«قوات سوريا الديمقراطية» قد تنهي عملية الرقة اليوم وسط قتال شرس

ابتكرت تقنيات بدائية لمواجهة تنظيم «داعش»

مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» يسيرون على طول طريق بخط المواجهة في الرقة (رويترز)
مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» يسيرون على طول طريق بخط المواجهة في الرقة (رويترز)
TT

«قوات سوريا الديمقراطية» قد تنهي عملية الرقة اليوم وسط قتال شرس

مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» يسيرون على طول طريق بخط المواجهة في الرقة (رويترز)
مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» يسيرون على طول طريق بخط المواجهة في الرقة (رويترز)

تخوض قوات سوريا الديمقراطية معارك هي «الأقوى» ضد تنظيم داعش في مدينة الرقة في هجومها الأخير ضد جيوب المتطرفين المتبقية في معقلهم الأبرز سابقا.
ويأتي ذلك بعد خروج نحو ثلاثة آلاف مدني، فضلاً عن عشرات المقاتلين المحليين في صفوف التنظيم المتطرف من المدينة بموجب اتفاق بوساطة وجهاء العشائر. ويقدر عدد المتطرفين المتبقين بنحو 300 في آخر عشرة في المائة ما زالوا يسيطرون عليها في المدينة.
وقالت المتحدثة باسم حملة «غضب الفرات» جيهان شيخ أحمد: «تخوض قوات سوريا الديمقراطية حاليا معارك هي الأقوى في مدينة الرقة»، مشيرة إلى أنه «من خلال هذه المعركة سيكون إنهاء الوجود الداعشي وهذا بحد ذاته يعني إما موت «داعش» أو استسلامه، أي القضاء عليه» في كلتا الحالتين.
وقال قائد ميداني في «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة إن التحالف ينفذ عمليات تطهير ضد مواقع تنظيم داعش في مدينة الرقة، ومن المتوقع أن يسيطر على المدينة بنهاية اليوم (الاثنين).
وقالت الزعيمة السياسية في «قوات سوريا الديمقراطية» إلهام أحمد إنها تتوقع الإعلان عن انتهاء الحملة ضد التنظيم المتطرف بالرقة في غضون ساعات أو أيام، إلا أن ناطق باسم قوات التحالف قال إنه لا يمكنه تحديد توقيت لانتهاء العملية.
إلى ذلك، أكد الناطق باسم التحالف بقيادة الولايات المتحدة الكولونيل رايان ديلون أن الضربات الجوية مستمرة على المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في مدينة الرقة السورية وستزيد مع تقدم «قوات سوريا الديمقراطية» نحو ما تبقى من مناطق لا تزال في قبضة التنظيم.
وقال ديلون: «نفذنا بعض الضربات في الساعات الـ24 الماضية لكنني أتوقع أن تتكثف سريعاً مع تقدم قوات سوريا الديمقراطية إلى المناطق الأخيرة المتبقية في المدينة».
وقال الناطق باسم «قوات سوريا الديمقراطية» طلال سيلو إن الهجوم الذي شنته القوات أمس لا يستهدف أكثر مما يراوح بين 200 و300 متطرف أجنبي باقين في المدينة.
وكانت الرقة المدينة السورية الكبيرة الأولى التي تقع في يد التنظيم الإرهابي خلال اجتياحه مناطق من سوريا والعراق في 2014، وأصبحت مركزاً للعمليات الخاصة بالهجمات في الخارج وشهدت بعضاً من أسوأ أعمال التنظيم الوحشية.
وتحاول «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بضربات جوية من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة انتزاع السيطرة على المدينة من يد «داعش» منذ يونيو (حزيران) الماضي.
وقال ديلون إن نحو 3500 مدني غادروا المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش» في الرقة على مدى الأسبوع الماضي.
وغادرت قافلة تضم مقاتلين من التنظيم المتشدد وأسرهم الرقة أمس في إطار اتفاق إجلاء توسط فيه شيوخ العشائر في المنطقة. وسمح التنظيم في المقابل للمدنيين المحاصرين في الرقة بالخروج عبر ممر آمن.
ولدى سؤاله إن كان التحالف بقيادة الولايات المتحدة سيستهدف القافلة التي تقل المتطرفين وأسرهم، قال ديلون: «لن نقصف قافلة تضم عائلات أو مدنيين».
وبمجرد سيطرتهم على مدينة الرقة وطرد آخر مقاتلي تنظيم داعش منها، يقول مقاتلون في «قوات سوريا الديمقراطية» إنهم سيهدون نصرهم للبطاريات والأشرطة اللاصقة التي سهلت عليهم مهماتهم القتالية.
وخلال أكثر من أربعة أشهر من المعارك، وجد مقاتلو هذه القوات أنفسهم بحاجة للعودة إلى الأساسيات واختراع وسائل وطرق تسهّل عليهم مهماتهم القتالية.
داخل مستودع كبير شمال المدينة القديمة في الرقة، يفترش مقاتلون سجادة متسخة وضعوا عليها بطاريات بقوة ثلاثة فولت على شكل أسطوانات، مع شرائط لاصقة وعلب سجائر فارغة وأسلاك طويلة.
وتستخدم هذه المواد لصنع شاحن متنقل بدائي مخصص لأجهزة الاتصال اللاسلكي التي يعتمد قياديو قوات سوريا الديمقراطية عليها للتواصل مع بعضهم بعضا على خطوط الجبهة الأمامية في الرقة.
وبعيدا عن خطوط القتال، ينهمك كل مقاتل في إنجاز الشق المتعلق به. يضع الأول ثماني بطاريات بشكل متراص فيما يجهز آخر اللاصق الذي سيجمعها معاً. ويعمل ثالث على سحب رقائق الألمنيوم التي عادة ما توضع داخل علب السجائر، وتُستخدم كناقل للكهرباء، ويبدأ بلفها على الأشرطة الحديدية التي تم سحبها من جدران المنازل، تمهيداً لشحن أجهزة اللاسلكي بهذه البطاريات المتلاصقة.
ويقول القيادي الميداني في قوات سوريا الديمقراطية شيفكير هيمو: «نحتاج إلى أن نكون على تواصل مع نقاطنا (المقاتلين) على مدى 24 ساعة، لكن هذه الأجهزة ليست جيدة بما فيه الكفاية».
وتعمل البطاريات الذاتية الخاصة بأجهزة الاتصالات اللاسلكية لمدة ثلاث ساعات فقط، مما يجبر قادة قوات سوريا الديمقراطية على وقف تشغيلها بين تنسيق عمليات الاقتحام وإطلاق الصواريخ الدفاعية أو عمليات إنقاذ المدنيين.
ولكن مع هذه الرزمة من البطاريات اليدوية الصنع، يمكن استخدام أجهزة اللاسلكي المشحونة لمدة يومين على التوالي.
وتنتشر هذه البطاريات في كل أحياء المدينة التي دمرتها المعارك، وكذلك على خطوط القتال الأمامية كما هو الحال في مواقع المقاتلين على تخوم المستشفى الوطني والملعب البلدي، الذين يتحصن فيهما المتطرفون.
ويضطر مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية المرابضين على تلك الجبهات إلى البقاء معزولين لأيام عن قواعدهم الخلفية، معتمدين على أجهزة اللاسلكي المشحونة هذه للبقاء على تواصل مع قادتهم.
ويضيف هيمو: «إنها منقذة للحياة. الحاجة أم الاختراع كما يقولون».
ويضيف «للقوات (النظامية) معاملها ولكن نحن كقوة عسكرية ليس لدينا هذا الدعم العالمي. لذلك نعتمد على الأشياء الموجودة في السوق ونحن نعدل فيها».
وتأسست قوات سوريا الديمقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن في أواخر عام 2015. ولا تعد هذه القوات جيشاً تقليدياً ولم يخضع كثير من مقاتليها الشباب لأي تدريب عسكري مسبق.
في أزقة الرقة، يقاتل هؤلاء الشبان وهم يرتدون أحذية رياضية متسخة أو صنادل بلاستيكية.
كما ابتكر مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية أسلوب تنبيه في الأبنية التي اتخذوا منها مقرات لهم قرب جبهات القتال.
وفي مبنى من طابق واحد قرب المستشفى المدني، عمد المقاتلون إلى نثر قطع عبوات مياه بلاستيكية محطمة على الدرج، قد تبدو للوهلة الأولى كما لو أنها نفايات.
لكن القيادي في قوات سوريا الديمقراطية جكر ديريك يقول: «إذا حاول شخص أن يصعد الدرج ويدوس على هذا الزجاج، فسينبه المقاتلين المناوبين فوق من دون أن يدري».
أما الابتكار المفضل بالنسبة إلى قوات سوريا الديمقراطية فهو عبارة عن قنابل كروية الشكل تضم متفجرات يدوية الصنع يطلقون عليها اسم «الفتيلة».
وتعبأ كل كرة بمادة الديناميت المتفجرة وتزود بفتيل يتراوح طوله بين 15 و20 سنتيمتراً وتربط معاً عبر أحزمة قماش.
ويوضح المقاتل محمد وهو يتمركز في حي النهضة في وسط الرقة أنهم يربطون القنابل بهذه الأحزمة «لمساعدة الرفاق على حمل أربع أو خمس قنابل».
ويقول بفخر فيما يعلق أربع كريات حول عنقه إنها «يدوية الصنع ومحلية الإنتاج».
ورفضت قوات سوريا الديمقراطية طلبات عدة تقدم بها فريق وكالة الصحافة الفرنسية لاصطحابه إلى ورشة إعداد هذه القنابل.
وبحسب محمد، فإن هذا الابتكار هو الوسيلة الأنجع لمواجهة أسلحة التنظيم: القناصة والأنفاق السرية.
ويوضح: «إذا أراد أحد من رفاقنا أن يقطع الشارع وفيه قناص، يرميها (الكرة المتفجرة) وتتسبب بتصاعد الغبار، ويقطع حينها الشارع دون أن يراه القناص».
وتبدو هذه الطريقة أكثر فاعلية من المتفجرات التقليدية التي لا تصدر دخاناً كثيفاً وتحدث ضجيجاً قوياً.
ويضيف محمد: «إذا كان هناك من قبو أو نفق حفره الدواعش، نرميها داخله لكي نردمه. وإذا لم تكف واحدة، نرمي اثنتين».
وشدد على أن هذا الابتكار «يخلص حياة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.