من المقرر أن يعطي الحزب الشيوعي الحاكم في غضون أيام زعيمه الرئيس الحالي تشي جينبينغ ولاية ثانية، خلال مؤتمر اعتبر في غاية الأهمية من قبل كثير من المراقبين بسبب التحولات الداخلية الصينية والتغييرات الدولية. لكن تبقى القرية نانجي، الواقعة في وسط الصين، وفية لتعاليم ماو تسي – تونغ، الذي كان متشدداً في حكم الصين من 1949 إلى 1976.
وأعرب وانغ هونغبينغ، رئيس الحزب الشيوعي في نانجي منذ 1976، الذي سيشارك في المؤتمر الأسبوع المقبل في بكين، عن ارتياحه بالقول: «حتى تشي جينبينغ يطلب من الجميع القيام بدراسات عن الرئيس ماو». وفي مستهل الثمانينات، عندما تحولت الصين عن الحياة الجماعية، اختار المسؤول القروي اتخاذ موقف مختلف، وقال في تصريح أدلى به أخيراً لوسيلة إعلام رسمية: «في تلك الفترة، لم يفهمنا كثير من الناس، ولم نحصل على دعم، حتى أن البعض وجه لنا انتقادات».
لكن وانغ أكد أن «خطاب الحكومة المركزية بات»، منذ المؤتمر الأخير للحزب في 2012، ووصول تشي جينبينغ إلى الحكم، «أكثر اقتراباً من الطريق الذي اختارته نانجي». ويختلط اليوم موظفون محليون وأعضاء في الحزب بالسائحين للانصراف إلى إعداد دراسات عن «روح نانجي».
وفي نانجي، تكثر المساكن والمقاصف المجانية، وتعلو الأناشيد احتفاء بماو في هذه القرية الواقعة في وسط الصين، التي توصف بأنها آخر مرتع للحلم الشيوعي في بلد استسلم لاقتصاد السوق. ويقول تحقيق للصحافة الفرنسية من نانجي إنه يتدفق سنوياً أكثر من 500 ألف زائر على القرية، في إقليم هينان (وسط)، التي أصبحت نقطة جذب سياحية.
وعلى غرار ما كان يحصل في خضم «الثورة الثقافية»، يستيقظ الـ300 قروي كل صباح على أصداء مكبرات الصوت التي تبث شعارات تشيد بالزعيم السابق، ويبدأون يوم عملهم بأغنيات «حمراء» من المجموعة الشيوعية.
وتطبق نانجي، التي ينتشر فيها الفولكلور الماوي، وتتقاسم الممتلكات، وتعد المصانع فيها ملكية جماعية، نموذج الخمسينات السابق للإصلاحات التي جعلت من الصين الاقتصاد العالمي الثاني. وعلى مقربة من تمثال لماو، يستطيع السائحون الانطلاق على متن قطار أحمر وزيارة الحدائق والمصانع والشقق الجماعية في القرية التي يخبرهم سكانها عن مباهج الحياة الجماعية. إنهم يسكنون شققاً متواضعة، متشابهة، من الأثاث إلى أجهزة التلفزيون المسطحة الشاشات.
ويستفيد سكان القرية من مجانية الشقق والعلاج الطبي والمواد الغذائية، ويستطيعون الوصول إلى مقصف، ويستفيدون من بطاقة تعاد تعبئتها تلقائياً، للقيام بمشترياتهم الغذائية، من الخضار إلى البسكويت. ومن ناحية أخرى، يعملون في مقابل راتب متواضع في المؤسسات القروية.
لكن من الصعوبة بمكان الحديث عن المدى الذي يبلغه فعلاً تطبيق تعاليم ماو.
وفي مصنع المعكرونة، يعترف المسؤولون بأنهم يشكلون «يومياً» جوقات تصدح بالأغاني الشيوعية للصحافيين الزائرين.
وفي 2008، كشف تحقيق أجرته صحيفة «ثاوثرن متروبوليس» الصينية اليومية أن القرية أبرمت عقوداً فاقت 1.6 مليار يوان (206 ملايين يورو) للحصول على قروض مصرفية.
لكن كبار المسؤولين الصينيين أمروا إقليم هينان بإيجاد حل للمشكلة، كما قال وانغ لوكالة الصحافة الفرنسية. وألغيت الديون. وباعتزاز أكد أن القرية «باتت تعول على قوة مؤسساتها لإحراز تطور»، موضحاً أن الأرباح ازدادت 24 في المائة على امتداد سنة.
وتستفيد نانجي اليوم من صورتها، بوصفها ملاذاً للمساواة في مواجهة نسب الثروة المتباعدة الناجمة عن اقتصاد السوق في أماكن أخرى من الصين، وهذا ما جعلها تستفيد من دعم كبار المسؤولين والجمهور. وقالت الموظفة في متجر خارج القرية «إنهم شيوعيون بكل ما للكلمة من معنى هناك»، وأضافت: «بالمقارنة، يمكننا القول إننا رأسماليون».
الشيوعية الصينية بين الماضي والحاضر
الشيوعية الصينية بين الماضي والحاضر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة