ارتباك في تبريرات وزير حوثي دعا لغلق المدارس وتجنيد الأطفال

مسؤولة في «يونيسيف» لـ «الشرق الأوسط»: الطفل مكانه المدرسة وليس الجبهة

أطفال يحملون أسلحة في صنعاء (غيتي)
أطفال يحملون أسلحة في صنعاء (غيتي)
TT

ارتباك في تبريرات وزير حوثي دعا لغلق المدارس وتجنيد الأطفال

أطفال يحملون أسلحة في صنعاء (غيتي)
أطفال يحملون أسلحة في صنعاء (غيتي)

ارتبك وزير حوثي دعا إلى تجنيد الأطفال بإغلاق المدارس، بنشر تبريرات وحذف أخرى، تعليقاً على الانتقادات الحادة التي تلقاها جراء مناداته المثيرة للجدل.
وقال حسن زيد، الوزير في حكومة الانقلاب غير المعترف بها دولياً، إنه لم يتصور أن تتناول تصريحَه جريدة دولية كبيرة مثل الـ«غارديان»، وأقر بأنه عدل مما سماه «تبريراً» لتصريحه.
وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية الشرعية الدكتور محمد عسكر يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعرف ما هي الفوارق بين تنظيمات مثل (القاعدة) و(داعش) وميليشيات الحوثي... على الأمم المتحدة أن تصنف هذه الجماعة في قائمة الإرهاب».
وتوالت ردود الأفعال بعد تصريحات حسن زيد، وزير الشباب بحكومة الانقلاب غير المعترف بها دولياً. فبعد أقل من 24 ساعة من التصريح، أكدت منظمة «اليونيسيف» على أن الطفل مكانه المدرسة وليس جبهة القتال. وقالت جولييت توما، مديرة الإعلام بمكتب المنظمة الإقليمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «اليونيسيف» تعبر عن قلقها الشديد فيما يتعلق بتجنيد الأطفال في اليمن، وارتفاع عدد أولئك الأطفال المقاتلين، مع كافة أطراف النزاع، لافتة إلى أنها لا ترد على تصريح معين، «ولكن هذا موقف (اليونيسيف) العام من تجنيد الأطفال». وأضافت أن «مكان الطفل الطبيعي هو المدرسة وليس جبهة القتال».
يعود عسكر ليعلق قائلاً إن «هذه جريمة الجرائم، فمعظم الانتهاكات تتم عبر هذه الدعوات المجرمة التي تفتح الباب على مصراعيه ممن يتقلد صفة حكومية في حكومة الانقلاب، وهو وزير، ويقوم بهذه الدعوة التي تريد أن تُفقد اليمن مستقبله، وتُخْلِيه من أي معنى، بدعوة الطلبة والمعلمين إلى (المتارس) وليس إلى المدارس». نحن على تواصل يومي، سواءً مع المعتقلين أو ذويهم، أو القطاعات المدنية أو مؤسسات المجتمع المدني الصامد، وندعوهم دائماً للصمود أمام هذه الدعوات.
ويستنكر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في بيان «الدعوة التي أطلقها حسن زيد المنتحل لصفة وزير الشباب، والداعية إلى تعطيل العملية التعليمية في المناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، وتوجيه طلاب المدارس والكادر التعليمي لجبهات القتال». وقال الوزير الإرياني: «هذه التصريحات تؤكد استمرار الانقلابيين الحوثيين في تجنيد الأطفال واستغلالهم في العمليات القتالية ضد اليمنيين دون اكتراث بأرواحهم ومصائرهم ومستقبلهم، ضاربين عرض الحائط بكافة القوانين والأعراف الدولية التي تمنع استغلال الأطفال، والزج بهم في الصراعات السياسية»، وأضاف: «في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة الشرعية المجتمع الدولي بالضغط على الميليشيات الحوثية لتسريح الأطفال المجندين في صفوفهم ومغادرتهم لـ(المتارس) وإعادتهم للمدارس، وترك القنابل والبنادق وحمل الأقلام والدفاتر، نفاجأ بإطلاق أحد القيادات الحوثية لهذه الدعوة لتعطيل العملية التعليمية والزج بالأطفال لقتال اليمنيين خدمة للأجندة الإيرانية التوسعية في المنطقة».
واعتبر الإرياني تصريح الحوثي حسن زيد يكشف عن حالة الاستهتار التي يتعامل بها الانقلابيون الحوثيون بالعملية التعليمية وأرواح الأطفال ومعاناة أسرهم.
وقال: «في الوقت الذي ترسل فيه القيادات الحوثية أبناءها للدراسة خارج اليمن، أو تعيينهم في أهم الوظائف المدنية في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية، تدفع بأبناء الشعب اليمني ليقتلوا في الجبهات».
وناشد الإرياني، الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، التدخل الحازم والضغط على الانقلابيين الحوثيين بما يكفل حماية الأطفال، والحيلولة دون الزج بهم في أتون الحرب، والنأي بالعملية التعليمية عن الصراعات السياسية.
بدورها، أدانت الإدارة العامة للإعلام التربوي بوزارة التربية والتعليم بالعاصمة المؤقتة عدن، الخطوة الانقلابية. وجاء في بيان الإدارة العامة للإعلام التابعة للوزارة: «لقد تابعنا بكل أسف ما أقدمت عليه الميليشيات الانقلابية باتخاذها قرار إيقاف العام الدراسي الحالي، لاستثمار تلاميذ وطلاب المدارس في صنعاء والمحافظات الأخرى الواقعة تحت سيطرتهم في تعزيز جبهاتهم القتالية، في خرق وتحدٍّ واضح للقوانين والأنظمة واللوائح الحقوقية الدولية». ودعت وزارة التربية اليمنية الأهالي والمجتمع بشكل عام في المحافظات والمدن الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين إلى «تنفيذ مسيرات ووقفات احتجاجية غاضبة، تنديداً واستنكاراً على قرار الميليشيات الانقلابية بإيقاف العام الدراسي الحالي ليعززوا بأبنائهم جبهاتهم القتالية، وإرسالهم للموت والفناء دون مراعاة لمشاعرهم الطفولية، ولا لمشاعر أهاليهم وذويهم».
وكان حسن زيد نادى بتعطيل الدراسة وحشد الطلاب والمعلمين للتجنيد والذهاب إلى جبهات القتال، وذلك على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، مضيفاً: «أن ذلك سيرفد جبهات القتال بمئات الآلاف، ويمكنهم من حسم المعركة».
من ناحيته، قال الباحث الحقوقي اليمني البراء شيبان لـ«الشرق الأوسط»: «حسن زيد يمثل خلاصة الفكرة التي ترى في نظرهم أن اليمنيين ليسوا سوى خزان بشري مهمته القتال وحماية حق الحوثيين المزعوم في الحكم»، مضيفاً أن «هدفهم ليس دولة مواطنة، بل هدف الولي الفقيه بحسب أسطورتهم».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.