ترمب يرفض التصديق على الاتفاق النووي ويفرض عقوبات ضد «الحرس»

الرئيس الأميركي يوجه وزارة الخزانة بفرض عقوبات مالية على تجارب إيران للصواريخ الباليستية

ترمب خلال مؤتمره الصحافي في البيت الابيض أمس (أ. ف. ب)
ترمب خلال مؤتمره الصحافي في البيت الابيض أمس (أ. ف. ب)
TT

ترمب يرفض التصديق على الاتفاق النووي ويفرض عقوبات ضد «الحرس»

ترمب خلال مؤتمره الصحافي في البيت الابيض أمس (أ. ف. ب)
ترمب خلال مؤتمره الصحافي في البيت الابيض أمس (أ. ف. ب)

بعد ترقب دام اشهر, أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ظهر أمس، أن الاتفاق النووي ليس في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة، ورفض التصديق على الاتفاق، لكنه لم ينسحب من الاتفاق، وإنما ألقى الكرة في ملعب الكونغرس الأميركي للقيام خلال 60 يوماً بمعالجة الثغرات الواردة في الاتفاق، وبخاصة ما يتعلق بقدرة إيران بعد 8 سنوات على استئناف جزء من برنامجها النووي، وما يتعلق بالعقوبات الأميركية ضد إيران التي تم تعليقها.
وهدد ترمب بأنه في حال عدم توصل الكونغرس والمشاورات مع الحلفاء إلى قرار حول معالجة الثغرات في الاتفاق فإن الصفقة سيتم إلغاؤها. وعقب الخطاب أجاب الرئيس ترمب على أسئلة الصحافيين بأنه يفضل إعطاء فرصة للمشاورات مع الكونغرس حول ثغرات الصفقة، ولمّح إلى إمكانية انسحابه من الاتفاق.
وقال ترمب في خطابه: «إنني أعلن اليوم أننا لا نستطيع ولن نقوم بالتصديق على الاتفاق، ولن نواصل السير على طريق يمكن أن نتوقع فيه من النظام الإيراني المزيد من العنف والمزيد من الإرهاب، والتهديدات حقيقية بقدرة إيران على التوصل لإمكانات نووية، وأوجّه الإدارة للعمل مع الكونغرس لمعالجة ثغرات الاتفاق الذي يشمل إمكانية رفع قيود بعد عدة سنوات على قدرات إيران النووية وسن قوانين تمنع من أي مسار للحصول على سلاح نووي، والعيوب المتعلقة بالصمت على برامج الصواريخ الإيرانية». وأشار ترمب إلى أن زعماء مجلس النواب ومجلس الشيوخ يصوغون تشريعاً لتمرير قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني لمنع إيران من تطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات، وجعل القيود المفروضة على النشاط النووي الإيراني صارمة. وقال ترمب: «في حال لم نتمكن إلى حل مع الكونغرس وحلفائنا فإنه سيتم إنهاء العمل بالاتفاق».
وأعلن ترمب 4 عناصر في استراتيجية: الأول، العمل مع الحلفاء لمواجهة نشاط إيران المزعزع للاستقرار ودعم الإرهابيين في المنطقة. والثاني، فرض عقوبات إضافية لعرقلة النظام عن تمويل الإرهاب. والثالث، فرض عقوبات على إيران لتجاربها الصاروخية الباليستية والأسلحة التي تهدد جيرانها والتجارة العالمية وحرية الملاحة. والرابع، هو منع إيران من اتخاذ مسار للحصول على سلاح نووي.
وأضاف ترمب: «منذ توقيع الاتفاق استمر النظام الإيراني في تصعيد أنشطته، واستمر في تجارب الصواريخ الباليستية وقد مرر الكونغرس قانوناً لمراجعة الاتفاق للتأكد من أن للكونغرس صوتاً، وطالب الرئيس بالتصديق على التزام إيران بالاتفاق كل 90 يوماً، وبناءً على سجل إيران أُعلن أنني لا يمكن أن أقوم بهذا التصديق وسأوجه الإدارة للعمل مع الكونغرس لمعالجة الثغرات الواردة في الاتفاق».
واتهم ترمب إيران بارتكاب انتهاكات متكررة للاتفاق النووي وعدم الالتزام بروح الاتفاق فيما يتعلق بتجاوز الحد الأقصى البالغ 130 طناً مترياً من المياه الثقيلة وما يتعلق بأجهزة الطرد المركزية، إضافة إلى رفض النظام السماح للمفتشين الدوليين بزيارة المواقع العسكرية التي يشتبه المجتمع الدولي أنها جزء من برنامج إيران النووي للأسلحة النووية، إضافة إلى الاعتقاد بأن إيران تتعامل مع كوريا الشمالية. وشدد ترمب على أنه كلما طال أمد انتظار مواجهة التهديدات -كما حدث مع كوريا الشمالية- أصبحت التهديدات أكثر خطراً.
وأعلن ترمب فرض عقوبات على «الحرس الثوري الإيراني» ووضع قادته على قائمة العقوبات الأميركية، لدعمه الإرهاب، وتطبيق العقوبات على كل وكلاء «الحرس الثوري» وأذرعه التابعة، إضافة إلى وضع عقوبات مالية على إيران (خارج الاتفاق النووي) رداً على تجارب الصواريخ الباليستية وكل الأنشطة الهدامة.
وأشار ترمب في خطابه من غرفة الاستقبال الدبلوماسية إلى سجل إيران منذ الثورة الإيرانية عام 1979 في نشر الفوضى وعدم الاستقرار ومساندة عدة هجمات ضد المصالح والسفارات والقنصليات الأميركية، مشيراً إلى أن سلوك إيران مستمر حتى اليوم في مساندة الإرهاب وتوفير المساعدات لـ«القاعدة» و«طالبان» و«حزب الله» و«حماس»، وتهديد الملاحة في الخليج والبحر الأحمر، وشن هجمات سيبرانية ضد المؤسسات المالية والعسكرية الأميركية، وإشعال الحرب الأهلية في اليمن وسوريا، ومساندة فظائع الأسد ضد شعبه، وقال: «لا يمكن أخذ هذا الأمر ببساطة، وقد قامت الولايات المتحدة ومجلس الأمن بفرض عقوبات لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي لكن الإدارة السابقة قامت برفع هذه العقوبات وأبرمت عام 2015 اتفاقاً مثيراً للجدل واتفاقية عمل مشتركة (JCPOA)، وكما قلت مراراً فالاتفاق هو أسوأ صفقة أقدمت عليها الولايات المتحدة».
وانتقد ترمب قيام إدارة أوباما برفع العقوبات بما يسمح للنظام الإيراني بالحصول على 100 مليار دولار يمكن أن يستخدمها في دعم الإرهاب، إضافةً إلى دفع 1.7 مليار دولار من الأموال السائلة تم شحنها في طائرة إلى طهران وقال: «الجزء السيئ أن كل هذه الأموال تم دفعها مقدماً وليس بعد نهاية الاتفاق والتأكد من امتثال إيران للاتفاق»، وشدد الرئيس الأميركي على أن الصفقة توفر لإيران في أعوام قليلة مساراً نحو إنتاج سلاح نووي، وأن الاتفاق كان مجرد إبطاء لمسار إيران نحو الحصول على سلاح نووي.
وأبدى ترمب تعاطفاً مع الشعب الإيراني، مشيراً إلى أنه كان ضحية نظام ديكتاتوري فاسد، وأبدى أمله في أن تجبر هذه التدابير النظام الإيراني على مراجعة تصرفاته الإرهابية، وأن تساعد الإجراءات الأميركية على تحقيق الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط.
وفور انتهاء خطاب الرئيس ترمب أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على «الحرس الثوري الإيراني» –الوحدة العسكرية الموالية للمرشد الأعلى آية الله على خامنئي. وقال ستيف منوشن وزير الخزانة الأميركي، إن الحرس الثوري لعب دوراً محورياً في أن تصبح إيران الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم.
من جانب آخر كشف السيناتور بوب كروكر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والسيناتور توم كوتون، عن اقتراح لمعالجة الثغرات الواردة في الاتفاق النووي وفرض عقوبات على إيران حول الأنشطة غير النووية ودعم الإرهاب، وتتطلب خطة كروكر وكوتون تصويت 60 صوتاً في مجلس الشيوخ عليها، بينما تعالت أصوات معارضة من الحزب الديمقراطي.
وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس (الخميس)، قبل خطاب الرئيس ترمب، إن الاستراتيجية الجديدة التي تتبعها إدارة ترمب هي أفضل منصة لإصلاح الاتفاق النووي الإيراني، ونفى أن تكون الاستراتيجية انسحاباً من الاتفاق النووي مع إيران، ولكن لن يصدق الرئيس ترمب أن إيران تمتثل للاتفاق.
وأكد وزير الخارجية الأميركي أن الولايات المتحدة ستبقي العمل على خطة العمل الشاملة المشتركة، وقال: «الرئيس ترمب توصل إلى نتيجة أنه لا يستطيع أن يصدق على امتثال إيران للاتفاق أمام الكونغرس وفقاً لقانون مراجعة امتثال إيران للاتفاق عام 2015، ولكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة لا تعتقد أن إيران لا تنفذ فنياً الاتفاق، لكن الاتفاق لا يغطي بما فيه الكفاية منع التهديدات التي تفرضها إيران».



مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

قُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، الأربعاء، جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا إن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.