يقول إدوين سموأل، المتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن كثيراً من الحكومات والمنظمات تستخدم منصات عربية للوصول إلى الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي «سواءً حكومات مثل الروس، أو منظمات إرهابية مثل (داعش)»، لكنه يرى أن الحكومة البريطانية تسعى إلى استخدام أفضل»، مضيفاً: «نحن من أوائل الحكومات التي استخدمت الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الجمهور، وندرك الآن أنه يوجد الكثيرون الذين يستخدمون هذه الوسائل بشكل مكثف».
ويجزم المتحدث أن «الدبلوماسي المعاصر عليه أن يتواصل مع شرائح مختلفة من المجتمع»، مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني، إلى إيمان حكومته بأن الحوار لا يمكن أن يقتصر على أن يكون بين الحكومات وحسب، بل بين الشعوب أيضاً، و«نحن نتيح المجال أثناء النشر على الوسائط الحديثة للناس لكي يعبروا عن آرائهم»
ومع تنامي عدد المتابعين لحسابات الحكومة البريطانية باللغة العربية في وسائل التواصل الاجتماعي، يقول إدوين: «نحاول عبر المدونة والمنصات الأخرى توفير معلومات حول موقف الحكومة البريطانية من التطورات البارزة في المنطقة، وكذلك نشر آراء دبلوماسيين بريطانيين حول العلاقات مع دول المنطقة. يوجد تنوع كبير في المحتوى»، كما يقول المتحدث: «على سبيل المثال هناك تقارير عن الملفات الساخنة في المنطقة مثل سوريا، واليمن، وليبيا، والعراق، وكذلك توجد قصص صحافية حول (مثلاً) المسلمين في الجيش البريطاني، ورمضان في بريطانيا».
معلومة حكومية لكن جذابة
أبرز التحديات التي واجهها الفريق البريطاني باللغة العربية قبل وبعد إطلاق المنصة والحسابات العربية للحكومة، يلخصها سموأل بالقول إن المحتوى «هو حجر الأساس في نجاح المنصات، فضلاً عن فهمنا العميق للجمهور المتنوع في المنطقة»، وزاد: «أعتقد أنه يوجد جمهور يتجاهل المحتوى الذي ننشره، لأنه يقوم على الحقائق بدلاً من العناوين المثيرة، أو لأنه يأتي من حكومة، وبالتالي يشكك في المعلومات الحكومية، ولعلهم على حق، لكن أود أن أتطلع لرؤية المزيد من المحتوى، وهو يُؤخذ على محمل الجد، إذا ما تمت مقارنته مع مصادر أخرى للمعلومات، لذلك التحدي بالنسبة لنا هو أن يبقى المحتوى مثيراً للاهتمام، وذا مصداقية، فالصحافيون والمؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أولئك الذين ليسوا مهتمين بالسياسة، مهمون بالنسبة لنا للوصول إلى هذا الهدف، حيث يمكنهم المساعدة في إبقاء محتوانا متجدداً أثناء تقديمه للجمهور».
الطموح والمحتوى
بسؤاله عن الطموحات بعد إطلاق المنصة العربية وتشغيلها، أجاب المتحدث بالقول: «نراقب بشكل مكثف المنصات التي نطلقها وحجم التواصل معها، وبناء على ذلك نقرر كيف يمكن أن نطورها ونعززها بمزيد من التطوير التقني، وكذلك المحتوى المتنوع. المنصة ليست من أجل الحصول على المنصة وحسب، بل ندرك أن مخاطبة الجمهور في هذا القرن تحتاج إلى أدوات متطورة وحديثة، ولغة واضحة ومتطورة... إذا استخدمنا لغة ركيكة ودعائية على منصات متطورة وحديثة، فنحن عملياً لا نحقق أي تقدم في مجال الدبلوماسية الرقمية، بل سوف تنهار، ولذلك نتفادى ذلك محاولين (أنسنة) المحتوى قدر الإمكان عبر التواصل مع الناس عن قرب وفهم قضاياهم بشكل أعمق».
ويشدد على أن الهدف يتمثل في «تعزيز التواصل مع الجمهور العربي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإيصال المحتوى العربي الصادر عن حكومتنا إلى كل الجمهور عبر منصات متنوعة ومتعددة. الخارجية البريطانية بالعربية موجودة على (تويتر) و(فيسبوك)، ومنصة التدوين، كذلك يوجد حساب لي بالعربية كمتحدث باسم الحكومة في المنطقة، فضلاً عن حسابين على (سناب شات) و(إنستغرام) مخصصين للجمهور في الخليج».
تفاعل الجمهور
هل تتفاعل المنصة مع وسائل الإعلام فقط أم الأفراد أيضاً؟ أجاب سموأل على ذلك بقوله: «يمكن للجميع ترك تعليقات على المدونة، وقد كنا حريصين أثناء إطلاق المدونة أن نشرك الجمهور، من خلال ترك مساحة لهم للتعليق على جميع الأخبار والآراء التي ننشرها على المدونة. وقد أصبحت المدونة وكذلك شبكات التواصل الاجتماعي التابعة للخارجية البريطانية بالعربية مصدراً تستقي منه وسائل الإعلام آخر المعلومات بخصوص موقف الحكومة البريطانية من الملفات الرئيسية في المنطقة. لذلك نعم التفاعل مهم جداً، وبرأيي التفاعل مع منصات الخارجية البريطانية قوي جداً، وأود أن أشير هنا إلى أننا لا نقوم بحملات مدفوعة للترويج لمحتوانا... عندما أنشر تغريدة على (تويتر) أو صورة على (إنستغرام) أفكر بالجمهور المستهدف من الناس العاديين وليس وسائل الإعلام، لأن لدينا وسائل أخرى لإيصال المعلومات إلى مختلف وسائل الإعلام في المنطقة».
وأضاف: «طموحنا أن نحقق المصداقية دائماً في أخبارنا. في عصر تنتشر فيه الأخبار المزيفة بشكل كبير، قد يبدو لافتاً أن الكثير من القراء ووسائل الإعلام العربية يأتون إلى الحكومة البريطانية للحصول على حقائق دقيقة، فيما بعض الحكومات الأخرى أقل التزاماً بالحقائق. هذا يجعل قصصنا وأخبارنا أقل إثارة، ولكنها تحتفظ بعنصر أساسي في التواصل وهو المصداقية، كذلك أطمح، من خلال التحدث نيابة عن الحكومة البريطانية، مع الناس وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن القيم العالمية التي هي القيم البريطانية المتمثلة في الانفتاح وقبول الآخر، ففي هذا الوقت عندما تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي، من المهم أن نسلط الضوء على موقف المملكة المتحدة كلاعب دولي يقوم بدور كامل».
المنصة المناسبة
تركز المنصة البريطانية باللغة العربية حالياً على مواقع «تويتر» و«فيسبوك»، فضلاً عن «يوتيوب» و«سناب شات» و«إنستغرام»، «ولقد بدأت باستخدام (سناب تشات) عندما يكون هناك حدث مثل رحلة إلى بلد ما، لكن أفضل (إنستغرام)، وكما يقول الصينيون الصورة بألف كلمة، وأنا أحبّ استخدام الصور مع تعليق للتعبير عن فكرة تمثل المملكة المتحدة مثل القيم الإنسانية، كالتسامح والانفتاح، وأعتقد أن المستخدمين العرب على وسائل التواصل يفضلون مخاطبتهم أكثر من الكتابة، لذلك أقوم بتسجيل مقاطع فيديو ونشرها عندما يوجد حدث مهم مثل الأعياد».
فريق صغير بأهداف كبيرة
تعمل معظم الفرق الإلكترونية للنشر عادة بعدد كبير من المحررين والمصممين، لكن المنصة البريطانية باللغة العربية فريقها «صغير»، وهو ما يصفه المتحدث باسم الخارجية البريطانية في منطقة الشرق الأوسط بأنه أمر قد يكون «مفاجئاً»، ويتابع: «لكننا نحاول تركيز جهودنا من خلال إنتاج محتوى جديد للراغبين في معرفة المزيد وأولئك الذين يمكن أن يكونوا شركاء من أجل السلام، عبر جهود مكثفة ومركزة... لدينا 212 ألف متابع على حساب الخارجية البريطانية بالعربية على «تويتر»، ونحو 40 ألفاً على حسابي كمتحدث باسم الحكومة في المنطقة، كما يوجد لدينا 140 ألف متابع على صفحات (فيسبوك) باللغة العربية». ويعلق قائلاً: «وصول عدد المتابعين على حسابي على «تويتر» إلى 40 ألفاً يعجب الكثير من الأصدقاء، ولكني فخور بالطريقة التي ينخرط فيه الجمهور معي بعناية على «تويتر»، وكذلك تنوع الفئة العمرية من أولئك الذين ينتمون إلى الشباب وإلى كبار السن والأغنياء والفقراء.
أود أن أرى أعداداً أكبر من المشاركات من شمال أفريقيا التي هي في غاية الأهمية للمملكة المتحدة، ونشعر أنه يمكن أن نفعل المزيد هناك عبر التحدث إلى الجمهور، وما يثير قلقه خصوصاً في ضوء ما حصل في ليبيا». وزاد: «بالتأكيد عدد اللايكات والمتابعين مهم لكن الأكثر أهمية هو حجم مشاركة الجمهور وانخراطه فيما ننشره، فمثلاً انخراط جمهور سوري قليل بأفكار ننشرها حول إعادة توحيد سوريا أو تعلم اللغة الإنجليزية لدى المجلس الثقافي البريطاني يبدو أكثر أهمية. وفي بعض الأحيان تعليق سلبي يظهر التأثير الذي حققناه، ويشجعني كمتحدث باللغة العربية على التواصل مع لندن بخصوصه، وبحث كيف يمكن أن نطوّر خطابنا في مجال محدد».