مواجهة انتخابية مرتقبة في زغرتا تعيد اصطفاف جبهتي 8 و14 آذار

TT

مواجهة انتخابية مرتقبة في زغرتا تعيد اصطفاف جبهتي 8 و14 آذار

تترقب الأوساط السياسية في شمال لبنان ما ستؤول إليه التحالفات في منطقة زغرتا، التي تلفها ضبابية كبيرة نتيجة الخلافات الكبيرة بين الحلفاء، خصوصاً بين «التيار الوطني الحر» الذي يترأسه وزير الخارجية جبران باسيل، و«تيار المردة» الذي يترأسه النائب سليمان فرنجية، فيما يعمل كل طرف على تسوية أوضاعه، وجذب أكبر عدد من المقترعين بغض النظر عن التحالفات.
وتعتبر منطقة زغرتا واحدة من أربع مناطق تشكل دائرة انتخابية واحدة في شمال لبنان، يتوزع فيها حجم التمثيل السياسي بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«تيار المردة» وعائلة معوض، إضافة إلى تمثيل سياسي لـ«الحزب السوري القومي الاجتماعي» وتيار «المستقبل» و«الكتائب»، فضلاً عن شخصيات مسيحية مستقلة تنتمي إلى «14 آذار».
ويتصاعد الحديث في زغرتا عن أن المستحيل في السياسة «قد يكسر من أجل مصالح آنية قد تفرّق بين الحلفاء، وتجمع خصوماً ما زال الاشتباك الكلامي بينهم مستمراً حتى هذه اللحظة».
وتقول أوساط «تيار المردة» في مجالسها الخاصة: «حتى الآن لا شيء معلوماً ولا أمر محسوماً». لكن الأكيد أن الأمور تتجه نحو التصعيد مع «التيار الوطني الحر»، وتترك الباب مفتوحاً أمام «حزب الله» للوساطة بين حليفيه، أو لترجيح كفة «المردة» عبر دعم حلفاء الحزب للتيار. ويعزز هذا التقدير، حديث الوزير السابق من «تيار المردة»، يوسف سعادة، الذي رمى الكرة في ملعب «حزب الله»، عندما قال في حديث تلفزيوني أخير، إن «أصوات (حزب الله) في الشمال ستكون معنا وهذا أمر منطقي»، في إشارة إلى «الحلفاء» من «الحزب السوري القومي» وغيرهم، مشيراً إلى أن «المطلوب أن يكون (حزب الله) حازماً مع (التيار الوطني الحر)، ولا نعتبر نفسنا كـ(مردة) مظلومين، ونحن وحلفاؤنا إن شاء الله إلى الأمام». كما لفت تلميح سعادة إلى الحسابات الرئاسية لمعركة زغرتا والشمال، متهماً «التيار الوطني الحر» بفتح المعركة، ومعلقاً: «لا نرى أن وزير الخارجية جبران باسيل منافس رئاسي لفرنجية». وعلى الرغم من تأكيد سعادة أن «العلاقة ممتازة مع (القوات اللبنانية)، إلا أن التحالف صعب»، وهو ما يوضحه مصدر في زغرتا مطلع على أحوال الحزبين، إذ يؤكد أن «المردة» لن يستطيع تخطي القاعدة الشعبية التي ما زالت تنفر حتى اللحظة من القواتيين، خصوصاً بعد حديث النائب ستريدا جعجع (اعتذرت عنه لاحقاً) الذي أعاد إلى الواجهة ملف مجزرة إهدن عام 1978. في هذا الوقت، يقول مصدر قواتي رفيع في منطقة زغرتا، إن اللقاء بين رئيس الحزب سمير جعجع وفرنجية بات قريباً جداً، إلا أن هدفه الوحيد طي صفحة الماضي إلى غير رجعة.
ويؤكد المصدر القواتي لـ«الشرق الأوسط»، أن اللقاء لن يتطرق إلى ملف الانتخابات النيابية «بل إلى الجرح الذي يجب إغلاقه فوراً. وقد لاحظنا تعاوناً كبيراً من قبل (المردة) في هذا الخصوص». وأضاف: «نحن حريصون على المصالحة الزغرتاوية أكثر من أي وقت مضى وملف (إهدن) يجب أن يقفل»، مشيراً إلى أن العلاقة بين أهل بشري (معقل القوات) وأهل زغرتا، جيدة. وعن التحالفات، قال المصدر نفسه إنه يرى إعادة تشكيل جبهتي 8 و14 آذار داخل زغرتا على الأقل، من دون أن يدخل في مصير التحالفات داخل البترون والكورة. وإعادة تشكيل الجبهتين، يقصد به تحالف «المردة» مع حلفاء من «8 آذار» وليس «التيار الوطني الحر» ضمنهم، بينما يتحالف «القوات» مع «آل معوض»، بانتظار أن ينضم «الحر» و«المستقبل» إلى أحد الحلفين، مما يعزز فوزه.
«حركة الاستقلال» التي يترأسها ميشال معوض - المنافس التاريخي لفرنجية - تتجنب الحديث عن الانتخابات، بانتظار عودة الأخير من زيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي ستليها زيارة أخرى إلى أستراليا في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) للقاء الجالية اللبنانية هناك.
ويقول مصدر في الحركة لـ«الشرق الأوسط»، إن المفاوضات مستمرة، ولم يتمخض عنها أي شيء حتى الآن، ونحن بانتظار عودة معوض حتى نبني على الشيء مقتضاه. وتجمع الأحزاب المسيحية الرئيسية في منطقة زغرتا على أن كل حزب يعمل وحيداً حالياً، وينافس بقوة، ويحشد في جميع الانتخابات، كي يجمع أكبر عدد من الأصوات في ظل القانون النسبي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.