الجيش التركي ينشر مراقبين في إدلب دفاعاً عن «الأمن القومي»

انقرة تفرج عن طيار سوري وأنباء عن وساطة روسية

قوات تركية في بلدة سلوى شمال سوريا (أ.ف.ب)
قوات تركية في بلدة سلوى شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

الجيش التركي ينشر مراقبين في إدلب دفاعاً عن «الأمن القومي»

قوات تركية في بلدة سلوى شمال سوريا (أ.ف.ب)
قوات تركية في بلدة سلوى شمال سوريا (أ.ف.ب)

أعلن الجيش التركي أن عناصر من قواته بدأت تشكيل نقاط مراقبة في منطقة «خفض التصعيد» في محافظة إدلب السورية، في إطار مسار آستانة، اعتباراً من مساء أول من أمس، ذلك خطوات لضمان وقف النار وإيصال مساعدات وترتيب ظروف الحل السياسي.
وقالت رئاسة هيئة أركان الجيش التركي في بيان، أمس، إن نشر هذه العناصر يستهدف تهيئة الظروف المناسبة من أجل ضمان وقف إطلاق النار واستمراره فضلاً عن إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وإعادة النازحين إلى منازلهم.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن بلاده بدأت عملية الانتشار في إدلب وفق إطار مباحثات آستانة، وقال أمام اجتماع لرؤساء فروع حزب العدالة والتنمية الحاكم بالولايات التركية: «قلنا سابقا يمكننا أن نأتي فجأة إلى إدلب، وهذه الليلة (ليلة أول من أمس) بدأت قواتنا المسلحة بالفعل مع الجيش السوري الحر بتنفيذ العملية في إدلب».
واعتبر إردوغان أنه لا يحق لأي أحد انتقاد قيام تركيا بإطلاق عملية عسكرية في إدلب، مؤكداً أن تركيا تتحرك من منطلق حماية أمنها القومي، قائلاً: «نحن من لدينا حدود مع سوريا يبلغ طولها 911 كلم، وإدلب محافظة حدودية، ونحن من يتعرض للتهديد في كل لحظة، فلا يحق لأحد أن يحاسبنا على اتخاذنا التدابير الأمنية... الذين فشلوا في تركيع تركيا، يخرجون أمامنا كل يوم بمكائد مختلفة».
وأضاف أن بلاده مثلما لم تنسَ الذين وقفوا إلى جانبها في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها، فلن تنسى أيضاً من نصبوا العراقيل أمامها.
وفي بيانه الصادر، أمس، قال الجيش التركي إن عناصر من القوات المسلحة بدأت بفعاليات استطلاعية في منطقة خفض التوتر بإدلب في الثامن من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، واعتباراً من 12 أكتوبر بدأت فعاليات تشكيل نقاط مراقبة في المنطقة.
وذكر البيان أن مهام القوات التركية في المنطقة ستتواصل في إطار قواعد الاشتباك المتفق عليها بين الدول الضامنة في مسار آستانة.
ووصلت، مساء أول من أمس، تعزيزات عسكرية إضافية أرسلها الجيش التركي، إلى وحداته في بلدة ريحانلي بولاية هاطاي جنوب البلاد، في إطار عملية نشر القوات بمنطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
وجرى نشر التعزيزات، التي شملت كثيراً من المركبات العسكرية، بينها ناقلات جند مدرعة، وسيارات إسعاف وحاويات، على الخط الحدودي في ريحانلي. كما أرسلت إدارة الكوارث الطبيعية والطوارئ التركية إلى المنطقة مركبة رصد إشعاعات نووية وبيولوجية وكيميائية.
وكان الجيش التركي واصل فعالياته الاستطلاعية، الأربعاء، من أجل تشكيل نقاط المراقبة في إدلب للمرة الثانية، بعد مهمة مماثلة الأحد الماضي. وتتضمن المرحلة الأولى من الانتشار التركي نشر عناصر مراقبة من القوات المسلحة في المنطقة الممتدة بين إدلب ومدينة عفرين بمحافظة حلب.
وتمركزت عناصر الجيش في إطار هذه المرحلة الأولى في منطقة قريبة من مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة الميليشيات الكردية والمتاخمة للحدود التركية.
وبحسب المخطط له، ستشكل القوات التركية نقاط مراقبة في أكثر من 10 مواقع، خلال انتشارها الذي سيمتد تدريجيا من شمال إدلب باتجاه الجنوب، في الفترة المقبلة وستقيم تركيا بالتنسيق مع «الجيش السوري الحر» نقاط مراقبة في الأجزاء الداخلية من إدلب، فيما ستؤسس القوات الروسية والإيرانية نقاط مراقبة خارجها.
ويهدف الانتشار التركي إلى دعم توفير الظروف الملائمة من أجل ترسيخ وقف إطلاق النار في سوريا بين النظام والمعارضة، وإنهاء الاشتباكات، وإيصال المساعدات الإنسانية، وتهيئة الظروف المناسبة لعودة النازحين إلى منازلهم، حيث يقيم حالياً أكثر من مليون نازح في مخيمات منتشرة بالجانب السوري، قرب الحدود مع تركيا.
وسيسهم الانتشار الذي بدأه الجيش التركي بهدف ضمان وقف إطلاق النار في إدلب، في توفير الأمن للمدنيين، ومن ثم الحيلولة دون حدوث موجة لجوء محتملة إلى تركيا وقد يطول بقاء القوات التركية في إدلب، في ضوء تصريح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الثلاثاء الماضي الذي أوضح أن تركيا ستؤسس نقاط لبقاء القوات التركية في المستقبل.
وقالت مصادر عسكرية إن نقاط المراقبة ستكون بمثابة جدار أمني أمام انتشار وتمدد «وحدات حماية الشعب» الكردية الموجودة في مدينة عفرين التابعة لحلب، لافتة إلى أن «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري، الذي يسيطر على عفرين منذ 2011، يسعي للسيطرة على أجزاء من إدلب من أجل إقامة حزام أو ممر يبدأ من الحدود العراقية ويصل إلى البحر المتوسط.
في سياق مواز، غادر 100 سوري، بينهم نساء وأطفال، أمس، من مخيمات «أونجو بينار» في ولاية كليس جنوب تركيا متوجهين إلى بلادهم حيث تم نقلهم بحافلات صغيرة تابعة لإدارة الكوارث والطوارئ التابعة لرئاسة الوزراء التركية إلى مناطق درع الفرات. وقال أحد العائدين إنه كان يقيم بمخيمات اللاجئين منذ 5 أعوام، وقرر أخيراً العودة إلى المناطق المحررة من سيطرة الإرهاب.
على صعيد آخر، أفرجت محكمة الجنايات في هطاي جنوب تركيا مساء أول من أمس عن الطيار السوري التابع لجيش النظام العقيد محمد صوفان الذي قبضت عليه قوات الدرك التركية في 4 مارس (آذار) الماضي، بعد أن قفز من مقاتلة سوريا قبل أن تتحطم في ريف هاطاي، مع خضوعه للمحاكمة.
وفي إفادته للجهات المختصة، قال محمد صوفان إنه أقلع بطائرته من محافظة اللاذقية السورية، لقصف مواقع في محافظة إدلب، وإن طائرته أصيبت في تلك الأثناء لتسقط في الأراضي التركية، ليتم اعتقاله من قبل السلطات المحلية بالولاية.
ويواجه صوفان البالغ من العمر 54 عاماً، اتهامات بانتهاك حدود تركيا، والقيام بأعمال تجسس.
وسبق للجنة القانونية في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» أن سلمت مذكرة لوزارة الخارجية التركية، طالبت فيها بمقاضاة الطيار بتهمة القتل العمد، وليس فقط انتهاك حدود تركيا كما رفعت مجموعة من المحامين الأتراك دعوى قضائية بحقه لمحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم ضد المدنيين، والحيلولة دون إعادته إلى سوريا.
وأثار إطلاق سراح صوفان غضباً بين السوريين عبروا عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكرت صحيفة «حرييت» التركية أن صوفان موجود حالياً في إدارة الهجرة في هاطاي وليست هناك معلومات حول إمكانية السماح له بالخروج من تركيا أو مغادرة إدارة الهجرة، فيما نقلت قناة «أولوصال» القريبة من حزب «الوطن» التركي اليساري الداعم لنظام الأسد، عن المحامية التركية آنيل جواهر جان، الذي يدافع عن صوفان، أن الطيار سيمثل أمام المحكمة مرة أخرى في 25 أكتوبر الحالي، وأكدت أنه قيد الحجز في قسم الإعادة في إدارة الهجرة. وأشارت تقارير إلى أن الإفراج عن صوفان جاء بوساطة روسية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.