الجيش المصري يعلن نجاحه في تصفية «خلية الواحات»

السيسي اطمأن على نقيب الشرطة المُحرر

الرئيس السيسي خلال زيارته الضابط محمد الحايس الذي تم تحريره ({الشرق الأوسط})
الرئيس السيسي خلال زيارته الضابط محمد الحايس الذي تم تحريره ({الشرق الأوسط})
TT

الجيش المصري يعلن نجاحه في تصفية «خلية الواحات»

الرئيس السيسي خلال زيارته الضابط محمد الحايس الذي تم تحريره ({الشرق الأوسط})
الرئيس السيسي خلال زيارته الضابط محمد الحايس الذي تم تحريره ({الشرق الأوسط})

كشفت العملية الأمنية المصرية، التي نجحت في القضاء على منفذي هجوم «الواحات» الإرهابي على مدار اليومين الماضيين، بمشاركة القوات الجوية والصاعقة وعناصر من الشرطة، عن الخطورة الكبيرة التي كانت تمثلها تلك الخلية الإرهابية.
وقال العميد خالد عكاشة، عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب والتطرف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدد أفراد الخلية لا يقل عن 50 فرداً، مجهزين بأحدث الأسلحة غير المتوفرة في الداخل المصري، وأنهم تسللوا من ليبيا لتنفيذ عشرات العمليات الإرهابية عبر خلايا كامنة تنتشر في عدة محافظات تنتظر أوامر لبدء المهمة».
وأعلن الجيش المصري أمس نجاحه في القضاء على ما تبقى من منفذي هجوم «الواحات» الإرهابي، الذي وقع قبل نحو أسبوعين. فيما زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الضابط محمد الحايس، الذي تم تحريره خلال العملية، ويتلقى العلاج بأحد المستشفيات العسكرية.
وتعود الواقعة، التي قتل فيها 16 شرطيا مصريا، وأصيب 13 آخرون، واختطف آخر برتبة «نقيب»، إلى خروج مأموريتين للشرطة باتجاه موقع (الكيلو 135) بمنطقة الواحات البحرية (جنوب الجيزة)، بعد معلومات أشارت إلى اختفاء متشددين فيه، قالت الشرطة إنهم «يعدون لارتكاب مجموعة من العمليات داخل المحافظات».
وفور وصول قوات الشرطة، تعرضت إحدى المأموريتين لإطلاق نار، ودارت مواجهات عنيفة مع المسلحين يوم الجمعة 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قالت الشرطة إنها أسفرت في المقابل عن مقتل ما لا يقل عن (15 إرهابيا).
وأعلنت السلطات المصرية أول من أمس تحرير الضابط محمد الحايس، الذي كان مختطفا لدى منفذي الهجوم. وقام الرئيس السيسي أمس بزيارة الحايس، الذي يتلقى العلاج بمستشفى «الجلاء» العسكري (شرق القاهرة)، برفقة اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، وحضور والد النقيب محمد الحايس وعدد من أفراد أسرته.
وقال السفير بسام راضي المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أمس، إن الرئيس السيسي اطمأن على حالة النقيب الصحية بعد خضوعه لعملية جراحية، كما أثنى على عطاء رجال القوات المسلحة والشرطة في مواجهة الإرهاب، والتضحيات التي يقدمونها دفاعاً عن مصر واستقرارها وأمن شعبها.
وأوضح بيان للقوات المسلحة المصرية أمس، أن «القوات الجوية قامت بالتعاون مع قوات الصاعقة والشرطة بحصر وتثبيت وتتبع المجموعة الإرهابية الهاربة بالمنطقة الصحراوية الواقعة غرب مدينة الفيوم، وتنفيذ هجمة جوية دقيقة أسفرت عن القضاء على جميع العناصر الإرهابية الموجودة بمنطقة الحدث».
وأشار البيان إلى مواصلة المجموعات القتالية مدعومة بغطاء جوي تمشيط الدروب الصحراوية في محيط العملية، استكمالا للعملية العسكرية الأمنية المشتركة التي تنفذها القوات المسلحة والشرطة لاستهداف العناصر الإرهابية المتورطة في القيام بعملية الواحات الأخيرة.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الأمن حاصرت أعضاء الخلية على مدار الأيام الماضية للحيلولة دون الهروب بالنقيب محمد الحايس خارج مصر، وهي عملية لعب فيها الطيران دورا كبيرا». وأوضح المصدر أن «الحايس كان موجودا في مكان بعيد عن تجمع العناصر الإرهابية وأن البعض حاول الفرار به إلى ليبيا قبل أن تباغتهم القوات وتقوم بتحريره»، منوها إلى أن القصف الجوي تم عقب التأكد من تحريره بواسطة القوات الخاصة.
ونشر الجيش المصري تسجيلاً مصوراً للعملية الناجحة التي نفذها بالتعاون مع الشرطة، وأسفرت عن القضاء على عدد من العناصر الإرهابية بطريق الواحات وتحرير النقيب الحايس.
وكشف العميد خالد عكاشة، عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب والتطرف، لـ«الشرق الأوسط» عن معلومات حول تلك الخلية الإرهابية، مؤكدا أن أعضاءها على الأرجح تسللوا من ليبيا إلى الأراضي المصرية من أجل تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية المتنوعة في عدة محافظات، مشيرا إلى أن معلومات الأمن الوطني أجهضت العملية في 20 أكتوبر الماضي بالهجوم عليهم، رغم الخسائر الكبيرة التي لحقت بقوات الشرطة حينها، لكنها في النهاية كشفت عن مخططهم.
وأوضح العميد عكاشة أن الخلية منذ الهجوم عليها في محاوله فرار دائمة إلى الأراضي الليبية، لكن حصار القوات المصرية جعلها تحوم في بقعة واحدة في الصحراء، قبل أن تتم الضربة الكبرى للقضاء عليها أول من أمس.
ولم تعلن أي جماعة حتى الآن مسؤوليتها عن هجوم الواحات. وقدر العميد عكاشة عدد أفراد الخلية بنحو 50 فردا هم حصيلة قتلاهم على مدار الأيام الماضية، مشيرا إلى أنهم كانوا يستهدفون التسلل في مختلف المحافظات لزرع خلايا كامنة وتنفيذ عدة عمليات إرهابية في توقيتات متفرقة على مدار الفترة القادمة، غير أن الهجوم الأمني الأول تسبب في إحباطها.
ونوه العميد عكاشة إلى أن الأسلحة الحديثة والمتنوعة والقادمة من الخارج، إضافة إلى سيارات الدفع الرباعي التي امتلكتها تلك الجماعات تشير إلى قوة تلك الخلية الإرهابية وخطورتها حال نجاحها في تنفيذ أغراضها.
وعلى مدار الأيام الماضية، نفذت قوات الأمن المصرية عدة عمليات قرب الحدود الغربية مع ليبيا، ضد مجموعات مسلحة تنشط في الصحراء الغربية، التي باتت مسرحاً جديداً للإرهاب في مصر يضاف إلى البؤرة التقليدية في شمال شبه جزيرة سيناء.
من جانبه، أعرب مجلس الوزراء المصري عن اعتزازه وفخره بنجاح القوات المسلحة ووزارة الداخلية في رصد وتعقب ومباغتة العناصر الإرهابية، التي قامت باستهداف قوات الشرطة في حادث الواحات، والنجاح في القضاء على عدد كبير منهم ثأرا لشهداء الواجب الوطني، وتحرير النقيب الحايس. وثمن المجلس في اجتماعه أمس برئاسة شريف إسماعيل، جهود القوات المسلحة والشرطة في مكافحة الإرهاب، والقضاء على العناصر الإجرامية المتطرفة، واستعادة الأمن.
وشدد على أن مصر ستبقى درعاً حصينة تضطلع بمسؤولية مواجهة أعداء الحياة ودعاة الجهل والتطرف، لافتاً إلى ضرورة تكاتف جميع دول العالم لوضع حد قاطع لتلك الظاهرة الخبيثة التي أمست تعصف بأمن واستقرار الأوطان، وتهدد مستقبل الشعوب وأملها في غد أفضل.
ولاقت عملية القصاص من منفذي هجوم الواحات إشادة واسعة في الأوساط السياسية والشعبية المصرية.
إلى ذلك، استقبل الرئيس السيسي أمس وفداً من قيادات الطائفة الإنجيلية الأميركية، في القاهرة. وقال المتحدث باسم الرئاسة إن الرئيس السيسي شدد على حرص مصر على تعزيز جسور التواصل والتفاهم مع مختلف أطياف المجتمع الأميركي للتصدي للتحديات التي تواجه البلدين.
وذكر المتحدث أن اللقاء تطرق إلى سبل مواجهة الإرهاب، حيث أكد الرئيس السيسي أن القضاء على الإرهاب في المنطقة وخارجها لن يتحقق إلا بالعمل الجماعي وتبني المجتمع الدولي لاستراتيجية متعددة الأركان، حيث يتم التعامل مع كل العناصر والأطراف الداعمة للتنظيمات الإرهابية، وبما يحول دون حصولها على مأوى أو سلاح أو معسكرات تدريب أو تمويل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.