ناقش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مشروع قرار لمحاسبة المسؤولين عن هجوم بالسارين في أبريل (نيسان) الماضي بعد تقرير يتهم الحكومة السورية بارتكاب الهجوم الذي أودى بحياة العشرات. واعتبرت فرنسا، الجمعة، أن انعدام المحاسبة أمر «غير مقبول»، في وقت أشارت موسكو إلى «معلومات متضاربة» في التقرير الدولي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن تقرير خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة هو «تأكيد للانتهاكات الخطيرة للنظام السوري» الذي التزم في 2013 تفكيك أسلحته الكيماوية.
وأضاف أن «الإفلات من العقاب غير مقبول. فرنسا تواصل العمل مع شركائها في نيويورك ولاهاي من أجل الخروج بخلاصات عملية من التقرير، وتحديد الطريقة الأمثل لمعاقبة المسؤولين عن هذه الهجمات ومكافحة انتشار الأسلحة الكيماوية».
وأكد لودريان أن لجنة التحقيق الخاصة بهجوم خان شيخون والمؤلفة من خبراء في الأمم المتحدة ومنظمة الحظر يجب أن تتمكن من «مواصلة عملها. لقد برهنت مجدداً أهميتها ومهنيتها في منهجية التحقيق. يجب أن تواصل توثيق حالات استخدام الأسلحة الكيميائية، أيا كان مرتكبوها سواء كانوا دولا أو غير دول».
لكن موسكو نددت بوجود «عناصر متضاربة» تضمنها تقرير اللجنة، وهي تهدد على مستوى آخر برفض تجديد مهمة الخبراء في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وقالت موسكو إن التقرير يتضمن «عناصر متضاربة» كثيرة و«شهادات مشكوك بصحتها».
ووصفت وزارة الخارجية الروسية التقرير الذي حمل النظام السوري المسؤولية عن الهجوم الكيماوي على مدينة خان شيخون، بأنه «تقرير منحاز غير حيادي»، وأكدت استعدادها لتقديم اقتراحات حول كيفية إجراء التحقيق بما يضمن نزاهة وحيادية ومهنية التقارير. وقال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، في حديث أمس لوكالة «إنتر فاكس» إن الجانب الروسي، وبعد قراءة أولية للتقرير كشف عن «العديد من التناقضات وتضارب واضح، واستخدام شهادات مشكوك بصحتها وأدلة غير مؤكدة». وكانت روسيا عملياً الدولة الوحيدة العضو في مجلس الأمن الدولي التي رفضت التقرير بعد صدوره، هذا فضلاً عن الصين التي اكتفت بالتأكيد على ضرورة أن تكون أي استنتاجات مبنية على حقائق مؤكدة لا جدال حولها. وجاء التشكيك الروسي بالتقرير وآليات عمل لجنة التحقيق بعد أن أكد فرحان حق، الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن الأخير عبر عن ثقته بمهنية وحيادية لجنة التحقيق الدولية المشتركة في الهجمات بالسلاح الكيماوي في سوريا.
وقال ريابكوف إن روسيا باشرت في تحليل شامل للتقرير، ووعد بتقديم تقييم موسع له في أقرب وقت، ولفت إلى أنه بعد القراءة الأولية كانت «واضحة العيوب في المنهجية التي تستخدمها آلية التحقيق المشتركة وبعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية». وقال إن الآلية استخدمت قاعدة أدلة مثيرة للشكوك بسبب عدم حيادية مصدرها، وعدم مراعاة شروط جمع وتخزين الأدلة المادية، وفق ميثاق حظر الأسلحة الكيماوية. واتهم بعض الدول بإثارة «هستيريا» حول التقرير، وتسييس استنتاجاته لخدمة أهدافهم الخاصة، وقال إن «تلك الهستيريا تشير إلى أمر واحد، وهو أن حكومات الدول التي أثارت الهستيريا لا يستطيعون التعايش مع فكرة أن روسيا تقف في وجه تنفيذهم لمخططاتهم البعيدة في سوريا، التي لا تمت بأي صلة للكشف عن الحقيقة حول الأحداث المأساوية باستخدام مواد سامة». وأكد ريابكوف نية روسيا تقديم اقتراحات حول تدابير وخطوات محددة قال إنها «ترمي إلى تصويب جذري» للتحقيق في الهجمات بالسلاح الكيماوي في سوريا، واصفاً الوضع الحالي للتحقيق بأنه «وضع لا يحتمل»، وأشار إلى أن اقتراحات الجانب الروسي «ستضع التحقيق على أرضية متينة، موثوقة، لا تخضع لأي ظروف ذاتية».
