اتفاق المصالحة يُجبر «حماس» على تغيير نهجها في الضفة الغربية

الحركة ستوسع الهدنة من القطاع إلى الضفة وستمتنع عن تنفيذ هجمات انطلاقاً من «مبدأ الشراكة»

يرفعون علمي فلسطين ومصر في غزة يوم الخميس احتفالاً بالمصالحة الفلسطينية التي رعتها القاهرة بين حركتي {فتح} و{حماس} (أ.ب)
يرفعون علمي فلسطين ومصر في غزة يوم الخميس احتفالاً بالمصالحة الفلسطينية التي رعتها القاهرة بين حركتي {فتح} و{حماس} (أ.ب)
TT

اتفاق المصالحة يُجبر «حماس» على تغيير نهجها في الضفة الغربية

يرفعون علمي فلسطين ومصر في غزة يوم الخميس احتفالاً بالمصالحة الفلسطينية التي رعتها القاهرة بين حركتي {فتح} و{حماس} (أ.ب)
يرفعون علمي فلسطين ومصر في غزة يوم الخميس احتفالاً بالمصالحة الفلسطينية التي رعتها القاهرة بين حركتي {فتح} و{حماس} (أ.ب)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن حركتي «فتح» و«حماس» توافقتا على «مبدأ الشراكة» فيما يخص القرارات المصيرية، سواء المتعلقة بالمسار السلمي أو مسار المواجهة. وجاءت هذه المعلومات بعد أيام من اتفاق المصالحة الذي وقعته الحركتان في القاهرة، برعاية مصرية، ونص على عودة الحكومة الفلسطينية لتسلم قطاع غزة الخاضع لسيطرة «حماس» منذ 10 سنوات.
وأكدت المصادر أن ثمة اتفاقاً واضحاً بألا يستأثر أي طرف بقرارات كبيرة مثل اتفاق سلام ينهي الصراع أو بدء مواجهة مع إسرائيل. وتابعت: «فيما يخص المواجهة، ثمة تفاهم ضمني بأن ذلك يشمل قطاع غزة والضفة الغربية». ويعني ذلك، بحسب المصادر ذاتها، أن تتوقف «حماس» عن محاولات إشعال مواجهة في الضفة الغربية على غرار ما تفعله في قطاع غزة، في تغيير واضح بسياستها المتعلقة بـ«المقاومة».
واعتمدت «حماس»، خلال الأعوام القليلة الماضية، سياسة الحفاظ على تهدئة في قطاع غزة، والدفع بمواجهة في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي كان يُغضب السلطة الفلسطينية إلى حد كبير، إذ ترى فيه محاولة لجر الضفة إلى مربع الفوضى.
ونفّذت «حماس» في الضفة الغربية خلال سنوات حكمها في غزة كثيراً من العمليات ضد إسرائيل ودعمت وباركت عمليات أخرى، كما عملت على استمرار الانتفاضات الصغيرة التي كانت تنطلق في الضفة الغربية، بل عملت على إشعال بعضها في الوقت الذي كان فيه مسؤولو السلطة يوجهون اتهامات لها باستخدام اسم المقاومة لنشر الفوضى في الضفة والإضرار بالسلطة. واعتقلت السلطة كثيراً من ناشطي «حماس» خلال السنوات الماضية بسبب اتهامات لهم بالعمل ضد المصلحة الفلسطينية.
وأقر مسؤولون في «حماس» في الضفة الغربية، رداً على أسئلة «الشرق الأوسط»، بنية الحركة تغيير نهجها في الضفة، وإعطاء فرصة كاملة لنجاح اتفاق المصالحة وعدم التخريب عليه. وقال مصدر في الحركة: «سنراقب ونرى كيف سيسير الأمر. نريد إعطاء فرصة للاتفاق وسنراقب بعد التزام حماس بشراكة حقيقية إذا ما كانت ستتوقف المضايقات والاعتقالات (التي تقوم بها السلطة) وسيُفرج عن معتقلين أم لا».
وهذه القضية واحدة من القضايا الحساسة بالنسبة إلى السلطة الفلسطينية. وتلاحق السلطة بشكل حثيث حتى اليوم كل شخص في الضفة الغربية يمكن أن يشكل تهديداً للأمن، بما يشمل تشكيل خلايا مسلحة أو تقديم دعم لها، أو العمل على غسل الأموال. وتقول السلطة إنها لا تسمح إلا بسلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد. وهذا الشعار رفعه الرئيس الفلسطيني محمود عباس كي تطبقه حكومته في غزة.
لكن الواقع هناك يبدو أكثر تعقيداً. ففي الوقت الذي نجحت فيه السلطة بتفكيك الجماعات المسلحة في الضفة، يوجد في قطاع غزة «جيوش» تابعة للفصائل الفلسطينية مع مئات آلاف البنادق ومئات الصواريخ.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا السلاح لم يكن موضع نقاش (بين «فتح» و«حماس»)، «لكن حصل توافق ضمني حول أنه (السلاح) سيُستخدم فقط في مواجهة متفق عليها». وربما لا تجد «حماس» مشكلة في ذلك طالما أنه لا توجد نية لدى السلطة للمس بهذا السلاح، ولأنها أصلاً تحتفظ به للمواجهة مع إسرائيل، كما تقول. لكن التغيير الحقيقي فيما يخص نهج «المقاومة» بالنسبة لـ«حماس» سيكون في الضفة الغربية التي طالما أرادت لها الحركة أن تكون مسرحاً للمواجهات.
وقال المحلل السياسي طلال عوكل لـ«الشرق الأوسط»: «طالما هي (حماس) ستلتزم هنا (في غزة) فإنها ستلتزم هناك (الضفة)». وأضاف: «هذا هو الحل المعقول. لا يمكن لها أن تسمح بسحب سلاح المقاومة، لكنها لن تستخدمه. سيكون موضوع المقاومة في الضفة وغزة خاضعاً للقرار الوطني».
ويرى عوكل أنه لا يمكن أن تسمح «حماس» بتحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاق، خصوصاً أمام المصريين. أما بالنسبة إلى الإسرائيليين فقد تكون هذه النقطة هي المسألة الأهم في اتفاق المصالحة بين «فتح» و«حماس» الذي قالوا إنهم «سيراقبونه جيداً». وقال الكاتب الإسرائيلي جاكي غوجي إن هذا الأمر هو الأهم بالنسبة إلى إسرائيل. وكتب غوجي يقول إن التزام «حماس» بالهدنة في الضفة الغربية كان السبب الأهم كي تسكت إسرائيل عن المصالحة، إلى جانب أسباب أخرى من بينها عدم المواجهة مع الولايات المتحدة ومصر. وبحسب غوجي، فإن رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج الذي كان ضمن وفد «فتح» للمصالحة، هو الذي اشترط التزام «حماس» بهدنة تشمل أيضاً الضفة الغربية. وأضاف: «ذلك لم يكن حباً بمردخاي (يوآف مردخاي رئيس الإدارة المدنية الإسرائيلية) لكن لكي يحصل على هدوء في الأراضي التي تقع تحت سيطرته في الضفة الغربية، وحتى لا تنتهك حماس اتفاق المصالحة وتحرج السلطة أمام المجتمع الدولي».
وكان لافتاً بالنسبة إلى الإسرائيليين، وكذلك للسلطة الفلسطينية، أن الرجل الذي وقّع اتفاق المصالحة عن «حماس» هو صالح العاروري المتهم من قبل الطرفين بمحاولة نشر الفوضى في الضفة خلال السنوات السابقة. وتصف إسرائيل العاروري بأنه مدير عمليات «حماس» في الضفة الغربية.
وتقول إسرائيل إن العاروري خطط لهجمات عدة في الضفة وإحداها أشعلت النار بين الحركة والسلطة الفلسطينية، عندما اختطفت مجموعة من «حماس» 3 مستوطنين في الضفة في عام 2014، وهي العملية التي يمكن وصفها بشرارة حرب 2014 على غزة، قبل أن تسلّم إسرائيل السلطة وثائق واعترافات معتقلين حول نية العاروري الانقلاب على السلطة في الضفة عبر تنفيذ عمليات لنشر الفوضى.
وانتخب العاروري الأسبوع الماضي نائباً لرئيس المكتب السياسي لـ«حماس» بعد هجوم إسرائيلي متكرر ضده وإجراءات طويلة بهدف طرده من تركيا وقطر والآن من لبنان. وأعطى توقيع العاروري على المصالحة طمأنينة أكبر للأطراف المختلفة بأنه لن يعمل شخصياً على تخريب الاتفاق الذي وقّعه بيده، وهذه هي إحدى المكاسب غير المعلن عنها في اتفاق المصالحة في القاهرة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.