ستراكان يحمّل «جينات» لاعبي اسكوتلندا مسؤولية فشلهم

المدرب دخل عالم الوهم والجنون بتعليقاته التي أطلقها في أعقاب الإخفاق في تصفيات المونديال

ستراكان مدرب اسكوتلندا خرج من ملعب سلوفينيا ليطلق تصريحات مجنونة (رويترز)
ستراكان مدرب اسكوتلندا خرج من ملعب سلوفينيا ليطلق تصريحات مجنونة (رويترز)
TT

ستراكان يحمّل «جينات» لاعبي اسكوتلندا مسؤولية فشلهم

ستراكان مدرب اسكوتلندا خرج من ملعب سلوفينيا ليطلق تصريحات مجنونة (رويترز)
ستراكان مدرب اسكوتلندا خرج من ملعب سلوفينيا ليطلق تصريحات مجنونة (رويترز)

إذا كان هدف جوردون ستراكان الرئيسي في الوقت الراهن أن ينأى بنفسه عن أسباب المحن التي يتكبدها المنتخب الاسكوتلندي، فإنه يستحق بجدارة جائزة عن أفكاره المبدعة والمجنونة. في الواقع، لو أن لاعبي المنتخب الاسكوتلندي أظهروا ذات المستوى من الإبداع المذهل الذي أبداه مدربهم البالغ 60 عاماً في أعقاب الأمسية المروعة التي قضوها في سلوفينيا، ربما كانت اسكوتلندا لتظل جزءاً من معادلة بطولة كأس العالم لعام 2018.
وفي الوقت الذي نجحت اسكوتلندا جزئياً في استعادة سمعتها عبر سلسلة من المواجهات - بعد أن كانت مجرد منتخب ممزق يعاني من حالة اختلال وظيفي - جعلتها على شفا اللحاق بمحلق التصفيات، فإن موجة الانحسار والتراجع ضربت المنتخب من جديد بإهدار تقدمه بنتيجة 1 - 0 من خلال الأداء المروع الذي قدمه خلال الشوط الثاني أمام سلوفينيا ليخرج بتعادل أشبه بالخسارة 2 / 2. ورغم أن أداء المنتخب ونتيجة المباراة كانتا قاسيتين بما يكفي، زاد الطين بلة باقتحام المدرب ستراكان عالم الجنون من أوسع أبوابه بعد المباراة.
في الواقع، يعتبر رفض ستراكان الإقرار بمسؤوليته عن الأخطاء أو توجيه النقد للاعبيه عن إخفاقاتهم المتكررة أحد الأمور التي اعتاد الجمهور عليها، لكن إصرار المدرب على أن «الجينات» تلعب دوراً هائلاً في وقت تنتقل اسكوتلندا من أزمة لأخرى أثار الدهشة على نطاق واسع.
ودعونا الآن نتناول القضايا الأساسية التي قوضت فترة عمل ستراكان مع المنتخب الاسكوتلندي. في البداية لا يمكننا إلقاء نظرة على تناوله لمسائل تتعلق بعلم الأحياء.
في هذا الصدد، قال ستراكان: «من الناحية الفنية، نحن على ما يرام، لكن كان يتعين على لاعبينا العمل بجد أكبر للاستحواذ على الكرة في مواجهة لاعبين طوال القامة. أما من الناحية الجينية، فنحن في موقف متأخر. خلال منافسات التأهل لبطولة كأس العالم السابقة، كنا في المرتبة الثانية من حيث قصر القامة بعد إسبانيا. وهذا يعني أنه كان لزاماً علي اختيار فريق قادر على التصدي لقوة وطول قامة لاعبي الفريق المنافس. في الحقيقة، ثمة مشكلات أمامنا على الصعيد الجيني يجب إيجاد حل لها لأنها تخلق صعوبات أمامنا».
وأضاف: «يتعين علينا القتال بضراوة في كل كرة مشتركة والقفز لمسافة أعلى لأن هذه الأمور أكثر سهولة بالنسبة لهذا النمط من اللاعبين. من الناحية البدنية، نعاني مشكلة في مواجهة الفرق التي واجهناها على امتداد العامين الماضيين».
وبناءً على هذا التصريح، فإنه لا يسعنا سوى توجيه الرسالة التالية إلى مدربي الناشئين الاسكوتلنديين: «أمدونا بلاعبين يتميزون ببنى بدنية ضخمة وقوية وإلا سنبقى أسرى هذه المحنة إلى الأبد».
أما العبارة الأخيرة التي أدلى بها ستراكان، فمن المؤكد أنها كانت على سبيل المزاح، وإلا فإنه يلمح بذلك إلى اللجوء إلى «الاصطفاء الاصطناعي»، ذلك أنه قال: «ربما علينا وضع الرجال والنساء أصحاب القامات الضخمة معاً ونرى ما سيقدمونه».
الإسبان أصحاب قامات ضئيلة، أليس كذلك سيد ستراكان؟ في الواقع، يبلغ طول ستراكان نفسه 170 سم. ومع هذا، نجح في المشاركة في 50 مباراة دولية وأحرز أهدافا خلال بطولة كأس العالم ونال الكثير من الميداليات والجوائز داخل اسكوتلندا وإنجلترا. أما كيني دالغليش، فكان طوله 175 سم. ومثل ستراكان، كان يلعب في وقت كان بمقدور لاعبي الخصم مهاجمة لاعبي خط الهجوم على نحو أكثر حدة بكثير عما هو عليه الحال الآن.
الحقيقة أنه لدى تفحص المزيد من تعليقات ستراكان نكتشف افتقار الكثير منها إلى المنطق. والمؤكد أنها ستكون بمثابة صدمة كبيرة لشعوب آيرلندا الشمالية وويلز وجمهورية آيرلندا معرفة أن الاسكوتلنديين ينتمون إلى معين جيني أدنى، خاصة وأن جميع هذه الدول شاركت في بطولة «يورو 2016.» وجاء تأهل جمهورية آيرلندا من داخل ذات المجموعة التي تنتمي إليها اسكوتلندا. أما المنتخب الاسكوتلندي بقيادة ستراكان، فقد سقط على نحو مزري أمام منتخب جورجيا في مباراة تأهل حاسمة.
وخلال «العامين الماضيين» اللذين أشار إليهما ستراكان، لم تفلح اسكوتلندا سوى في تحقيق التعادل في وقت متأخر على أرضها أمام ليتوانيا، بينما تعرضت لهزيمة قاسية في غلاسجو. أما النتيجة التي حققتها إنجلترا خلال آخر مباراة خاضتها على استاد «هامبدين بارك» في يونيو (حزيران)، فيعود السبب وراءها إلى التركيز البشع وسوء إدارة المباراة من جانب المنتخب الاسكوتلندي، وليس بسبب طول قامة لاعبي الفريق أو قوتهم البدنية.
في ظل قيادة ستراكان، افتقرت اسكوتلندا إلى التنظيم والتوجيه، واللافت أن جهوده مع المنتخب غاب عنها أي نمط متناغم واضح. من يدري، قد يكون مدرب المنتخب الاسكوتلندي مشغولا للغاية بقياس أطوال لاعبيه ولم يجد وقتاً كافياً للتركيز في أمور أخرى.
الملاحظ أن مسيرة ستراكان تضمنت قرارات شخصية أثارت الحيرة والدهشة. على سبيل المثال، ضم إلى فريقه ليام كوبر (183 سم)، لاعب قلب دفاع وفي لياقة جيدة، للاستعانة به أمام سلوفاكيا وسلوفينيا. وقد يكون لمسألة أن تشارلي مولغرو أطول بنحو 10 سم عن كوبر دور في تفسير استعانة المدرب بالأخير البالغ 31 عاماً والذي يشارك حالياً في صفوف «بلاكبيرن روفرز» بدوري الدرجة الأولى الإنجليزي، مع الإبقاء على كوبر، لاعب «ليدز يونايتد» على مقعد البدلاء. وخلال المواجهة أمام سلوفاكيا، تجلت المشكلات التي ترتبت على الإبقاء على كيران تيرني (لاعب الظهير الأيسر البالغ طوله 172 سم) في الجناح الأيمن. ولم يكن ستراكان بحاجة إلى تحذير من التداعيات السلبية المحتملة لهذا القرار، فقد سبق أن تلقى تيرني إنذارا خلال اللحظات الأولى من مباراة الأحد وبدا واضحاً أنه يواجه صعوبة في التأقلم مع الدور الموكل إليه. في المقابل نجد أن جيمس فورست (178 سم) يبدو في أفضل حالاته على الإطلاق في صفوف «سلتيك»، ومع هذا لم يشارك أمام سلوفينيا. ومع أن المنتخب الاسكوتلندي يتمتع بخط وسط جيد بالفعل، تظل الحقيقة أن ستراكان ظل في منصبه رغم إخفاقه مرتين في التأهل لبطولة كأس العالم وعجزه عن الوصول إلى التشكيل الأمثل للمنتخب.
ولو أن أطوال قامات اللاعبين على هذه الدرجة من الأهمية أمام سلوفينيا وسلوفاكيا قبلها بأيام - فلماذا استعان ستراكان إذن بباري بانان مرتين رغم أن طوله لا يتجاوز 170 سم؟ وربما سعى ستراكان لتعويض ذلك من خلال الاستعانة بمات فيليبس البالغ طوله 185 سم، لكن هذا لم يفلح في الحيلولة دون جري الأخير في مختلف أرجاء الملعب على مدار 180 دقيقة دونما تأثير يذكر. من ناحية أخرى، أصر أعضاء بعينهم داخل المنتخب الاسكوتلندي علانية على ضرورة الإبقاء على ستراكان، رغم انتهاء فترة التعاقد معه. إلا أنه في المقابل ثمة من يتهمونه بالإخفاق في تنظيم صفوف الفريق - وجهة نظر لها وجاهتها بالنظر إلى فرص تسجيل الأهداف التي أهدرت أمام سلوفينيا.
جدير بالذكر هنا أن ستراكان أبلغ لاعبيه بقراره المفاجئ بالتحول إلى أسلوب لعب 4 - 4 - 2 قبيل انطلاق أهم مباراة لهم على امتداد عقد كامل بست ساعات فقط. والتساؤل هنا: ما الذي يكشفه مثل هذا الإجراء عن مستوى استعداد المدرب والفريق؟ واللافت أن ستراكان تخلى طواعية عن فرصة الاستعداد في أعقاب الفوز على سلوفاكيا مباشرة، وذلك عندما قال: «خلال اليوم التالي للمباراة، لا يمكن أن ينصت اللاعبون لأي شيء بخلاف: (أحسنتم صنعاً، كان أداؤكم عظيماً). إنهم منهكون للغاية».
في الواقع، إن مهمة ستراكان وفريق العمل المعاون له تكمن في ضرورة دفع اللاعبين إلى «الإنصات» لما يقولونه. في المقابل، فإن مدرباً مثل مايكل أونيل يحرص دوماً على معرفة لاعبي منتخب آيرلندا الشمالية أدق تفاصيل التشكيل الذي ينوي الاعتماد عليه في وقت مبكر قدر الإمكان، دون أن يأبه لإمكانية تسريب تفاصيل عن خطته.
من ناحية أخرى، فإنه على صعيد كرة القدم الدولية الحديثة، يتسم التشكيل الذي اختاره ستراكان في مواجهة سلوفينيا بالخطورة، ذلك أن لاعبي اسكوتلندا كانوا منتشرين على مساحة مفرطة الاتساع لدرجة أنهم أصبحوا مفتقرين إلى خيارات مناسبة فيما يتعلق بالاستحواذ على الكرة وأصبح من السهل على الفريق الخصم اصطياد لاعبي المنتخب فرادى.
على الجانب الآخر، نجد أن أونيل وآخرين نجحوا فيما لم يفلح فيه المنتخب الاسكوتلندي من خلال استغلال كل الأدوات الموجودة بأيديهم. ويكشف ذلك عن إدارة فاعلة لمهارات متوسطة المستوى، وليس عوامل جينية. وبعد إخفاقه مرتين في التأهل لبطولة كأس العالم، كان ضرورياً فض الشراكة بين الاتحاد الاسكوتلندي وستراكان، وعدم منحه الفرصة لاختلاق مزيد من الأعذار.


