حذر الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن من أن تشديد النبرة القومية والتسبب بالانقسامات أمران يهددان الديمقراطية الأميركية. وفي خطابه الذي ألقاه في نيويورك، قال: «يبدو أن هناك تماديا في التعصب. يبدو المشهد السياسي لدينا أكثر عرضة لنظريات المؤامرة والفبركات الواضحة». خطاب الخميس يشكل خروجا عن صمته هذا، وتعبيرا عن قلق الرئيس السابق البالغ من العمر 71 عاما في حقبة غير مسبوقة من تاريخ البلاد. ورغم أنه لم يسم ترمب شخصيا، فإن بوش وبّخ بشكل لاذع الإدارة الحالية والسياسات المثيرة للجدل التي شكلت دافعا لملايين الناخبين الذين أوصلوا ترمب إلى السلطة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ولاقت تصريحات بوش، الذي حكم البلاد لولايتين (2001 - 2009)، أصداء إيجابية لدى الأوساط السياسية في واشنطن، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية. وكتب تيد ليو، النائب الديمقراطي المعارض بشدة لترمب، على حسابه على «تويتر» «شكرا لك جورج دبليو بوش لقولك الحقيقة عن دونالد ترمب ومن يقفون إلى جانبه». من جهته قال السيناتور جون ماكين، الذي نافس بوش للترشح عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في العام 2000، إنه «خطاب مهم من صديقي». وتأتي تصريحات بوش بعد ثلاثة أيام من خطاب ألقاه ماكين بدا فيه منددا بأفكار وسياسات ترمب. وانتقد ماكين الذي ينظر إليه على أنه بطل حرب أميركي، وكثيرا ما يعرب عن مواقف معارضة لترمب، ما وصفها بـ«الوطنية الزائفة» في تصريحات اعتبرت هجوما على سياسات الرئيس الحالي.
ووجه بوش انتقادات إلى روسيا أيضا على خلفية تدخلها المحتمل في انتخابات العام 2016، ومحاولتها تأليب «الأميركيين ضد بعضهم بعضا» و«استغلال الانقسامات في بلادنا». وقال: «على أميركا تعزيز دفاعاتها» في وجه الهجمات الخارجية. لكن الجزء الأكبر من خطاب بوش تركز على انتقاد البيئة السياسية الحالية في الولايات المتحدة والانقسامات التي باتت مكشوفة منذ أعلن ترمب عام 2015 ترشيح نفسه إلى الانتخابات. وقال بوش: إن «التنمر والأحكام المسبقة في حياتنا العامة رسمت نهجنا الوطني». وأضاف، أن «الطريقة الوحيدة لتمرير القيم المدنية (إلى الآخرين) هي الالتزام بها أولا». وحدد كذلك الخطوات الضرورية لتحسين وضع الديمقراطية الأميركية. وقال: «علينا تذكر واسترداد هويتنا (...) لتجديد بلدنا علينا فقط تذكر قيمنا».
وندد الرئيس الأسبق بالتعصب والاعتقاد بتفوق العرق الأبيض داعيا إلى العودة إلى القيم الديمقراطية. وقال بوش في حديثه الذي يأتي بعد شهرين من انتقاد ترمب «الطرفين» في أعمال عنف وقعت في نهاية مظاهرة للنازيين الجدد في فرجينيا: إن «التعصب والاعتقاد بتفوق العرق الأبيض بأي شكل من الأشكال يعد طعنا في العقيدة الأميركية». وتزامن خطاب بوش مع منع ريتشارد سبينسر، وهو من الشخصيات المدافعة بشكل كبير عن نظرية تفوق العرق الأبيض، من إلقاء كلمة في جامعة فلوريدا.
وأكد بوش، أن الجدال «يتحول بسهولة بالغة إلى عداوة» و«الخلاف في الرأي يتفاقم ليجرد الأشخاص من إنسانيتهم». وبعكس خلفه الديمقراطي باراك أوباما، ابتعد بوش الجمهوري عن الحديث علنا عن ترمب أو الوضع السياسي في الولايات المتحدة هذا العام. وقد رفض دعم ترشح ترمب إلى الرئاسة، ونأى بنفسه بشكل كبير عن المهاترات السياسية.
وقال بوش بعد أشهر على محاولات ترمب السيطرة على الهجرة والحد من تدفق اللاجئين إلى الولايات المتحدة «رأينا الوطنية تتشوه لتصبح عداء للمهاجرين، ونسينا الحيوية التي لطالما جلبتها الهجرة إلى أميركا». وأضاف: «شهدنا تدهور خطابنا جراء القسوة، وفي أوقات معينة، قد يبدو أن العوامل التي تبعدنا عن بعضنا بعضا أقوى من تلك التي تربطنا».
وانتقد الرئيس الـ43 للولايات المتحدة «العودة إلى النزعات الانعزالية» في البلاد، مشيرا إلى «تلاشي ثقة» الولايات المتحدة بالأسواق الحرة والتجارة الدولية.
من جانب آخر، صرح وزير الخارجية الأميركي السابق الديمقراطي جون كيري، بأن الرئيس دونالد ترمب سبّب جوا مدمرا من «سياسات الفوضى» بتغريداته من أجل إعلانات سياسية وملاحظات حادة. وفي مقابلة مع قناة «آر تي إس» السويسرية في جنيف، انتقد كيري تغريدات ترمب المتكررة والمثيرة للجدل. وقال: إن «مزيدا من الأميركيين يجدون أن ظاهرة التغريد منهكة ومدمرة، وتقطع شكل الحوار الحقيقي». وأضاف: «أعتقد أنها تسبب سياسات فوضى وليست جيدة». وقال كيري «هذا غير مسبوق، هذا النوع من الرئاسة الفوضوية. لا أذكر شيئا كهذا في الأزمنة الحديثة».
جورج بوش الابن ينتقد المشهد السياسي الأميركي
جون كيري يرى تغريدات ترمب سبباً «للفوضى»
جورج بوش الابن ينتقد المشهد السياسي الأميركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة