موسكو قلقة على مبادراتها من سياسة ترمب الجديدة

تستعد لعقد «مؤتمر الشعوب» في حميميم الشهر المقبل

TT

موسكو قلقة على مبادراتها من سياسة ترمب الجديدة

عبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن قلقه إزاء السياسة التي تنوي الولايات المتحدة اعتمادها في سوريا في مرحلة «ما بعد تحرير الرقة»، واتهم القوات الأميركية بممارسات كانت ترمي إلى عرقلة تقدم قوات النظام في دير الزور. وأكد أن الاتصالات مع الأميركيين مستمرة، عبر قنوات وزارة الدفاع وعبر القنوات الدبلوماسية، حول الوضع في سوريا. وقال مصدر إن موسكو، التي تستعد لعقد «مؤتمر الشعوب السورية» وخطوات أخرى في سوريا، تخشى من تأثير معطل لجهودها قد تلعبه السياسة الأميركية الجديدة في سوريا. وأكد وائل ميرزا، القيادي في «قوات سوريا الديمقراطية»، أن 1500 شخصية سيشاركون في «مؤتمر الشعوب» الذي سينعقد في ما بين 7 و10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في مطار قاعدة حميميم الروسية في سوريا.
وقال وزير الخارجية الروسي في تصريحات أمس إن كثيرا من الأسئلة تظهر لدى موسكو عند سماعها عن خط سياسي جديد تنوي الولايات المتحدة اعتماده في سوريا، ويشمل «تأسيس مجالس محلية على أراضي سوريا»، وأكد أن «هذا الأمر يثير لدينا تساؤلات، وقمنا بتوجيهها إلى واشنطن»، وعبر عن أمله في الحصول على إجابات «نزيهة ومفهومة». كما اتهم لافروف الولايات المتحدة بـ«أمور غريبة بمناطق سيطرتها في سوريا»، وقال إن مقاتلي «داعش» تمكنوا من العبور من تلك المناطق نحو دير الزور للتصدي لقوات النظام السوري.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن عقب تحرير الرقة من «داعش» الانتقال إلى مرحلة جديدة في سوريا تكون الولايات المتحدة منخرطة فيها، وقال في بيان صدر عن البيت الأبيض إن الانتصار الذي حققته «قوات سوريا الديمقراطية»، ينبئ بالانتقال قريبا إلى «مرحلة جديدة» في سوريا. وأضف ترمب في البيان: «سننتقل قريبا إلى مرحلة جديدة سنعمل خلالها على دعم القوى الأمنية المحلية وخفض العنف في أنحاء سوريا وتهيئة الظروف لسلام دائم، لكي يتعذر على الإرهابيين العودة إلى تهديد أمننا المشترك مجددا». وأكد: «سندعم مع حلفائنا وشركائنا مفاوضات دبلوماسية تضع حدا للعنف وتسمح للاجئين بالعودة إلى ديارهم بأمان، وتؤدي إلى انتقال سياسي» في سوريا.
وتخشى روسيا من أن تؤدي «المرحلة الجديدة» التي يتحدث عنها ترمب إلى خلق واقع يعرقل تنفيذ المبادرات الروسية في سوريا، بحسب مصدر مطلع من موسكو في حديث لـ«الشرق الأوسط»، وأضاف: «تسعى روسيا حاليا إلى عقد مؤتمرات في قاعدة حميميم الشهر المقبل، ومنها (مؤتمر الشعوب) الذي اقترحه الرئيس بوتين»، ويضيف المصدر أن «موسكو تعلق كثيرا من الآمال في هذا السياق على العمل مع الدول الضامنة، لضمان أوسع مشاركة في المبادرات المرتقبة الشهر المقبل». وقال: إن «الجانب الروسي لا يخشي من عرقلة أكراد سوريا المؤتمر، وهناك اتصالات دائمة معهم بما يضمن مشاركتهم»، موضحا أن ما يستدعي قلق موسكو بصورة خاصة «أن تدفع واشنطن بسرعة نحو ظهور واقع جديد ممثل بمناطق خارج سيطرة النظام وخارج تأثير الضامنين؛ التركي والإيراني، يهدد بفشل تلك الجهود، أو على الأقل لن يسمح بتمثيل شامل للسوريين، وفي أسوأ الأحوال هناك مخاوف في موسكو من أن تؤدي السياسة الأميركية إلى خلق بؤرة معارضة جديدة متشددة في طرحها السياسي للحوار مع النظام، مما يعني عودة التعقيدات إلى جهود التسوية». وأكد المصدر أن موسكو تعمل عبر قنوات الاتصال مع الأميركيين ومع دول أخرى للحصول على «مباركة» دولية لما تقوم به، وأشار في الختام إلى أن «موسكو تتوقع أن تنطلق جهود التسوية السورية خلال الشهر المقبل على أكثر من منصة؛ في آستانة لحل مسائل تتعلق باستعادة الثقة بين الأطراف، وفي جنيف لبحث الملفات السياسية في التسوية، وفي حميميم، وربما منطقة أخرى في سوريا، لخلق واقع في الداخل السوري، يكون مصدر دعم ودفع لجهود التسوية، وفي الوقت ذاته يتناسب مع الحل المرتقب للأزمة».
وفي التحضيرات لعقد «مؤتمر الشعوب السورية»، تعول روسيا بصورة خاصة وكبيرة على ما تطلق عليها «لجان مصالحة في مناطق خفض التصعيد». وتقول إنها لجان تضم ممثلين عن المعارضة، بينما تنفي المعارضة مشاركتها في أي لجان. وهي تتوافق في هذه الرؤية مع النظام السوري الذي رحب على لسان وزير إعلامه رمزي ترجمان بالدعوة الروسية لعقد «مؤتمر الشعوب». وقال ترجمان لوكالة «ريا نوفوستي» إن دمشق، وفي سياق عملية المصالحات الوطنية، ترحب بفكرة «مؤتمر الشعوب» في حميميم، وقال إن مسائل التسوية السورية يجب أن تحل في سوريا وليس في جنيف أو آستانة.
في الشأن ذاته، أكد وائل ميرزا، العضو في الجناح السياسي لـ«سوريا الديمقراطية»، أنه تسلم دعوة للمشاركة في المؤتمر، وقال إن «1500 شخصية من جميع المحافظات ومن كل مكونات الشعب السوري سيشاركون في المؤتمر المتوقع انعقاده في ما بين 7 و10 نوفمبر» المقبل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».