سياسيون يخشون من تبعات استقالة الحريري على لبنان

صورة لرئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري في بيروت (أ.ف.ب)
صورة لرئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري في بيروت (أ.ف.ب)
TT

سياسيون يخشون من تبعات استقالة الحريري على لبنان

صورة لرئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري في بيروت (أ.ف.ب)
صورة لرئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري في بيروت (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، أمس (السبت) في خطاب متلفز، استقالته من منصبه الذي عين فيه بحكم تسوية سياسية بين الفرقاء اللبنانيين، حاملاً على كل من إيران و«حزب الله».
ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان، لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذا قرار خطير، وله تبعات أكبر من أن يتحملها لبنان».
وأوضح خشان أن «الحريري بدأ الحرب الباردة اللبنانية، التي من الممكن أن تتحول إلى حرب داخلية؛ رغم أنه ليس هناك منافس لـ(حزب الله) على الصعيد العسكري في لبنان».
وشهد لبنان منذ عام 2005 أزمات سياسية حادة ومتلاحقة؛ خصوصاً بسبب الانقسام بين فريقي الحريري و«حزب الله»، وغالباً ما يفجر الاحتقان توترات أمنية تارة عبر اغتيالات، وطورا عبر مواجهات مسلحة.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، كُلف الحريري رئاسة الحكومة بموجب تسوية سياسية أتت بحليف «حزب الله» الأبرز ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية، بعد عامين ونصف العام من الفراغ الرئاسي.
ومنذ التسوية التي أوصلته إلى سدة رئاسة الوزراء وتشكيله الحكومة في أواخر 2016، شهد لبنان هدوءا سياسيا نسبيا، وتراجعت حدة الخطاب السياسي اللاذع.
وقال الحريري في خطاب الاستقالة، إن إيران «تطاولت على سلطة الدولة، وأنشأت دولة داخل الدولة، وأصبحت لها الكلمة العليا». واتهم «حزب الله»، المشارك في الحكومة، بـ«فرض أمر واقع بقوة سلاحه».
وردت وزارة الخارجية الإيرانية باعتبار الاستقالة بمثابة «سيناريو جديد لإثارة التوتر في لبنان والمنطقة».
وتقول أستاذة العلوم السياسية في جامعة «القديس يوسف» فاديا كيوان: «الاستقالة توقيتها مفاجئ»؛ إلا أن القرار ليس مفاجئاً؛ «لأن هناك جو مواجهة منذ فترة، وأحداثاً متلاحقة في المنطقة تظهر أن هناك منعطفاً مقبلاً».
ويذكر أن الحريري هو الوريث السياسي لوالده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري الذي قتل في تفجير استهدفه في عام 2005، واتهمت المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتياله خمسة عناصر من «حزب الله» بالتورط في العملية.
وخاض الحريري منذ دخوله معترك السياسة قبل 12 عاماً مواجهات سياسية عدة مع «حزب الله»؛ لكنه اضطر مراراً إلى التنازل لهذا الخصم القوي، وربما الأقوى على الساحة اللبنانية سياسياً وعسكرياً.
وترى كيوان أن «وجود قوى سياسية لديها أفكار متناقضة داخل الحكومة كان من شأنه أن يشل عملها، أو يفجر الوضع سياسياً»، محذرة أيضاً من فراغ سياسي قاتل، كون حكومة تصريف أعمال «تجعل البلد يهترئ على نار خفيفة».
وفي الشارع أثارت الاستقالة قلقاً ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كتب علي حمود على «تويتر»: «بعد استقالة الحريري، حرب ستشن على لبنان»، فيما رأى نبيل عبد الساتر أن «استقالة الحريري هي إعلان حرب قادمة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.