واجهت العاصمة الروسية موسكو، ما درجت تسميته «الإرهاب الهاتفي»، حيث وردت عشرات البلاغات التي تحذر من تفخيخ عشرات المباني العامة والحكومية في وسط المدينة، بينها مسرح البولشوي الشهير، القريب من الساحة الحمراء، والمحاذي لمبنى مجلس النواب الروسي (الدوما). وعلى خلفية تلك الاتصالات شهد المسرح عملية إخلاء لنحو 3500 شخص كانوا في داخله من المواطنين والعاملين في المسرح. وقال مصدر أمني لوكالة «تاس» أول من أمس إن مبنى المسرح المطل على «تيترالنايا بلوشاد» (ساحة المسارح) يشهد عملية إخلاء على خلفية التهديد بتفجير، وأكد أن الأولوية بداية لإخلاء الأطفال من المبنى. وجرت عملية الإخلاء بينما كان المسرح يستعد لعرض حفل بعنوان «المطرقة والمنجل» مكرس لمرور 100 عام على ثورة أكتوبر بقيادة فلاديمير لينين. وقامت الفرق المختصة من قوات الأمن الروسي بعمليات تفتيش دقيقة في المسرح، وأكدت عقب ذلك عدم وجود أي مواد متفجرة، وأن البلاغ كاذب، وعاد مسرح البولشوي لممارسة عمله بصورة طبيعية.
غير أن البولشوي لم يكن الهدف الوحيد للبلاغات الكاذبة يوم الأحد، الذي صادف اليوم الثاني من عطلة عيد وطني في روسيا، هو «عيد وحدة الشعب»، الذي شهد مسيرات واحتفالات، وكذلك تجمعات احتجاجية للمعارضة في مناطق عدة من مركز العاصمة.
وقالت مصادر أمنية إن بلاغات وردت تحذر من «تفخيخ» عشرات المباني، وأكدت أن «عدد المباني التي تشهد عمليات تحقق من وجود مواد متفجرة يقترب من الثلاثين»، موضحة أنه تم إخلاء زهاء 30 ألف مواطن من تلك المباني. وكشفت أن البلاغات التحذيرية طالت مراكز تجارية ودور سينما ومباني سكنية، ومقاهي ومطاعم وفنادق، فضلاً عن مسرح البولشوي، ومركز «غوم» التجاري قبالة الكرملين في الساحة الحمراء. كما ورد تحذير من تفخيخ مركز «يفروبيسكي» التجاري ومركز «أخوتني رياد» بجانب الساحة الحمراء عند جدران الكرملين، ومركز «ديسكاونت» جنوب موسكو، وغيرها.
وقال مصدر أمني لوكالة «إنتر فاكس» إن موسكو تشهد موجة جديدة من البلاغات الهاتفية مجهولة المصدر عن زرع عبوات ناسفة في الأماكن العامة، موضحاً أن ثمة معلومات عن تهديدات بوقوع انفجارات في مسرح البولشوي ومركزي «جوم» و«تسوم» التجاريين وفندقي «ناتسونال» و«ميتروبول» وسط العاصمة الروسية. وذكر أن كل هذه المباني جرى إخلاؤها من السكان قبل وصول خبراء المتفجرات إليها لفحصها، وأشار إلى أن الأنباء (البلاغات الهاتفية) عن زرع عبوات ناسفة لم يتم تأكيدها حتى الآن.
وتشهد المدن الروسية موجة «إرهاب هاتفي» بدأت منذ 10 سبتمبر (أيلول) الماضي، حين يقوم مجهولون عبر اتصالات هاتفية بالتحذير من تفخيخ وزرع عبوات ناسفة وقنابل في أماكن عامة ومحطات مزدحمة، وأبنية سكنية وفنادق ومدارس وغيرها من منشآت عامة وخاصة.
