إردوغان يتهم أميركا بـ«النفاق»... و«الناتو» يدعو لإنهاء أزمة التأشيرات

حملة جديدة تستهدف تصفية «الهيكل المالي» لحركة غولن

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يخاطب أعضاء حزبه الحاكم في أنقرة أمس (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يخاطب أعضاء حزبه الحاكم في أنقرة أمس (أ.ب)
TT

إردوغان يتهم أميركا بـ«النفاق»... و«الناتو» يدعو لإنهاء أزمة التأشيرات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يخاطب أعضاء حزبه الحاكم في أنقرة أمس (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يخاطب أعضاء حزبه الحاكم في أنقرة أمس (أ.ب)

واصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان انتقاداته للولايات المتحدة، على خلفية أزمة التأشيرات التي اندلعت بين البلدين الأحد الماضي عقب اعتقال موظف بالقنصلية الأميركية في إسطنبول بتهمة الارتباط بـ«حركة الخدمة» التابعة لفتح الله غولن.
في غضون ذلك، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الولايات المتحدة وتركيا إلى حل خلافاتهما.
وعبّر إردوغان في اجتماع لرؤساء فروع حزب العدالة والتنمية الحاكم بالمحافظات التركية، أمس، عن انزعاج أنقرة مما سمّاه «نفاق بعض الدول التي تسميها (حليفة)»، قائلا إن «أولئك الذين يقدمون (داعش) بوصفه أكبر هدف لهم في مكافحة الإرهاب حول العالم، يتعاونون مع (منظمات إرهابية) أخرى، مثل (حزب الاتحاد الديمقراطي) الكردي وذراعه العسكرية (وحدات حماية الشعب) الكردية في سوريا»، على حد قوله.
وتبدي أنقرة غضبا من تسليح واشنطن «وحدات حماية الشعب» الكردية في إطار عملية تحرير الرقة معقل «داعش» في سوريا، والاعتماد عليها بوصفها حليفا وثيقا في الحرب على التنظيم الإرهابي.
وانتقد إردوغان مجددا الموقف الأميركي من قضية مطالبة تركيا بتسليم غولن قائلا: «إنكم لا تدركون من ترعون»، في إشارة إلى غولن الحليف السابق لإردوغان والذي ينفي أي علاقة له بمحاولة الانقلاب الفاشلة.
وأبدت أنقرة وواشنطن توجها نحو الحوار بشأن أزمة التأشيرات، عقب اتّصال هاتفي جرى مساء الأربعاء الماضي بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون. وقالت مصادر تركية إن الاتصال جاء بتكليف من إردوغان الذي شن هجوما حادا على السفير الأميركي في أنقرة جون باس، الذي انتهت فترة عمله وينتقل اليوم إلى منصبه الجديد سفيرا لدى أفغانستان، والذي حمله المسؤولية عن قرار وقف منح التأشيرات، ووصفه بأنه «أرعن» ومن بقايا الإدارة الأميركية السابقة، ويسعى إلى تدمير العلاقات بين البلدين الحليفين.
من جهتها، أعربت واشنطن عن أملها في إقامة حوار مع الحكومة التركية، وتحقيق تهدئة معها، على خلفية التوتر الدبلوماسي الأخير. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت، خلال الموجز الصحافي اليومي لها مساء أول من أمس: «نأمل إقامة حوار مع الحكومة التركية، وتحقيق تهدئة معها، فنحن دائما ما عقدنا مباحثات ولقاءات كثيرة بين حكومتي بلدينا في مختلف الموضوعات». وأشارت إلى أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، تحدث مع نظيره التركي، الأربعاء، حول سبل حل أزمة التأشيرات بين البلدين.
ومن المقرر أن يلتقي دبلوماسيون أميركيون وأتراك في أنقرة خلال الأسبوع الحالي لبحث الأزمة.
ومساء الأحد الماضي، أعلنت سفارة الولايات المتحدة في أنقرة تعليق جميع خدمات التأشيرات في مقرها والقنصليات الأميركية لدى تركيا، «باستثناء المهاجرين». وردّت السفارة التركية في واشنطن على الخطوة الأميركية بإجراء مماثل على الفور، يتمثل في تعليق إجراءات منح التأشيرات للمواطنين الأميركيين في مقرها وجميع القنصليات التركية لدى الولايات المتحدة.
وجاء التعليق المتبادل للتأشيرت بين البلدين، بعد أيام من صدور حكم قضائي تركي بحبس متين طوبوز، الموظف في القنصلية الأميركية العامة في إسطنبول بتهم مختلفة، بينها محاولة الإطاحة بالنظام الدستوري، والتجسس.
كما قالت النيابة العامة في مدينة إسطنبول، الاثنين الماضي، إنها استدعت شخصا يدعى «ن.م.ج»، يعمل في القنصلية العامة الأميركية بالمدينة، ولا يتمتع بحصانة دبلوماسية، للإدلاء بإفادته في التحقيقات ذاتها التي تتعلق بالارتباط بحركة غولن والتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: «نشعر بقلق بالغ حيال ما إذا كانت تركيا ترغب في التعاون معنا في هذه التحقيقات أم لا. نأمل ألا تكون تركيا تسعى إلى وضع مسافة في العلاقات بيننا. فنحن بحاجة إلى التعاون الجيد بين حكومتينا في مجال الأمن». وأضافت أن «أحد مطالبنا التي وجهناها للحكومة التركية، هو تقديم دليل على إدانة الموظفين الاثنين، والسماح لهما بلقاء محاميهما».
وفي سياق تطورات القضية، التقى موظف القنصلية الأميركية المحتجز متين طوبوز، أمس، بمحامٍ كلف بالدفاع عنه. وقال المحامي، خالد أك ألب، لقنوات تلفزيونية تركية أثناء مغادرته مجمع السجن في منطقة سيليفري غرب إسطنبول: «عقدنا الاجتماع الضروري مع موكلي، ولم تكن هناك أي قيود على لقائنا».
وكان السفير الأميركي السابق في أنقرة جون باس، قد قال إن طوبوز لم يسمح له بتوكيل محام للدفاع عنه، كما منع من لقاء أسرته. وردّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أول من أمس قائلا إنه لا صحة لما قاله باس، وإن المتهم لم يطلب توكيل محام آخر كما أنه لم يطلب مقابلة أسرته.
في السياق ذاته، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الولايات المتحدة وتركيا إلى حل خلافاتهما، وحضهما على إيجاد حلول في أسرع وقت ممكن لأزمة تأشيرات الدخول. وقال ستولتنبرغ في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أمس: «نأسف لهذه الخلافات بين هاتين القوتين العسكريتين الكبيرتين في حلف الأطلسي»، عادّاً أن التعاون مع أنقرة «مهم» في مكافحة التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا.
إلى ذلك، اعتقلت قوات الأمن التركية أمس 53 شخصا في إطار التحقيقات الجارية بشأن محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016، في عمليات في 15 مدينة في أنحاء البلاد. وأصدرت السلطات التركية أمس أوامر اعتقال بحق 115 شخصاً من 15 محافظة، بسبب صلات بمحاولة الانقلاب العام الماضي. وقالت مصادر قضائية إن مذكرات الاعتقال تأتي في إطار عمليات تفتيت «الهيكل المالي»، لـ«حركة الخدمة» التابعة لغولن.
وفي أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة سجنت السلطات التركية أكثر من 60 ألف شخص بانتظار المحاكمة، وجرى فصل أو إيقاف نحو 160 ألفاً آخرين عن العمل بالجيش والشرطة والقضاء والقطاعين العام والخاص. كما أمرت محكمة تركية أمس بحبس 3 أساتذة جامعيين في مدينة أوشاك غرب البلاد للاشتباه في صلتهم بحركة غولن.



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.