مقالات ذات صلة

رانييري مدرب روما عن سعود عبد الحميد: سريع… وسيتحسن كثيراً

رياضة سعودية رانييري يحفز سعود بعد هدفه (أ.ف.ب)

رانييري مدرب روما عن سعود عبد الحميد: سريع… وسيتحسن كثيراً

قال كلاوديو رانييري مدرب روما المنافس في الدوري الإيطالي لكرة القدم إن لاعب الفريق السعودي سعود عبد الحميد يتطور بشكل لافت والذي توج بتسجيله هدفه الأول.

نواف العقيّل (الرياض)
رياضة عربية فرحة لاعبي منتخب لبنان بأحد الهدفين في مرمى منتخب الكويت (الشرق الأوسط)

تحضيرات «خليجي 26»: الكويت تخسر من لبنان ودياً   

حقق منتخب لبنان فوزاً مثيراً على نظيره الكويتي 2-1 في المباراة الودية على ملعب «النادي الأهلي القطري»، ضمن استعدادات منتخب الكويت لبطولة «خليجي 26».

صفات سلامة (بيروت)
رياضة عربية الدكتور جورج كلاس وزير الشباب والرياضة اللبناني (الشرق الأوسط)

وزير الرياضة اللبناني: استضافة مونديال 2034 تجسيد للقيم السعودية «الثلاث» 

وجّه وزير الشباب والرياضة اللبناني، الدكتور جورج كلاس، تهنئة حارة إلى السعودية بعد نجاحها في الفوز بحق استضافة وتنظيم بطولة كأس العالم 2034.

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة عالمية جود بلينغهام (رويترز)

بلينغهام يعزّز فرص الريال لانتزاع الصدارة من برشلونة

منح تراجع برشلونة متصدر دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم الفرصة لريال مدريد لانتزاع قمة الترتيب؛ إذ ستتاح الفرصة لحامل اللقب لصدارة المسابقة لأول مرة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية مدينة مراكش المغربية ستستضيف حفل توزيع جوائز الأفضل في أفريقيا (كاف)

«كاف» يعلن القوائم النهائية المرشحة لجوائزه لعام 2024

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، الخميس، القوائم النهائية للمرشحين للحصول على جوائزه لعام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.