سقطت «عاصمة داعش» المفترضة نهائياً، أمس، بإعلان «قوات سوريا الديمقراطية» سيطرتها الكاملة على مدينة الرقة السورية بعد أربعة أشهر من المعارك الشرسة انتهت بخروج مقاتلي التنظيم في صفقة لا تزال تفاصيلها غير واضحة ولا سيما المتعلقة بوجهتهم.
وفيما قالت بعض المعلومات إنه سيتم الإفراج عن كل من سلّم نفسه. ورغم تأكيد «سوريا الديمقراطية» أمس أنها بدأت تمشيط المدينة وانتهاء الأعمال القتالية، قال الجيش الأميركي إنه لا يزال هناك نحو مائة مقاتل من التنظيم في الرقة، مؤكداً استعادة 90 في المائة منها، من دون أن يوضح مصير المقاتلين الأجانب الذين كان يرفض التحالف الدولي خروجهم على غرار السوريين ضمن الاتفاق.
وتضاربت المعلومات بشأن وجهة هؤلاء الأجانب الذين لم تعلن «سوريا الديمقراطية» عن مصيرهم بعدما أعلنت قبل يومين عن استسلام 275 مقاتلا سوريا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، على لسان رئيسه رامي عبد الرحمن، إن التحالف الدولي الذي كان يمنع خروجهم عاد وتسلّمهم بعدما خاضوا اشتباكات عنيفة في الجيب الأخير الذي تحصنوا فيه، لافتا إلى تسجيل استسلام جماعي في صفوفهم بعد رفض التحالف فتح ممرات لمغادرتهم، وكانت آخر عملية استسلام داخل الملعب البلدي. في المقابل، أشار الناشط في «تجمع الرقة تذبح بصمت» أبو محمد الرقاوي لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المقاتلين الأجانب خرجوا على دفعات ضمن قوافل ضمت السوريين منذ اليوم الأول لبدء تطبيق الاتفاق، واتجه معظمهم إلى دير الزور بحسب ما أظهر رصدنا للقافلات المغادرة»، لافتا إلى أن عدداً منهم كان يحمل هويات سورية مزوّرة، وكانت آخر دفعة منهم تلك التي خرجت من المشفى الوطني.
وأوضح عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، أن عدد الأجانب الذين استسلموا منذ ليل الأحد الماضي والذين يتحدرون في معظمهم من أصول مغاربية ويحملون جنسيات أجنبية، يقدّر بما بين 130 و150 شخصا، من أصل 1300 مقاتل كانوا داخل المدينة، لافتا أيضا إلى أنه إضافة إلى القتلى استطاع عدد كبير منهم الهروب متخفيا بين المدنيين، مذكراً بأن أول عملية خروج نتيجة الصفقة كانت في العاشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. كذلك، قال «تجمع الرقة تذبح بصمت»، إن «المدينة كانت خالية بشكل كامل من عناصر التنظيم منذ يومين»، ونشر صورا لحافلات قال إنها تنقل مقاتلي التنظيم من المدينة مقدرا عددها بثلاثين، إضافة إلى 10 شاحنات اتجهت إلى دير الزور، بينما قال عبد الرحمن إن المقاتلين اتجهوا إلى الطبقة، نافياً المعلومات التي أشارت إلى أنهم غادروا إلى العراق.
وأجمع كل من الرقاوي وعبد الرحمن على أن الاتفاق ينص على أن كل من يسلّم نفسه، خاصة من السوريين، سيتم الإفراج عنه، وذلك على غرار اتفاقات سابقة عقدت مع التنظيم، في وقت كان المسؤول في «مجلس الرقة المدني» عمر علوش، قد أكّد أنه سيتم إخضاع المستسلمين للتحقيق ويسلّم من لم يثبت تورطه بأعمال القتل إلى شيوخ العشائر، بينما سيحال المتورطون إلى الجهات المعنية. وفي حين أشار عبد الرحمن إلى أن الغموض لا يزال يلف تفاصيل الاتفاق مع المقاتلين الأجانب، تساءل: «هل سيتم الإفراج عنهم على غرار المقاتلين السوريين أم تسليمهم إلى الدول التي جاؤوا منها؟».
وكان المتحدث باسمه ريان ديلون، أكد: «نحن مصرون على عدم السماح للمقاتلين الأجانب بمغادرة المدينة»، مضيفا: «موقفنا كان أن يبقوا ويقاتلوا أو يستسلموا من دون شروط».
وأمس أعلنت قوات سوريا الديمقراطية سيطرتها بشكل كامل على مدينة الرقة التي كانت تعد المعقل الأبرز لـ«داعش» في سوريا. وتشكل سيطرة هذه القوات بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية على مدينة الرقة نكسة كبرى للتنظيم الذي مني في الأشهر الأخيرة بسلسلة خسائر ميدانية في سوريا والعراق المجاور، أدت إلى تقلص مساحة الدولة التي أعلنها في البلدين منذ عام 2014.
وقال الناطق الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه «تم الانتهاء من العمليات العسكرية في الرقة»، مؤكدا «أن قواتنا سيطرت بالكامل على الرقة»، مشيراً إلى «عمليات تمشيط تجري الآن للقضاء على الخلايا النائمة إن وجدت، وتطهير المدينة من الألغام» التي زرعها مقاتلو التنظيم في وسط الرقة. ومن المقرر، بحسب سلو، أن تعلن قوات سوريا الديمقراطية «قريباً في بيان رسمي عن تحرير المدينة».
دوار النعيم
ويأتي هذا الإعلان بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية صباح الثلاثاء على الملعب البلدي، بعد ساعات من إعلانها طرد مقاتلي التنظيم من دوار النعيم الواقع شرق الملعب البلدي.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن مقاتلي التنظيم انسحبوا من محيط الدوار منذ أسبوعين، لكن قوات سوريا الديمقراطية لم تتمكن من السيطرة عليه بسبب الألغام الكثيفة التي تركها التنظيم خلفه.
وشكل دوار النعيم مسرحاً لاعتداءات وحشية وعمليات إعدام جماعية وصلب نفذها التنظيم منذ سيطرته على الرقة عام 2014، ما دفع سكان المدينة إلى تغيير اسمه لدوار «الجحيم».
وتسارع التقدم العسكري في وسط المدينة في الأيام الأخيرة بعد خروج نحو ثلاثة آلاف مدني نهاية الأسبوع الماضي، وفق قوات سوريا الديمقراطية، بموجب مفاوضات قادها مجلس الرقة المدني ووجهاء من عشائر محافظة الرقة.
وشكلت هذه النقاط الواقعة وسط الرقة، آخر الجيوب التي انكفأ إليها العشرات من المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم المتطرف بعد أكثر من أربعة أشهر من المعارك العنيفة التي خاضتها قوات سوريا الديمقراطية داخل المدينة بدعم من التحالف.
هزيمة «داعش» في معقله بالرقة... وجيوب «أجنبية» لا تزال تقاوم
الجيش الأميركي: بقي مائة عنصر في المدينة
هزيمة «داعش» في معقله بالرقة... وجيوب «أجنبية» لا تزال تقاوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة