العبادي يحذر من «إفلاس وشيك» لإقليم كردستان

TT

العبادي يحذر من «إفلاس وشيك» لإقليم كردستان

بدت الأزمة بين بغداد وأربيل، التي اندلعت مع إعلان إقليم كردستان إجراء استفتاء الاستقلال عن العراق، مطلع الصيف، مروراً بتحققه في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، مرشحةً لمزيد من التفاقم، خصوصاً في ظل تصلُّبِ مواقف طرفَي الأزمة. وفيما وجّه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي انتقادات لاذعة إلى مسؤولي الإقليم، أصدر القضاء العراقي «مذكرة قبض» في حق القيادي بحزب «الاتحاد الوطني» كوسرت رسول.
وعبّر العبادي في مقال نشرته، أمس، صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن امتعاضه من «عدد قليل من المسؤولين الأكراد»، في إشارة واضحة إلى المسؤولين عن ملف الاستفتاء، وفي مقدمهم رئيس الإقليم مسعود بارزاني، واتهم بعضهم بـ«الفساد» الذي جعل، بحسب رأيه، «إقليم كردستان على وشك الإفلاس».
وبعدما تحدث العبادي عن الصعوبات التي واجهها العراق في حربه ضد «داعش»، وعبّر عن فخره بما تحقق من دحر التنظيم وطرده من غالبية الأراضي العراقية، عبّر في مكان آخر من المقال عن أسفه لما قام به إقليم كردستان في قضية الاستفتاء، وقال: «لقد بدأنا المهمة الهائلة المتمثلة في إعادة بناء أمتنا. كنت أتمنى أن نتحد من أجل التعافي، وإعادة البناء، كما أننا متحدون لهزيمة عدونا. ولذلك شعر كثير من العراقيين بالصدمة جراء العمل الأحادي الجانب لبعض عناصر القيادة الكردية - (وهم) المهندسون الرئيسيون لدستور العراق لعام 2005». واعتبر أن خطوة الاستفتاء «تتعارض مباشرة مع الدستور، وهي عمل من أعمال التقسيم المتعمد»، لكن «الأسوأ من ذلك أن الاستفتاء يشجع بقايا (داعش)».
وأشار العبادي إلى أن عملية إعادة انتشار القوات العراقية في أجزاء من كركوك ومناطق أخرى في شمال العراق «تتفق مع النهج الدستوري» الذي يتوجب عليه تطبيقه باعتباره رئيساً للوزراء.
وعلى مستوى التصعيد القضائي بين بغداد وإقليم كردستان، أصدرت محكمة التحقيق في بغداد أمراً بإلقاء القبض على نائب الأمين العام لحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» كوسرت رسول، على خلفية تصريحات أدلى بها أول من أمس، واعتبر فيها عملية إعادة انتشار القوات الاتحادية في كركوك «عملية احتلال». وقال المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى القاضي عبد الستار بيرقدار إن «المحكمة اعتبرت تصريحات رسول إهانة وتحريضاً على القوات المسلحة، وأن أمر القبض صدر وفق المادة 226 من قانون العقوبات العراقي».
وكان كوسرت رسول أدان في بيان، أول من أمس، ما وصفها بـ«هجمات واعتداءات ميليشيات الحشد الشعبي وقطعات الجيش العراقي»، معتبراً أنها «لا تحتمل قراءة أخرى سوى كونها أنفالاً ضد الأكراد»، في إشارة إلى عمليات «الأنفال» العسكرية التي شنها نظام الرئيس الراحل صدام حسين ضد الكرد نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي.
وتشير بعض الأوساط القضائية والسياسية في بغداد إلى احتمال إصدار القضاء العراقي قريباً أمراً بإلقاء القبض على مسؤولين أكراد آخرين يقفون وراء استفتاء استقلال الإقليم.
وفي شأن آخر، عبّرت الدول الأعضاء في مجلس الأمن، أول من أمس، عن قلقها بشأن التقارير الأخيرة عن وقوع حالات عنفٍ قرب مدينة كركوك في العراق. وذكر بيان وزعته الممثلة الأممية لدى العراق على وسائل الإعلام، أن أعضاء المجلس دعوا «جميع الأطراف إلى الامتناع عن التهديد واستخدام القوة، وإلى الدخول في حوارٍ بنّاء ليكون مساراً نحو منع التصعيد، ووسيلة لحفظ وحدة العراق مع الامتثال لأحكام الدستور العراقي».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.