قائد «النخبة الشبوانية»: «القاعدة» أغرت شباباً بمشاريع اجتماعية مسيّسة

قال لـ «الشرق الأوسط» إن التنظيم الإرهابي استخدم «دراما» أمنية في استدرار عواطف البسطاء

محمد القشيمي ({الشرق الأوسط})
محمد القشيمي ({الشرق الأوسط})
TT

قائد «النخبة الشبوانية»: «القاعدة» أغرت شباباً بمشاريع اجتماعية مسيّسة

محمد القشيمي ({الشرق الأوسط})
محمد القشيمي ({الشرق الأوسط})

أكد محمد القميشي قائد قوات النخبة الشبوانية إن العمليات الإرهابية لاستهداف قواته من قبل «القاعدة» تُعدّ أبرز التحديات التي تواجهها القوات في المحافظة، مشيراً في الوقت نفسه إلى فشل كثير من تلك العمليات إثر إحباطها.
واعتبر القميشي في حديث مع «الشرق الأوسط» أن الحرب ضد التنظيم الإرهابي تمثلت في شقين، المواجهة والإعلام.
وأضاف أن من ضمن التحديات التي تصدَّت لها القوات في حربها ضد التنظيم الإرهابي «انتهاج التنظيمات الإرهابية وسائل كثيرة ومتنوعة بهدف إحباط جهود الأمن في ملاحقتها وحفظ الأمن والاستقرار بالمنطقة هي حرب الكمائن وزرع الألغام والعبوات الناسفة، إلى جانب الحرب الإعلامية(...)»، وألقى باللوم على عدة جهات إعلام ودول تدعم الإرهاب بشكل مباشر أو غير مباشر، متابعاً أن «محاولاتهم تلك فشلت رغم ضخامة الحرب الإعلامية».
ولفت القميشي إلى استخدام التنظيم الإرهابي طرقاً متعددة في استدرار عواطف البسطاء وسكان القرى وبعض المدن الصغيرة، من ضمنها «العمل الهيكلي الكاذب في الشارع الشبواني من خلال مشاريع خدمية ومساعدات إنسانية مسيسة وأعمال أمنية درامية من صنع (القاعدة) نفسها»، وذلك بهدف التقرب منهم (أي المواطنين) وإظهار أنفسهم بأنهم يعملون لأجل مصلحة المجتمع وحماية السكان المحليين من البلطيجة والمجرمين الذين هم صناعة التنظيم الإرهابي ذاته.
وتطرق القميشي إلى إغراء «القاعدة» للشباب وضعاف النفوس بالمبالغ المالية لأجل الانضمام إليهم لكي يرضوا أبناء مناطقهم بكونهم أبناءهم، ويعملون لأجل خدمة أهلهم ومنطقتهم، وأضاف: «هذا الأمر هو المدخل الرئيسي لاستقطاب الشباب في ظل الفقر والبطالة وغياب فرص العمل التي تعيشها البلاد منذ سنوات مضت».
وأشار القائد الشبواني إلى المساعدات التي تأتي إلى مديريات شبوة باسم جمعيات خيرية يسيطر أشخاص مشبوهون، ومن خلالها يقومون بمساعدة الناس باسم تنظيم القاعدة، وقال: «تسعى التنظيمات الإرهابية بشتى الوسائل الممكنة لإرضاء المواطنين والتشويش عليهم في نشر المحاضرات الدينية لأجل إغوائهم وكسب ثقتهم (...)»، مستدركاً أن «حقيقتهم تظهر عكس ما يدعون».
ويعتبر القميشي معركة تطهير عزان من تنظيم القاعدة أقوى المعارك التي خاضتها قوات النخبة الشبوانية، وعزا ذلك إلى «المهام العسكرية التي نفذتها حملات دهم وملاحقات أسفرت القبض على عدد من عناصر تنظيم القاعدة العملاء والجنود والجواسيس ومنهم أمراء حرب وعناصر تعمل في إعلام واستخبارات التنظيم».
وأوضح أن المهمات الأمنية للقبض على عناصر تنظيم القاعدة لا تُعدّ وهي كثيرة ومستمرة، وسجون قوات النخبة الشبوانية مزدحمة بمن يشارك في زعزعة الأمن والاستقرار في شبوة، والعمل لصالح الجماعات الإرهابية».
وشدد على أن قواته مستمرة في حملاتها العسكرية لتعقب وملاحقة الجيوب والخلايا الإرهابية «وسوف تضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن واستقرار محافظة شبوة».
وقال قائد النخبة الشبوانية إن تنظيم القاعدة في شبوة كان معقله الرئيسي منطقة عزان قبل أن يتم دحره منها أخيراً، مشيراً إلى أن عناصر «القاعدة» ما زالت توجَد في محافظة شبوة بمناطق الحوطة والصعيد وعاصمة المحافظة عتق وعناصرهم في مناطق كثيرة.
وباتت قوات النخبة الشبوانية تتمركز وتنتشر في مساحة كبيرة من المحافظة، وسط جهود حثيثة تُبذَل لاستكمال ما تبقى من مدنها، وذلك بعد التفاهم مع القوات في محور عتق واللواء 30 مشاة، وكذا اللواء الثاني جبلي، واللواء الثاني بحري الذي لا يقل قوامه البشري عن 12 ألف جندي، ويقول القميشي إنهم «يتلقون التوجيهات من المنطقة العسكرية الثالثة بمأرب».
ويصل قوام قوات النخبة الشبوانية إلى 6 آلاف جندي بحسب قائدها، الذي قال إنها تسيطر بها النخبة على أكبر مساحة من المحافظة إلى جانب أجزاء كبيرة من الشركات النفطية وكذا خط أنبوب الغاز المسال في بلحاف «وهي في طريقها لفرض سيطرتها الكاملة على المحافظة والشركات النفطية، لحفظ الأمن والاستقرار لأجل عودة التنمية للمنطقة التي عانت ويلات الفراغ الأمني والإرهاب الذي عمده نظام صنعاء في شبوة خلال الأعوام الماضية».
وكشف قائد قوات النخبة الشبوانية عن إعداد العدة لتجهيز قوات إضافية تتبع النخبة مهمتها تطهير ما تبقى من مناطق بيحان في قبضة ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».