتوقّع أن يصل عدد سكّانهما عام 2050 زهاء 10 ملايين نسمة، الأمر الذي لن يمكّن هاتين المدينتين من استيعاب هذا العدد ضمن بيئة وبنية تحتيّة ملائمة.
وتقدّر مساحة المرحلة الأولى من المشروع بنحو 39 كيلو متراً مربعاً، وتشكّل ما نسبته 10 في المائة من المساحة الإجمالية للمشروع، حيث من المتوقّع استكمال هذه المرحلة بحسب المخططات الموضوعة بحدود عام 2030، في حين سيتم الانتهاء الكلي من المشروع عام 2050.
وفيما يتعلّق بموقع المشروع، فقد تمّ اختياره بعناية ووفق تخطيط دقيق وطويل الأمد وبأحدث الأساليب التخطيطيّة، وعلى مسافة قريبة من الميناء البرّي في الماضونة، حيث سيتم إنشاء المدينة الجديدة في موقع متوسط يبعد نحو 30 كيلو متراً عن العاصمة عمّان، و30 كيلو متراً مربعاً عن مدينة الزرقاء؛ وبعد تنفيذ الطريق المباشر من موقع المدينة الجديدة إلى مطار الملكة علياء الدولي تكون المسافة باتجاه المطار 33 كيلو متراً.
كما تمّ اختيار المشروع في موقع استراتيجي على الطرق الدوليّة التي تربط الأردن بالسعودية والعراق، وعلى مقربة من جميع الطرق الرئيسة التي تربط مدينتي عمّان والزرقاء، وسيُقام المشروع في جميع مراحله على أرض مملوكة بالكامل للدولة، ومحاطة أيضاً بأراضٍ للخزينة، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تسهيل الكثير من الإجراءات عند البدء بتنفيذ المشروع خلال مختلف المراحل، واستثمار موارد الدولة بما يعود بالنفع على أجيال المستقبل.
وستشكّل الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية النواة والركيزة الأساسية لإقامة المشروع، حيث سيتمّ نقل الكثير منها إلى المدينة الجديدة خلال مراحل مختلفة، مع الإبقاء على دوائر لتقديم الخدمات الحكومية للجمهور في عمّان والزرقاء، علماً بأنّ الحكومة بدأت فعلياً بالتحوّل نحو تقديم الخدمات إلكترونيّاً، لمواكبة متطلبات الحكومة الإلكترونيّة.
ومن المتأمل أن تسهم المدينة الجديدة في إنشاء بيئة مريحة ومثاليّة ومستدامة للأعمال، تكون أقل كلفة للسكن، بالإضافة إلى مناطق ترفيهية وحدائق عامة، بحيث تكون مدينة ذكية وعصرية، وصديقة للبيئة، مبنية على مفاهيم الاقتصاد المعرفي، وتقدم أحدث الخدمات والمنتجات الصحيّة، إلى جانب إيجاد وجهات سياحيّة وترفيهيّة متقدِّمة.
وستعتمد المدينة الجديدة على استثمار الموارد الطبيعية المتجددة في إنتاج الطاقة النظيفة، وإعادة تكرير المياه، وستضم نظام نقل متطور وحديث يربطها بالعاصمة عمّان، ومدينة الزرقاء، ومطار الملكة علياء الدولي، بالإضافة إلى شبكة متطورة من الطرق السريعة التي تربطها بالمدن المجاورة.
وستعتمد هذه المدينة الطابع المعماري الذي يعكس حضارة الأردن وتاريخه، كما ستوفّر هذه المدينة مناطق خضراء واسعة لخدمة قاطنيها، وتستثمر الخصائص الطبوغرافيّة الخاصة بالمنطقة، حيث تجري المياه الموسميّة في أوديتها.
يُشار إلى أنّ «مشروع المدينة الجديدة» بدأ النقاش حوله على نطاق ضيق منذ بداية العام الحالي، وسيتم التواصل مع أصحاب الاختصاص في مجال تنظيم المدن والتخطيط لها خلال مراحل المشروع المختلفة، ويُعدُّ المشروع ترجمة حقيقيّة لوثيقة «رؤية الأردن 2025» التي تضمّنت العمل على تعزيز الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، وتسريع تطبيق الحكومة الإلكترونيّة، وتطوير المناخ الاستثماري وبيئة الأعمال في الأردن.


مقالات ذات صلة

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».