مخاوف من سيطرة شركات موالية للحوثيين على اقتصاد ما بعد الحرب

TT

مخاوف من سيطرة شركات موالية للحوثيين على اقتصاد ما بعد الحرب

كشفت تسريبات لأعضاء في الحكومة الانقلابية، عن سيطرة نحو 21 شركة وشخصية مقربة مما يعرف بـ«أنصار الله»؛ الميليشيات الحوثية، على جميع مفاصل الاقتصاد الوطني في المدن التي تقبع تحت حكم الانقلابيين (إقليما تهامة وآزال)، وتحكم بعض هذه الشركات قبضتها على سوق النفط والغاز وتسيطر على عوائد ميناء الحديدة.
وذكر مختصون في قطاعي الاقتصاد والحقوق، أن تسريب أعضاء في الحكومة الانقلابية أسماء هذه الشركات والشخصيات لجهات إعلامية، مؤشر على حجم الفجوة بين هذه القيادات، لعلمها بما تتحكم به هذه الشركات على جميع الخدمات التي تقدم للمواطنين، وفي مقدمتها الكهرباء والماء التي تعتمد على مشتقات النفط، إضافة إلى تجارتها في العملة، وقطاع العقار الذي أصبح تسيطر عليه هذه الشركات وبشكل كبير.
وحذر المختصون، أثناء حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، من مغبة نمو هذه الشركات وزيادتها في الفترة المقبلة، التي سيصبح من الصعب على الحكومة الشرعية بعد انتهاء الحرب السيطرة عليها، بعد أن أبعدت الشركات القطاع الخاص التقليدي أو الحكومي الذي كان قبل نشوب الحرب يقدم هذه الخدمات.
وقال مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن لـ«الشرق الأوسط»، إنه في مراحل الحروب يتراجع نشاط القطاع الخاص التقليدي والشركات الكبرى التي تسيّر الوضع الاقتصادي، وينشأ في هذه الفترة قطاع طفيلي يعرف بـ«الشركات الناشئة عن الحروب»، وهو عبارة عن تزاوج ما بين زعماء الحرب، وقطاعات اقتصادية معينة، وهي تستفيد من أجواء الحرب، كما أنها تستقوي بعناصر نافذة في المناطق التي يسيطر عليها قادة الحرب، لافتا إلى أن هذه الظاهرة مرتبطة بشكل مباشر بالحرب، وهناك استفادة متبادلة ما بين هذه الشركات وما ينفق على الحرب، ويستفيد منه قادة الحرب من أموال جراء استمرار هذا النشاط.
وحذر نصر من طول أمد الحرب، «فكل يوم يمر، تزداد فيه عدد هذه الشركات، ويزداد حجم الاستفادة المالية، مع زيادة كمية استيراد المشتقات النفطية، إضافة إلى أن جميع القطاع الخاص يدفع ما يفرض عليه سواء كان قطاعا تقليديا أو طفيليا نشأ في ظل الحرب، وهذا يدر دخلا لاستمرار المعركة ويستفيد منه الانقلابيون». واستطرد أنه مقارنة بالنشاط الاقتصادي، فإن 70 في المائة من السكان في المناطق التي يسيطرون عليها، ويعد ذلك نشاطا اقتصاديا كبيرا، إضافة إلى أن أرقام الحاويات ومشتقات النفط، تكشف الحجم المهول لهذه التجارة ذات العوائد المالية الكبيرة، لأن نسبة الاستفادة من فارق شراء المشتقات وغيرها كبيرة، وهناك «لوبي» يعمل على ذلك ويستفيد من تلك العمليات.
وقال، إن هذا الاقتصاد الطفيلي سيكون في مرحلة متقدمة مع عودة الأمور إلى نصابها، اقتصادا بديلا للقطاع الخاص التقليدي وبديلا للحكومة، أي أننا بعد الحرب سنشهد شركات وتكتلات اقتصادية ستكون أقوى من الحكومة وستقدم جميع الخدمات وبسعر القطاع الخاص التقليدي، وهي التي ستستفيد من هذه الأزمة، لافتا إلى إن استمر هذا النمو لا يمكن السيطرة على هذا الاقتصاد مع طول فترة الحرب.
وأشار نصر، إلى أنه رغم ما يعيشه غالبية الشعب اليمني في تلك المناطق، فإن هناك أرباحا كبيرة لهذه الشركات الطفيلية من المشتقات النفطية، ومن تجارة العملة والعقارات وهي تجارة منتعشة، ومن الصعب الحديث عن 20 مليون مواطن يحتاجون للمشتقات النفطية يوميا، إضافة إلى أن هناك منظمات دولية تعمل في جميع المدن اليمنية تنفق أكثر من 1.3 مليار دولار في أقل من عام واحد، وجزء كبير من هذه الأموال يذهب لشراء المشتقات النفطية والتنقلات، وفي المجمل الأرباح كبيرة جدا لهذه الشركات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.