وزير العدل المغربي ينتقد ضعف الوزارات في التواصل السياسي

شدد على ضرورة إطلاع المجتمع والمواطنين على الإنجازات التي تحققها بلاده

محمد أوجار (وسط) يتحدث في درس افتتاحي لماستر التواصل السياسي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)
محمد أوجار (وسط) يتحدث في درس افتتاحي لماستر التواصل السياسي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

وزير العدل المغربي ينتقد ضعف الوزارات في التواصل السياسي

محمد أوجار (وسط) يتحدث في درس افتتاحي لماستر التواصل السياسي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)
محمد أوجار (وسط) يتحدث في درس افتتاحي لماستر التواصل السياسي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)

انتقد محمد أوجار، وزير العدل المغربي، الضعف والعجز اللذين تعانيانه مختلف الوزارات ومؤسسات الدولة في مجال التواصل السياسي، مؤكدا أن البلاد في حاجة ماسة لإيلاء الاهتمام والعناية اللازمة بالتواصل السياسي، بهدف مواكبة الدينامية الإصلاحية التي انخرطت فيها المملكة، وإطلاع المجتمع والمواطنين على الإنجازات التي تحققها بشكل مستمر.
وقال وزير العدل في حكومة سعد الدين العثماني: «عندنا عجز كبير في التواصل السياسي. وحتى في القضية الوطنية لدينا ضعف»، في إشارة إلى ملف قضية الصحراء.
وأضاف أوجار، خلال درس افتتاحي لماستر التواصل السياسي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، ألقاه مساء أول من أمس، حول «دور الإعلام والتواصل السياسي في ترسيخ العدالة وحقوق الإنسان»، أن في كل الوزارات والقطاعات الحكومية هناك عجز بيّن في التواصل وخبراء التواصل»، وطالب بإعطاء التواصل السياسي ما يستحق من عناية.
وشدد المسؤول الحكومي على أهمية دور التواصل السياسي في إبراز ما سماه «الإنجازات الكبرى التي تحققها البلاد على عدة مستويات» للرأي العام الوطني، معتبرا أن تدارك هذا العجز سيساعد على إعادة الثقة بين المواطن والمؤسسات الدستورية للبلاد.
وبدأ وزير العدل المغربي مزهوا وهو يتحدث عن الإصلاحات التي طالت قطاع العدل، حيث اعتبرها إنجازا ساهم فيه عدد من الوزراء، الذين تعاقبوا على تدبير هذا القطاع الحيوي، مؤكدا أن تحقيق استقلالية النيابة العامة عن وزير العدل والحكومة «إنجاز تاريخي»، لكنه عبر عن عدم رضاه على مستوى التواصل في الوزارة مع المجتمع ووسائل الإعلام. وفي هذا السياق قال أوجار إن «القدرات التواصلية للمؤسسة القضائية غير متطورة ولا تهتم بالتواصل مع المواطن، لأن المحكمة تعتقد أن وظيفتها هي إصدار الأحكام وتحقيق العدل فقط»، كما اعتبر المتحدث ذاته أن رجل القضاء «أصبح اليوم يواجه سؤال التواصل، لأن الشأن القضائي أصبح شأنا عاما».
كما أشار أوجار إلى أن وزارته تعتزم القيام بعدد من الإصلاحات التي تهم تيسير وضبط علاقة التواصل بين المحاكم والصحافة، مبرزا أنه يدافع عن إيجاد غرف متخصصة في مجال النشر والإعلام والتواصل بالمحاكم، وسن ضوابط محددة لحصول الصحافيين على المعلومة القضائية الصحيحة، وتخصيص أماكن خاصة بالصحافيين داخل المحاكم، منتقدا في الآن ذاته سقوط بعض الصحافيين في التشهير والضرب بقرينة براءة المواطنين في عدد من الملفات، التي لم يقل فيها القضاء كلمته، داعيا إلى مزيد من احترام أخلاقيات المهنة.
ورأى أوجار، وهو أيضا رجل صحافة وإعلام، أن المغرب بحاجة إلى صحافة مستقلة، وقال بهذا الخصوص: «أؤمن أن المرحلة بالغة الحساسية، وتحتاج إلى نخب إعلامية حريصة على استقلاليتها... ونحن نستشعر أننا بحاجة ماسة إلى جيل جديد من خبراء التواصل، تسكنه الإرادة الوطنية الصادقة لبناء بلد جديد والدفاع عن الديمقراطية، ونشر القيم التي تمثل المشترك بين المغاربة».
وأشاد وزير العدل المغربي بالتوجه الذي اتخذته بلاده، بقيادة الملك محمد السادس منذ إقرار دستور 2011، مسجلا أن المغاربة «اختاروا بشجاعة سياسية كبيرة نموذجا يحمل أرقى ما توصل إليه الفكر البشري، ودستورا جاء بهندسة جديدة وبتصور مؤسسي لهياكل الدولة، يقوم على التوازن وفصل السلطات»، مضيفا أن بلاده «تعيش انتقالا ديمقراطيا ناجحا»، وأن المسار الذي اتخذته نتج عن «توافقات كبرى بقيادة الملك محمد السادس، منها إدخال الإسلام السياسي إلى حظيرة المؤسسات»، لكنه أعرب عن أسفه لوجود «خطابات سوداوية تقفز على الإنجازات التي تحققها البلاد».
وأفاد وزير العدل المغربي بأن نجاح الانتقال الديمقراطي والإصلاح يحتاج إلى «تواصل سياسي مهني ذكي، ليس بهدف الدعاية والانتصار لأي جهة، ولكن بوضع المجتمع والنخب في عمق الإصلاح وحقيقته»، مبرزا أن الكثير من الدول تعيش اليوم انتقالا ديمقراطيا، لكنه استدرك بالقول إن غالبية محاولات الإصلاح تعيش إرهاصات تحولت إلى أزمات وتطاحنات، مؤكدا أن الإعلام كان له دور أساسي في إفشال هذه التجارب بعدما تحول إلى طرف في الصراع، عوض أن يكون القاطرة التي تنتصر للديمقراطية وحقوق الإنسان.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.