قوات النظام تقلّص مناطق «داعش» في دير الزور

التنظيم أعدم 116 مدنيا في القريتين

TT

قوات النظام تقلّص مناطق «داعش» في دير الزور

صعّدت قوات النظام والميليشيات الموالية عملياتها العسكرية في مدينة دير الزور، وقلّصت سيطرة «داعش» في المدينة إلى حدّ كبير، مستفيدة من غطاء جوي كثيف وفرته الطائرات الحربية الروسية والسورية، التي تسببت غاراتها بمجزرة ذهب ضحيتها مدنيون بينهم أطفال، فيما امتدت المعارك إلى محاور واسعة في ريف دير الزور، لا سيما عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات. وأعلن عن إعدام التنظيم أكثر من 116 مدنياً في مدينة القريتين في ريف حمص بتهمة العمالة للنظام وذلك قبل يومين من سيطرة الأخير على المدينة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن «الطائرات الروسية وطائرات النظام، استهدفت الأحياء الواقعة تحت سيطرة (داعش) في مدينة دير الزور، ما أدى إلى وقوع مجزرة ذهب ضحيتها مدنيون من عائلة واحدة، بينهم أربعة أطفال أشقاء». وقال المرصد، إن «الغارات المكثفة على المدينة، جاءت بالتزامن مع استمرار اشتباكات متفاوتة الحدّة، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من من جهة، وعناصر (داعش) من جهة أخرى، على محاور القتال داخل المدينة، وذلك في سياق محاولة النظام تقليص سيطرة التنظيم وإنهاء وجوده فيها».
وكان النظام، دفع بتعزيزات جديدة إلى دير الزور، بقياد العميد سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، الذي يقود العمليات في محافظة دير الزور، وذلك بغية السيطرة على كامل مدينة دير الزور، بعدما تمكن من توسيع سيطرته لتبلغ نحو 90 في المائة من مساحة المدينة، حيث أحكم قبضته على أحياء الكنامات، الخسارات، المطار القديم ونصف حويجة كاطع، تحت غطاء ناري كثيف للصواريخ والمدفعية الثقيلة والطائرات الحربية.
وأعلنت وكالة الأنباء الألمانية أن «مساحة سيطرة تنظيم داعش تراجعت إلى ثمانية في المائة من إجمالي مساحة الأراضي السورية، بعدما كان يسيطر منتصف عام 2015 على أكثر من نصف مساحة البلاد». وقالت الوكالة الألمانية «يتبقى للتنظيم أقل من واحد في المائة من المناطق المأهولة».
وفي ريف دير الزور أيضا، دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والميليشيات التابعة لها، وبين عناصر تنظيم داعش في الريف الشرقي للمحافظة، خصوصاً على الضفاف الشرقية المقابلة لمطار دير الزور العسكري، وتركزت المعارك في بلدة خشام حيث شنّ التنظيم هجوماً معاكساً، استعاد خلاله السيطرة على أجزاء منها، وأجبر قوات النظام على التراجع، فيما عاودت الأخيرة التقدم في البلدة. في موازاة ذلك، نفذت الطائرات الحربية غارات استهدفت مناطق في مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، كما قصفت طائرات يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي جسراً على قناة الري في بادية الشحيل، ما تسبب بدمار فيه.
أما على الجبهة الجنوبية الشرقية لدير الزور، دارت معارك بين قوات النظام والتنظيم، على محاور بادية المحافظة، بالقرب من الحدود الإدارية لمحافظة حمص. وقال ناشطون إن الاشتباكات «تركزت بين الجانبين في محيط المحطة الثانية، وتواصلت المعارك طوال اليوم (أمس)، في محاولة من النظام للتقدم والسيطرة بشكل فعلي على المحطة الثانية، التي ترصدها نارياً منذ أسابيع». وأوضحوا أن «المواجهات العنيفة بين الطرفين، تترافق مع قصف عنيف ومكثف من قبل قوات النظام على محاور القتال»، لافتين إلى أن «النظام وحلفاءه يحاولون تعزيز تواجدهم في هذه المنطقة، بعد سلسلة الهجمات التي تعرضت لها قواته من قبل التنظيم، والتي تكبدت خلالها خسائر بشرية ومادية كبيرة».
في هذا الوقت، أفاد «المرصد» بإعدام «تنظيم داعش أكثر من 116 مدنياً في مدينة القريتين في ريف حمص بدافع الانتقام، متهماً إياهم بالعمالة لقوات النظام، وذلك خلال سيطرته على المدينة التي امتدت لعشرين يوماً». وأوضح رامي عبد الرحمن مدير «المرصد»، لـوكالة الصحافة الفرنسية أن «السكان وجدوا الجثث في منازل وشوارع المدينة، ومناطق أخرى فيها بعد سيطرة قوات النظام عليها»، مشيراً إلى أنه «تم إعدامهم بالسكين أو بإطلاق الرصاص عليهم». وأضاف أن «غالبية القتلى جرى إعدامهم خلال اليومين الأخيرين التي سبقت سيطرة قوات النظام على المدينة، وأن بعض السكان شهدوا على عمليات الإعدام».
وسيطر تنظيم داعش في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي على مدينة القريتين في ريف حمص الشرقي، في هجوم مباغت بعد أكثر من عام على طرده منها. وبعد عشرين يوماً، تمكنت قوات النظام بدعم جوي روسي السبت الماضي من استعادة السيطرة على المدينة بعد محاصرتها ثم انسحاب باقي عناصر التنظيم المتطرف منها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».