إقالة محافظ نينوى بعد اتهامات «فساد»

TT

إقالة محافظ نينوى بعد اتهامات «فساد»

وافق مجلس محافظة نينوى، أمس، بالإجماع على إقالة المحافظ نوفل العاكوب، إثر اتهامه بـ«الفساد وهدر المال العام واستغلال السلطة». وأكد المجلس أنه سيحيل إلى القضاء «الأوراق والأدلة كافة التي تثبت تورط المحافظ المُقال في تلك القضايا»، فيما نفى العاكوب هذه الاتهامات، واعتبر جلسة إقالته «غير قانونية». وقال المستشار الإعلامي لمجلس محافظة نينوى، عبد الكريم الكيلاني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجلس المحافظة عقد أمس جلستين متتاليتين، الأولى خاصة باستجواب المحافظ، لكنه تغيب من دون مبرر، ما دفع المجلس إلى المضي قدما لعقد الجلسة».
وأضاف الكيلاني، أن «الأعضاء بحثوا خلال الجلسة الملفات المطروحة بالتفصيل، وتولدت لديهم القناعة الكاملة بتورطه في قضايا الفساد التي من ضمنها إهداره المال العام واستغلاله المنصب الوظيفي والإهمال المتعمد». ولفت إلى أن الأعضاء صوتوا في الجلسة الثانية «بالإجماع» على إقالة المحافظ من منصبه، ومطالبة رئيس الوزراء حيدر العبادي بـ«سحب يد العاكوب من الوظيفة». وقرر المجلس «إحالة الأوراق والأدلة الثبوتية الخاصة بتورط المحافظ الُمقال على المحاكم المختصة، ومفاتحة الجهات ذات العلاقة لمنعه من السفر».
وتولى العاكوب منصب المحافظ خلفا لأثيل النجيفي في 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2015 بعد انتخابه من قبل مجلس المحافظة. ونفى المحافظ المقال الاتهامات الموجهة إليه، وقال في تصريح صحافي: «غيروا مكان عقد الجلسة من دون إبلاغي، لذا لم أحضر». واتهم رئيس مجلس المحافظة وأعضاءه بـ«التورط بقضايا فساد عدة».
في المقابل، قال عضو مجلس المحافظة خلف الحديد لـ«الشرق الأوسط»، إن «نينوى تحتاج إلى إدارة جديدة بعقل ووعي جديدين تستوعب التحديات التي تمر بها المحافظة، خصوصا تحدي الإعمار والتحدي الأمني وملف المصالحة والسلم المجتمعي». وأضاف أنه «بعد انتهاء المدة القانونية سيشرع المجلس بانتخاب محافظ جديد قادر على إدارة جميع هذه الملفات، وتشكيل فريق دعم داخل مجلس المحافظة يتبنى هذه الرؤية مع المحافظ القادم». وأوضح أن هذا الفريق سيتولى «دعم تنفيذ هذه الرؤية بقوة لتخفيف الاحتقان حول موضوع السلم الأهلي، وتقديم الخدمات الحقيقية لأبناء المحافظة وعودة النازحين إليها، وكيفية مسك الأرض في المحافظة ومكافحة الإرهاب بشكل كامل، ووضع الخطط اللازمة لحماية حدود المحافظة الإدارية والحدود مع سوريا لمنع تسلل الإرهابيين».
واستبعد إسناد إدارة المحافظة إلى شخصية عسكرية، قائلاً: «لن نمضي في أي إجراء مخالف للدستور والقوانين العراقية وقانون مجالس المحافظات، ونعمل من أجل أن تكون الدولة دولة مؤسسات مبنية على قوانين محترمة من قبل المجتمع والحكومة». وبحسب القانون، يحق للمحافظ المقال الطعن في قرار مجلس المحافظة أمام المحكمة الإدارية خلال مدة لا تزيد على 15 يوماً. وتنظر المحكمة في الطعن المقدم إليها خلال شهر، فإذا رفضته يفتح مجلس المحافظة باب الترشيح لانتخاب محافظ جديد لمدة أسبوع، ومن ثُم يشرع بالانتخاب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.