هجوم مساهل على المغرب ومصر يُحدث «زلزالاً دبلوماسياً» في الجزائر

وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل (أسوشيتد برس)
وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل (أسوشيتد برس)
TT

هجوم مساهل على المغرب ومصر يُحدث «زلزالاً دبلوماسياً» في الجزائر

وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل (أسوشيتد برس)
وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل (أسوشيتد برس)

أثارت تصريحات لوزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، بخصوص الاستثمارات الأجنبية بالمغرب ودول شمال أفريقيا، زلزالاً في الأوساط السياسية والإعلامية، وأيضاً السلك الدبلوماسي الأجنبي العامل في الجزائر. فقد اتهم الرباط بـ«تبييض أموال المخدرات» في شكل استثمارات في دول أفريقية، وقال عن مصر إنه «بلد يقضي معظم وقته في البحث عن قروض». وتحدث عن «مشاكل اقتصادية» تعانيها تونس وليبيا.
وكان مساهل يتحدث الليلة ما قبل الماضية في العاصمة الجزائرية، في إطار «الجامعة الصيفية» لـ«منتدى رؤساء الشركات»، وهو أكبر تجمع لأرباب العمل في البلاد. وقد دعي الوزير إلى إلقاء كلمة بخصوص الاستثمارات ومناخ الأعمال في أفريقيا، لكنه هاجم فجأة السلطات المغربية وقال: «المغرب... الجميع يعرف ماذا تفعل البنوك المغربية في أفريقيا، إنها تمارس تبييض أموال المخدرات». أما عن شركة الخطوط الملكية المغربية فقال إنها «تنقل شيئاً آخر إلى أفريقيا، وليس مسافرين»، وفُهم من كلامه أنه يُلمح إلى أنها تنقل أموراً ممنوعة، وهو ما استدعى رداً مغربياً عنيفاً.
ولا يعرف على وجه الدقة سبب حدة اللهجة المفاجئة من جانب مساهل، وإن كانت الملاسنة بين المسؤولين الجزائريين والمغاربة ليست جديدة. وقال مشاركون في اجتماع أرباب العمل لـ«الشرق الأوسط» إن مستثمرين ألحوا عليه في رفع عراقيل تضعها الحكومة أمامهم وتحول، بحسب شكواهم، دون تصدير منتجاتهم إلى الأسواق الأفريقية. وفي سياق دردشة جمعتهم به حول هذا الموضوع، أشار بعضهم إلى «تسهيلات تمنحها الحكومة المغربية لمؤسساتها للاستثمار في أفريقيا»، كما أشاروا إلى وجود بنوك مغربية في بعض دول أفريقيا، مما يسهل الاستثمار فيها. وعلى هذا الأساس جاء رد فعل مساهل خلال كلمته، التي قال فيها «المغرب ماكاين والو»، وهي جملة بالدارجة المحلية تعني أن المغرب «لا يفعل شيئاً (يستحق الإشادة)».
والمثير أيضاً في تصريحات مساهل أنه هاجم دولاً في شمال أفريقيا تربطها علاقات ممتازة مع الجزائر. فعن مصر قال إنها «تواجه مشاكل اقتصادية كبيرة، وتقضي وقتها في البحث عن قروض من صندوق النقد الدولي». وبالنسبة إلى تونس قال: «لا توجد استثمارات في هذا البلد الذي يعاني من مشاكل اقتصادية هو الآخر، نفس الشيء بالنسبة لليبيا». وأضاف: «الجزائر بلد آمن ومستقر، والمنظمات الدولية المتخصصة هي التي تقول عنا هذا، كما تقول إن الاستثمار (الأجنبي) الحقيقي موجود في بلادنا، وليس في أي بلد آخر من شمال أفريقيا».
ودرج مسؤولون جزائريون، منهم مساهل خصوصاً، على اتهام المغرب بـ«تصدير مخدراته إلينا عبر الحدود» المغلقة منذ 1994 بسبب خلافات عدة، بعضها يرتبط بنزاع الصحراء الغربية. غير أن كلام وزير الخارجية هذه المرة رفع من سقف الخصومة بين البلدين.
وفي سياق الهجوم على المغرب، قال سعيد عياشي رئيس «اللجنة الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي»، التي تتبع للحكومة، في العاصمة الجزائرية أمس، إن المغرب «فشل في محاولته منع بوليساريو من المشاركة في القمة المنتظرة في ساحل العاج، بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي». وأعرب عن «الأسف للدعم الذي تقدمه فرنسا للمغرب ضد الصحراويين»، بحسب رأيه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».