ومع أن كل تلك البلاغات كانت كاذبة إلا أن التكاليف النفسية والعصبية، وحتى المالية، لهذه البلاغات الكاذبة، كانت مرهقة وباهظة الثمن. إذ دفعت تلك الاتصالات الجهات الأمنية إلى عمليات إخلاء في مئات المدن الروسية، حتى إن السلطات في مدينة بيرم اضطرت إثر تلقي بلاغات كاذبة حينها إلى إلغاء التدريس في المدينة ليوم واحد وإخلاء كل المدارس. وقدر برلمانيون روس الخسائر الناجمة عن حملة الاتصالات في شهر سبتمبر بأكثر من مليار روبل روسي.
حينها قال يوري شفيتكين، نائب رئيس لجنة مجلس الدوما لشؤون الدفاع، إن معطيات متوفرة لديه تشير إلى أن الخسائر الأولية التي تسببت بها حملة الاتصالات الكاذبة بلغت نحو مليار روبل روسي، وقال إن هذا المبلغ يشمل نفقات تحركات دوريات الأمن، والبنزين الذي يحتاجونه في تنقلاتهم خلال التوجه للتحقق من الاتصالات، وكذلك خسائر المؤسسات والشركات التي اضطرت للتوقف عن العمل عدة ساعات إلى أن تم التأكد من عدم وجود أي مواد متفجرة في مبانيها.
وتأتي حملة البلاغات الكاذبة الجديدة، أول من أمس، بعد شهر على حملة مماثلة شهدتها العاصمة الروسية في 6 أكتوبر الماضي، واضطرت السلطات الروسية حينها لإخلاء أكثر من 160 ألف شخص من 260 مبنى في موسكو بعد تلقي اتصالات هاتفية تحذر من وقوع تفجيرات في تلك المباني. وكان ألكسندر بورتنيكوف، مدير هيئة الأمن الفيدرالي الروسي، أكد في تصريحات شهر أكتوبر الماضي: «أن الأمن تمكن من تحديد مصدر تلك الاتصالات». وقال: «لقد تمكنا من تحديد الجهات التي تجري الاتصالات، علماً بأنه لم يكن من السهل علينا القيام بذلك»، وأضاف مؤكداً: «إنهم مواطنون روس. وبدقة يمكنني القول إنهم 4 أشخاص يقيمون في الوقت الحالي خارج البلاد»، وأشار إلى وجود أشخاص داخل الأراضي الروسية يقدمون المساعدة للمتصلين الأربعة. وأوضح أن هيئة الأمن الفيدرالي، بالتعاون مع الشركاء من دول أخرى، تواصل العمل على تحديد مكان وجود المتصلين، وقال إن هذه المهمة معقدة بعض الشيء لأسباب تقنية.
في شأن آخر على صلة بنشاط إرهابي في روسيا، قتل رجل شرطة مرور ومسلح خلال اشتباك على حاجز لشرطة المرور في مدينة نزران عاصمة إنغوشيا الروسية في القوقاز. وقال الرئيس الإنغوشي يونس بيك يفكوروف في تصريحات لوكالة «تاس»: «تعرض حاجز شرطة المرور في ياندار لهجوم مسلح. وساهمت حالة التأهب في العثور في الوقت المناسب على المهاجمين. وسنتخذ بحقهم أشد التدابير». وأكد أن عناصر الأمن تمكنوا من القضاء على المهاجمين الاثنين. وكان المركز الوطني لمكافحة الإرهاب أعلن في وقت سابق أن اشتباكاً مسلحاً وقع عند حاجز لشرطة المرور عند قرية ياندار في منطقة نزران. وتم القضاء على المسجلين الاثنين، بينما قتل رجل أمن وأصيب اثنان بجروح. وأكد المركز الوطني لمكافحة الإرهاب العثور في مكان الحادثة على سلاح وذخيرة وعبوة ناسفة يدوية الصنع.
«الإرهاب الهاتفي» يهاجم موسكو ويصل إلى مسرح البولشوي
القضاء على متطرفين ومقتل رجل شرطة في أنغوشيا
«الإرهاب الهاتفي» يهاجم موسكو ويصل إلى مسرح البولشوي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة