قال ناصر بوريطة، وزير خارجية المغرب، إن المقاربة المغربية لسياسة الهجرة في أفريقيا تنطلق من توجهات المغرب الهادفة إلى إسماع صوت أفريقيا، وجعلها عنصرا فاعلا في المؤتمرات والمحافل الدولية بدلا من أن تكون موضوعا لها.
وأشار بوريطة، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في منتجع الصخيرات (ضواحي الرباط)، في اللقاء التشاوري الأفريقي الأول حول سياسة الهجرة، بحضور وزراء خارجية التجمعات الإقليمية الأفريقية الخمسة ووزراء ومسؤولين حكوميين أفارقة، وممثلي الهيئات الدولية والإقليمية وخبراء ومنظمات غير حكومية، إلى أن الورقة التي قدمها العاهل المغربي الملك محمد السادس في يوليو (تموز) الماضي حطمت كثيرا من الأفكار السابقة والخلفيات المغلوطة حول طبيعة الهجرة في أفريقيا.
وأضاف بوريطة أن الدراسات بينت أن شخصا واحدا فقط من بين ثمانية مهاجرين من أفريقيا الغربية يعبرون البحار إلى أوروبا وأميركا، فيما يبقى 7 أشخاص من بينهم داخل منطقة غرب أفريقيا، وهو ما يشير إلى أن ظاهرة الهجرة في أفريقيا ظاهرة داخلية.
موضحا أن «12 في المائة من إجمالي تدفقات المهاجرين صوب أوروبا ذات مصدر أفريقي، كما أن 85 في المائة من الحركات العالمية منتظمة وقانونية».
وأوضح بوريطة أن قضية الهجرة في أفريقيا ترتبط بسياقات إقليمية وقارية، وبالتالي فهي تتطلب مقاربة شاملة ترتكز على تضافر سياسات وطنية ناجعة، وتنسيق جهوي ناجح، وأفق قاري ملائم، وشراكة دولية مربحة لكل الأطراف، مشيرا إلى أن اجتماع الصخيرات، المنعقد تحت عنوان «الخلوة الأفريقية من أجل الهجرة»، يأتي في وقت مناسب بتزامن مع الإعداد لكثير من الملتقيات الدولية حول الهجرة المبرمجة خلال الأشهر المقبلة، وعلى رأسها الإعداد للاتفاقية الدولية حول «الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية»، التي يرتقب اعتمادها من طرف الأمم المتحدة خلال 2018. وقال إن هذه المبادرة التي يقودها العاهل المغربي ستمكن أفريقيا من الإعداد الجيد للاستحقاقات الدولية المقبلة، ومن اتخاذ موقف موحد والدفاع عنه على الصعيد الدولي.
ويندرج لقاء الصخيرات، الذي تختتم أعماله اليوم الأربعاء، في سياق المشاورات الواسعة التي يقودها المغرب بناء على انتدابه من طرف رئاسة الاتحاد الأفريقي من أجل قيادة وتنسيق السياسة الأفريقية المشتركة في مجال الهجرة. وبهذا الخصوص قال بوريطة إن «هذا الاجتماع الأول هو عبارة عن ملتقى تشاوري غير رسمي مفتوح على جميع الأطراف والمبادرات المعنية بالهجرة في أفريقيا، سواء الحكومية وغير الحكومية، والإقليمية والمحلية والدولية، وسيليه اجتماع ثان على مستوى وزراء خارجية دول الاتحاد الأفريقي. وسيمكننا هذا المسلسل من الاستماع إلى الجميع وإشراكهم في إعداد الرؤية الاستراتيجية التي نحن بصددها، والتي سيقدمها المغرب للقمة المقبلة للاتحاد الأفريقي».
وأشار بوريطة إلى أن الرئيس الغيني ألفا كوندي، رئيس الاتحاد الأفريقي، انتدب العاهل المغربي لقيادة التنسيق الأفريقي في مجال الهجرة، مضيفا أن الملك محمد السادس قدم في هذا الإطار ورقة أولية للقمة الأفريقية في يوليو الماضي، وتعهد بالعمل على تطويرها وتقديم رؤية شاملة ومتكاملة للقمة المقبلة للاتحاد الأفريقي في يناير (كانون الثاني) 2018.
وقال بوريطة إن اختيار الملك محمد السادس من طرف رئاسة الاتحاد الأفريقي لتولي هذه المهمة يشكل اعترافا بالريادة المغربية في هذا المجال على الصعيد الأفريقي، مشيرا إلى أن المغرب بادر إلى اعتماد سياسة خاصة إزاء قضايا الهجرة واللجوء منذ سنة 2013، التي أسفرت في مرحلتها الأولى عن تسوية أوضاع 22 ألف مهاجر أفريقي، وتمكينهم من الحصول على بطاقة إقامة والاندماج في سوق الشغل وفي التعليم والصحة، ويجري حاليا تنفيذ المرحلة الثانية التي سيستفيد منها أيضا عشرات الآلاف من المهاجرين واللاجئين.
من جانبها، أبرزت لويز أربور، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للهجرة، في افتتاح أشغال لقاء الصخيرات الحاجة العاجلة لتجاوز النقائص المسجلة في تفعيل الحماية الخاصة بالحقوق الإنسانية للمهاجرين، وأوضحت أن هذه النقائص ليست مفهوما مجردا، مشيرة إلى أن انعكاساتها الفعلية يعيشها كثير من المهاجرين الذين، رغم وضعهم القانوني، يواصلون مواجهة التمييز والعراقيل في مسار ولوجهم للعمل والصحة والخدمات الاجتماعية في البلدان المضيفة.
وأكدت المسؤولة الأممية أهمية مشروع «الميثاق العالمي للهجرات الآمنة، المنظمة والنظامية» المرتقب اعتماده من طرف الأمم المتحدة خلال 2018، مشددة على ضرورة أن يراعي الحقوق الإنسانية لجميع الشعوب.
من جهته، ركز عبدول كابيلي كامارا، وزير الدولة وزير الأمن والحماية المدنية في غينيا كوناكري، الذي يمثل رئيس الاتحاد الأفريقي في لقاء الصخيرات، على ضرورة التنسيق والتعاون والعمل المشترك الأفريقي في مجال الهجرة، التي تشكل تحديا بالنسبة لجميع الدول، ودعا إلى تضافر الجهود وتعزيز التعاون بين الدول الأفريقية، خاصة في مجالات مراقبة الحدود وتبادل المعلومات عبر الحدود وسياسات الإدماج في البلدان المستقبلة، وآليات عودة المهاجرين والنازحين إلى أوطانهم الأصلية.
ونوه كامارا بالنموذج المغربي في مجال سياسة تدبير الهجرة، كما نوه بتعامله الإنساني مع المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء من خلال تسوية أوضاعهم القانونية، وتسهيل اندماجهم في المجتمع المغربي.
الرباط تطلق مشاورات واسعة حول الهجرة بتكليف من الاتحاد الأفريقي
بوريطة: ورقة الملك محمد السادس حول الظاهرة حطمت كثيراً من الأفكار السابقة عن طبيعتها

وزير خارجية المغرب يتحدث خلال اللقاء في الصخيرات (ماب)
الرباط تطلق مشاورات واسعة حول الهجرة بتكليف من الاتحاد الأفريقي

وزير خارجية المغرب يتحدث خلال اللقاء في الصخيرات (ماب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة