إثيوبيا تطمئن مصر بعدم تخزين المياه في «سد النهضة»

«اللجنة الثلاثية» تبحث في أديس أبابا إزالة معوقات المفاوضات الفنية

وزراء المياه المصري والسوداني والإثيوبي خلال زيارتهم السد الأثيوبي ببني شنجول قرب الحدود السودانية («الشرق الأوسط»)
وزراء المياه المصري والسوداني والإثيوبي خلال زيارتهم السد الأثيوبي ببني شنجول قرب الحدود السودانية («الشرق الأوسط»)
TT

إثيوبيا تطمئن مصر بعدم تخزين المياه في «سد النهضة»

وزراء المياه المصري والسوداني والإثيوبي خلال زيارتهم السد الأثيوبي ببني شنجول قرب الحدود السودانية («الشرق الأوسط»)
وزراء المياه المصري والسوداني والإثيوبي خلال زيارتهم السد الأثيوبي ببني شنجول قرب الحدود السودانية («الشرق الأوسط»)

سعت إثيوبيا إلى بث الطمأنينة لدى السلطات المصرية بشأن «سد النهضة»، الذي تبنيه على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، وذلك عبر زيارة ثلاثية لموقع السد، أجراها وزراء الموارد المائية بالدولتين، إضافة إلى وزير المياه السوداني.
وقال الدكتور حسام الإمام، المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية المصرية، أمس، إنه «تم التأكد من أنه لم يتم أي تخزين في السد خلال هذا العام، ولم يتم تنفيذ أي أعمال يمكن أن تعوق حركة المياه الواصلة إلى مصر حتى اليوم».
وتخشى القاهرة من أن يؤثر السد على حصتها من مياه نهر النيل، التي تبلغ نحو 55 مليار متر مكعب، لكنها لا تكفي لسد احتياجها من المياه العذبة في ظل ندرة الموارد المائية الأخرى.
ووقعت الدول الثلاث العام الماضي عقودا مع مكتب استشاري فرنسي لإجراء دراسات فنية على السد لدراسة مدى تأثيره وأضراره المحتملة على مصر والسودان. وتنص العقود على إتمام الدراسات في غضون 11 شهرا، غير أن المدة انتهت بالفعل الشهر الماضي، دون تحقيق أي شيء ملموس.
وانطلقت أمس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا فعاليات الاجتماع السادس عشر للجنة الوطنية الثلاثية المختصة بدراسات آثار سد النهضة الإثيوبي، بمشاركة وزراء الموارد المائية والري والفنيين والمختصين من إثيوبيا، وكذلك مصر والسودان (دولتا المصب لنهر النيل).
وتتعلق المفاوضات الحالية ببحث الاختلافات حول العناصر الواردة في التقرير الاستهلالي الذي أعده المكتب الاستشاري، والذي يحدد منهجية عمل المكتب في إعداد الدراسة، التي سيعدها حول آثار السد، حيث شهد الاجتماع الأخير، الذي عقد قبل نحو شهر في الخرطوم، اختلافات على مسودة التقرير الخاصة بتقييم التأثيرات الهيدرولوجية والبيئية والاقتصادية للسد.
ويسعى الوزراء من خلال مشاركتهم في الاجتماع الحالي إلى دفع العملية التفاوضية إلى الأمام، وتخطي العقبات التي شهدتها المفاوضات خلال السبعة أشهر الماضية، خاصة مع إعلان إثيوبيا نيتها البدء في المرحلة الأولى لتخزين مياه العام المقبل أمام جسم السد. وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية المصرية، إن وزراء المياه المصري والسوداني والإثيوبي توجهوا أول من أمس (الثلاثاء) لزيارة موقع سد النهضة، انطلاقا من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وصولا إلى موقع السد ببني شنجول على بعد 20 كلم من الحدود السودانية.
وأضاف المتحدث أمس أنه «فور الوصول تم عمل عرض تقديمي من خلال مدير المشروع حول الموقف التنفيذي للسد، تبعته جولة تفقدية لكل أجزاء السد المختلفة ومن مواقع مختلفة، وتمت الإجابة على كثير من أسئلة الفنيين، سواء من الجانب المصري أو السوداني».
وأوضح الإمام أنه «تم التأكد من أنه لم يتم أي تخزين في السد خلال هذا العام، ولم يتم تنفيذ أي أعمال يمكن أن تعوق حركة المياه الواصلة إلى مصر حتى اليوم»، مشيرا إلى أن «الجولة التفقدية للوزراء شملت السد المساعد وخطوط نقل الكهرباء ومحطة التوليد وبحيرة السد».
وأظهرت الزيارة اقتراب أديس أبابا من إنهاء الإنشاءات الخرسانية في جسم السد الرئيسي والمساعد، وتركيب عدد من توربيدات الكهرباء، وتأهيل بحيرة التخزين الملحقة بالسد، التي تتسع لتخزين 74 مليار متر مكعب من المياه.
وسبق أن أكد وزير المياه المصري محمد عبد العاطي أن «تأثير بناء سد النهضة في إثيوبيا لم يظهر بعد على مصر لأن تدفق المياه ما زال مثل الأعوام الماضية، ولم يتم حتى الآن بدء ملء السد... لكن من المحتمل أن يتم بدء ملء جزء من السد العام المقبل». ووقعت الدول الثلاث على إعلان مبادئ عام 2015، اشتمل على حماية مصالح دولتي المصب مصر والسودان عند ملء خزان السد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».