وفي الجهود السياسية لتسوية الأزمة السورية، أعلنت وزارة الخارجية الكازاخية، في بيان رسمي، أمس، أن جميع الأطراف المنخرطة في عملية أستانة أكدت مشاركتها في لقاء «أستانة - 7» المتوقع يومي 30 - 31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وأوضحت الوزارة في البيان أن «اللقاء المرتقب يهدف إلى الحفاظ على النتائج التي تم تحقيقها في مجال تثبيت نظام وقف الأعمال القتالية في سوريا، وكذلك تعزيز الجهود في إطار الدفع قدماً نحو استقرار الوضع في البلاد في مرحلة الانتقال نحو التسوية السياسية للأزمة». وكانت مصادر مقربة من التحضيرات للقاء أستانة المقبل أكدت أن المشاركين سيبحثون ملفات إنسانية، وفي مقدمتها ملف المعتقلين والمخطوفين، بهدف تبني خطوات لتعزيز الثقة بين الأطراف السورية المتنازعة.
وفي سوريا، قال المركز الروسي في حميميم إنه أجرى مفاوضات مع قادة 11 فصيلاً مسلحاً من فصائل المعارضة المعتدلة في منطقة القلمون الشرقي، وأكد أنهم وافقوا على الذهاب إلى دمشق، لعقد جلسة مفاوضات مع ممثلين عن النظام السوري غداً الأحد 29 أكتوبر (تشرين الأول)، لبحث شروط المصالحة. وقالت وكالة «ريا نوفوستي» إن العسكريين الروس اتفقوا مع النظام السوري على نظام أكثر ليونة خلال التفتيش عند الحواجز على المواطنين القادمين من القلمون الشرقي، وأكد سيرغي فولودين ممثل «مركز المصالحات الروسي في حميميم» أن المركز ينسق عملية المفاوضات بين الجانبين، ويلعب دور الضامن لأمن جميع المشاركين فيها.
ويقول الجانب الروسي إن الفصائل التي وافقت على المفاوضات مع النظام للمصالحة، تضم أكثر من ألفي مسلح، وتسيطر على 5 مدن كبيرة في القلمون، يعيش فيها نحو 200 ألف نسمة. وحسب «روسيا اليوم» يمكن للمسلحين بعد المصالحة، الانضمام إلى القوات الرديفة للجيش السوري بعد أن يشملهم العفو الحكومي.
في شأن متصل، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن درونات الاستطلاع تضمن مراقبة مستمرة على مدار الساعة للوضع في سوريا، وهي تنفذ أكثر من ألف طلعة في الشهر، ما يعني زيادة الطلعات مرتين ونصف مقارنة بعام 2015. وأشار في تصريحات أمس إلى أنه تم استخدام هذه الطائرات 16 ألف مرة منذ بدء العملية العسكرية الروسية في سوريا مع ساعات طيران إجمالية بمقدار 96 ألف ساعة. وقال سيرغي شويغو إن التجربة السورية تدل على أن دور المجمعات الروبوتية التقنية ازداد وتعاظم فعلاً في الحروب الحديثة والنزاعات المسلحة. وأعلنت روسيا أكثر من مرة، خلال العامين الماضيين، عن أخبار أنواع جديدة من أسلحتها في سوريا، بما في ذلك اختبار روبوتات خاصة لاقتحام المواقع المحصنة التي يصعب على الأفراد التقدم نحوها.
وكان الجنرال فاليري غيراسيموف قال في وقت سابق إن «روسيا تسعى لأن تجعل المعركة أوتوماتيكية بالكامل، وربما سنشهد قريباً جماعات روبوتية تخوض المعركة بشكل مستقل». وأكدت مواقع إخبارية روسية استخدام القوات الروسية للروبوتات في معارك عدة، بينها معركة الهجوم على برج سيرتل.
دول غربية تريد محاسبة المسؤولين عن استخدام {الكيماوي}
باريس تؤكد مسؤولية النظام السوري... وموسكو تتحدث عن «عناصر متضاربة» في التقرير الدولي
دول غربية تريد محاسبة المسؤولين عن استخدام {الكيماوي}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة