أنقرة تتهم واشنطن بدعم الإرهاب بسبب رفع صور أوجلان في الرقة

TT

أنقرة تتهم واشنطن بدعم الإرهاب بسبب رفع صور أوجلان في الرقة

وجهت أنقرة انتقادات إلى واشنطن على خلفية قيام مسلحين أكراد من تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) برفع صور عبد الله أوجلان زعيم «حزب العمال الكردستاني» الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في تركيا في ميدان رئيسي في الرقة بعد تحريرها وإهداء الانتصار على «داعش» إليه.
وطالب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان واشنطن بتقديم تفسير لقيام المسلحين المتحالفين معها برفع صور أوجلان. واتهم إردوغان في مؤتمر صحافي على هامش القمة التاسعة لدول مجموعة الثماني الإسلامية التي بدأت في إسطنبول أمس واشنطن بالتعاون مع منظمات إرهابية وعدم التعاون مع بلاده في مكافحة الإرهاب، وقال إن أميركا «لا تقف مع تركيا» في الحرب ضد الإرهاب.
من جانبه، انتقد رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم تعاون الولايات المتحدة مع «جماعات إرهابية» مما سيتسبب بتعرض مستقبل سوريا للخطر ومزيد من الصراعات. وقال إن رفع صورة أوجلان دليل على صحة وجهة النظر التركية.
وتساءل يلدريم أمس: «ماذا تريد الولايات المتحدة أن ترى حتى تفهم أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وذراعه العسكري (وحدات حماية الشعب الكردية) تنظيمات إرهابية؟» واعتبر أن تعاون الولايات المتحدة مع «هذه التنظيمات» يفسد العلاقات بين البلدين.
وامتنعت دانا وايت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، ردا على سؤال لوكالة أنباء الأناضول التركية، عن التعليق على رفع صور أوجلان في الرقة. واكتفت بالقول: «نعمل مع قوات سوريا الديمقراطية ودعمناهم في حربهم ضد تنظيم داعش، والتزامنا الوحيد هو محاربة (داعش) وسنواصل فعل ذلك».
ولاحقا، أعلن المتحدث باسم قوات التحالف الدولي ضد «داعش»، الذي تقوده الولايات المتحدة، أن التحالف على اطلاع برفع صور أوجلان في الرقة. وأن قيادة «قوات سوريا الديمقراطية» لا تمنع عناصرها من القيام بمثل هذه التصرفات، ومع ذلك، فإن التحالف الدولي غير موافق على رفع صور ورموز من شأنها التشويش على عملية قتال «داعش».
في سياق متصل، قالت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة التركية إن تركيا، التي أطلقت عملية «درع الفرات» العسكرية لقطع «الحزام الإرهابي» في سوريا والقضاء على تهديدات الميليشيات الكردية، وسعت طوقها الأمني بقيام الجيش التركي بعمليات تطهير واسعة على محور إعزاز - جرابلس - الباب، وأخيراً أضافت إليهم منطقة إدلب.
ولمحت الصحيفة إلى أن المرحلة التالية ستشهد توجه تركيا وفصائل «درع الفرات» نحو مناطق عفرين ومنبج لتطهيرها وبالتالي إضافتها إلى الطوق الأمني الذي تهدف تركيا لإقامته لقطع الطريق على الميليشيات الكردية. واعتبرت أن الخطوات التي قامت بها تركيا بالمنطقة حتى الآن نجحت في «خرق وتخريب» اللعبة التي حيكت ضد المنطقة. على صعيد آخر، أوقف الجانب التركي حركة الشاحنات عبر معبر باب السلامة بريف حلب الشمالي. وأغلق الجانب التركي المعبر أمام حركة الشاحنات التجارية اعتبارا من مساء أول من أمس بداعي إجراء إعمال الصيانة في المعبر.
وجاءت هذه الخطوة بعد أيام قليلة من تسلم الحكومة السورية المؤقتة إدارة المعبر من الجهة السورية ضمن اتفاق لتوظيف عائدات المعبر لخدمة المنطقة وتأهيل البنى التحتية فيها وإعادة إعمارها. وأعادت السلطات التركية الحركة التجارية في معبر جلفا جوزو (باب الهوى)، الأربعاء، بعد إغلاق استمر أمام مواد البناء خاصة منذ 3 أغسطس (آب) الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».