الجيش الإسرائيلي يطلب زيادة ميزانيته لمجابهة إيران

عشية سفر ليبرمان إلى واشنطن للتنسيق معها ضد طهران

TT

الجيش الإسرائيلي يطلب زيادة ميزانيته لمجابهة إيران

تقدم يوآف هوروفيتش، رئيس ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بطلب إلى الصندوق القومي اليهودي لتحويل 4 مليارات شيقل (نحو 1.3 مليار دولار) لصالح الميزانية العسكرية الإسرائيلية، بهدف «مواجهة التهديد الإيراني والتحديات الأمنية في شمال البلاد».
وقد نشر تسجيل صوتي من جلسة سرية عقدت بهذا الخصوص، وسمع فيها صوت هوروفيتش وهو يطرح هذا المطلب في لقاء أجراه مع مجلس أمناء الصندوق القومي اليهودي قبل نحو أسبوعين، وضم اللقاء مدير عام وزارة المالية، شاي باباد. وقال إن المال هدفه تمويل بناء المنظومات المتقدمة في مواجهة التهديد الإيراني.
وقال مصدر سياسي مطلع إن مصدر هذا المطلب هو نتنياهو، ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، وأوضح أن الجيش الإسرائيلي غير معني، الآن، بإعادة النظر في الاتفاقيات المالية مع وزارة المالية، فقد قامت أصلاً بمضاعفة ميزانية الأمن بواقع 5 مليارات شيقل في السنة (الدولار يساوي 3.5 شيقل). لذلك، فهو يحاول تجنيد المبلغ من مصادر خارج الموازنة العامة للدولة.
وذكرت مصادر عسكرية أن وزارة الدفاع ووزارة المالية في إسرائيل تناقشان، منذ أشهر، تحويل أموال إضافية تتجاوز الميزانية الثابتة التي تم الاتفاق عليها قبل عامين. وتوجه ليبرمان أيضاً مباشرة إلى نتنياهو، وتحدث معه عن الحاجة إلى مبلغ إضافي، قدره 4 مليارات شيقل، من أجل الاستعداد للتهديد الإيراني، وأوضح له أن «الحاجة إلى الميزانية الإضافية تنبع من الواقع الاستراتيجي الجديد في المنطقة، الملخص بتعزيز نفوذ روسيا والأسد في سوريا، وتكثيف التهديد الإيراني»، وأن «الاحتياجات للميزانية المعنية تستند إلى خطط طوارئ ليست جديدة، ولا تنجم عن حرب أو عملية طارئة يتعين على الجيش الإسرائيلي القيام بها». وقال ليبرمان إن الميزانيات الإضافية جاءت لكي يتسنى تجهيز الجيش بمعدات حديثة لمواجهة الخطر الإيراني النووي ونفوذ إيران في سوريا.
وتأتي مطالبة ليبرمان خلافاً للتفاهمات بين وزير الدفاع السابق موشيه يعالون ووزير المالية موشيه كحلون، التي قضت بعدم توسيع إطار ميزانية الأمن. وبموجبه، ستحصل وزارة الأمن على 300 مليار شيقل على مدار 5 سنوات، بشرط أن تقوم بخطوات تقشفية، أبرزها معالجة معاشات التقاعد لذوي الخدمة الدائمة في الجيش. وقد وصف الاتفاق، الذي بقيت كثير من ملاحقة وبنوده سريه وطي الكتمان، بالتاريخي.
وجرى الاتفاق بين طواقم الوزارتين ورئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلي، الجنرال غادي آيزنكوت، على أن إطار ميزانية وزارة الدفاع السنوي سيصل إلى 56.1 مليار شيقل، على أن يكون نصيب الجيش من الميزانية 31 ملياراً (البقية لمصروفات الوزارة المدنية والرواتب)، إضافة إلى الدعم الأميركي منذ مطلع عام 2019، الذي سيصل إلى 3.8 مليار دولار سنوياً، بحيث من المتوقع أن يصل إطار الميزانية في نهاية المطاف إلى 70 مليار شيقل (20 مليار دولار).
وعندما سئل مسؤول كبير في وزارة الدفاع عن الموضوع، قال: ألم تسمعوا تهديدات قائد القوات المسلحة الإيرانية، محمد باقري، الذي زار سوريا، يوم أمس، وأطلق تصريحاته الحربية ضدنا؟
وكان باقري، خلال زيارته لسوريا، أول من أمس (الأربعاء)، قد صرح قائلاً إنه «من غير المقبول علينا دخول النظام الصهيوني إلى سوريا متى شاء»، وأضاف: «نحن في دمشق لكي نعلن وننسق ونعمل من أجل مواجهة الأعداء المشتركين - الصهاينة والإرهابيين. لقد رسمنا حدود التعاون».
وقد رد عليه الوزير الإسرائيلي ليبرمان، فقال: «يحاول الإيرانيون السيطرة على سوريا، وأن يكونوا القوة المهيمنة هناك؛ لدينا كل الوسائل لمواجهة هذا التحدي».
وحسب مصادر في محيط ليبرمان، فإنه يبدي قلقه إزاء كثير من التطورات الإقليمية، بما في ذلك عدم الاستقرار المستمر في المنطقة، وحشد «حزب الله» بمساعدة إيران، وإمكانية أن تشكل نجاحات نظام الأسد الميدانية في سوريا، بدعم روسيا وإيران، بداية لعملية إعادة تأهيل الجيش السوري. وأضافت أن القلق الذي يبديه ليبرمان لا يتوقف عند إيران وسوريا و«حزب الله»، وعلى ما يبدو لديه مخاوف حيال ما يتعلق بعمل نظام صيانة الجيش، والجاهزية، ومستوى الاستعداد لبعض وحدات الجيش لسيناريو حرب كبيرة، وذلك على خلفية الاستثمار المالي المحدود في هذه المجالات. وعليه، فإن الموقف الجديد لليبرمان ينص على أن الحكومة يجب أن تدرس زيادة ميزانية استثنائية لوزارة الدفاع.
وكان ليبرمان قد غادر تل أبيب، فجر أمس (الخميس)، متوجهاً إلى الولايات المتحدة الأميركية للتباحث مع قادة البنتاغون حول عدد من المواضيع المشتركة، وفي مقدمتها مواجهة التهديد الإيراني. وحسب مصدر مقربة منه، فإن إسرائيل تحرص على التنسيق الكامل مع واشنطن في مجابهة التهديدات الإيرانية.
وأضاف: «واضح أننا نرى بالعين نفسها هذه التهديدات، نحن والأميركان وكثير من دول الشرق الأوسط؛ فإيران تتمادى في استعراض عضلاتها ضد الجميع، وتسعى بكل قوتها لتحويل سوريا إلى جبهة حرب متقدمة ضد إسرائيل ودول أخرى في المنطقة، وتهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها».
وكانت القيادات الإسرائيلية قد حاولت تجنيد روسيا أيضاً ضد النفوذ الإيراني، وطرحت مطالب عدة في هذا الاتجاه على وزير الدفاع سيرغي شويغو، الذي زار إسرائيل مطلع الأسبوع. وقالت مصادر إسرائيلية إن الوزير لم يبدِ تفهماً لغالبية المطالب الإسرائيلية، فاتصل رئيس الوزراء نتنياهو فوراً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعاد لشرح مطالبه، في هذا الشأن وغيره.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.