النيجر... «بوابة» واشنطن إلى منطقة الساحل والصحراء

خطر الجماعات الراديكالية أدخل الأميركيين مناطق نفوذ فرنسا في أفريقيا

النيجر... «بوابة» واشنطن إلى منطقة الساحل والصحراء
TT

النيجر... «بوابة» واشنطن إلى منطقة الساحل والصحراء

النيجر... «بوابة» واشنطن إلى منطقة الساحل والصحراء

لقد كان الدور الأميركي في الحرب على الإرهاب في الساحل الأفريقي، المعلن بشكل رسمي، مقتصراً على المساعدة اللوجيستية - مثل تزويد الطائرات بالوقود ونقل المعدات، أو الدعم الاستخباراتي عن طريق طائرات «الدرون» (الطائرات من دون طيار). غير أن مقتل جنود أميركيين بالقرب من الحدود المالية - النيجرية، كشف النقاب عن أدوار أخرى بات يلعبها الأميركيون في منطقة الساحل الأفريقي، ما دفع المهتمين إلى التساؤل إن كانت الولايات المتحدة قد أصبحت تزاحم فرنسا في مناطق نفوذها التقليدي.
لطالما كانت النيجر، تلك الدولة الأفريقية الأفقر في العالم: «حديقة خلفية» للنفوذ الفرنسي وقاعدة عسكرية تحط فيها الطائرات الفرنسية التي تطارد أشباح الإرهابيين والمهربين في منطقة الساحل الأفريقي والصحراء الكبرى الشاسعة، إلا أن عملية مسلحة نفذها مجهولون يوم الأربعاء الخامس من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، خلطت الأوراق حين كشفت عن وجود عسكري أميركي في هذه الرقعة من العالم التي يبسط عليها الفرنسيون نفوذهم منذ مطلع القرن العشرين.
لقد تسبب الهجوم المسلح، الذي لم تتبنه أي جهة حتى الآن، في مقتل ثلاثة جنود أميركيين من «القوات الخاصة»، بالإضافة إلى أربعة جنود نيجريين، بينما أعلن البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) أن الهجوم استهدف دورية أميركية - نيجرية مشتركة قرب الحدود مع دولة مالي، وعلى بعد 200 كيلومتر إلى الشمال من العاصمة النيجرية نيامي.
البنتاغون اكتفى بالقول إن الجنود الأميركيين كانوا يساعدون الجيش النيجري في عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة المضطربة، من دون أن يعطي تفاصيل أكثر عن المهمة التي كان يقوم بها جنوده في منطقة خطيرة كالحدود بين النيجر ومالي، تنشط فيها تنظيمات مرتبطة بـ«القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، وأخرى بايعت تنظيم داعش.
ثم إن تعليق البنتاغون على الهجوم الأخير تضمن اعترافاً ضمنياً، هو الأول من نوعه، بمشاركة جنود أميركيين ميدانياً في عمليات عسكرية على الأرض بمنطقة الساحل الأفريقي، في حين كانت هذه العمليات مقتصرة على جيوش دول الساحل الخمس (النيجر ومالي وتشاد وبوركينا فاسو وموريتانيا)، أو 4 آلاف جندي فرنسي منخرطين في عملية «برخان» لمحاربة الإرهاب في الساحل.
النيجر والموقع الاستراتيجي
من الطبيعي أن تكون دولة مثل النيجر محط اهتمام القوى العالمية المنخرطة في الحرب على الإرهاب، بسبب موقعها الجغرافي الذي يضعها في قلب الصراع. فهي رغم كونها تتمتع باستقرار نسبي بالمقارنة مع بقية الدول في شبه المنطقة، إذ لا تتمركز فيها أي من الجماعات المسلحة التي تهدد الأمن والاستقرار في الساحل الأفريقي، فإنها مع ذلك تعد أكبر متضرر من انهيار المنظومة الأمنية في محيطها الإقليمي، كما أنها تشكل ممراً مهماً لتهريب الأسلحة والمقاتلين من ليبيا نحو مالي ونيجيريا.
النيجر تملك حدوداً صحراوية شاسعة مع ليبيا، وتحديداً الجنوب الليبي الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى مرتع خصب للجماعات الإرهابية وشبكات التهريب. كذلك، فإن النيجر يحدها من الجنوب شمال نيجيريا ومحيط بحيرة تشاد، تلك المنطقة التي تزرع فيها جماعة «بوكو حرام» الرعب بعملياتها الدموية والبشعة، ومن الغرب تطل النيجر على شمال مالي، آخر البقاع الدامية في الساحل الأفريقي، حيث تتمركز القوة الضاربة لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الذي يخوض حرباً شرسة ضد القوات الفرنسية وبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وحتى على الصعيد الاجتماعي تعد النيجر «حلقة وصل» ما بين شمال أفريقيا وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء. وهي تشكل بتركيبتها الديموغرافية نموذجاً مصغراً لمنطقة الصحراء الكبرى، ففي الجنوب حيث ترتفع الكثافة السكانية نجد القبائل الأفريقية، مع غالبية ساحقة لقبائل الهَوسا، وهي واحدة من أعرق القبائل الأفريقية، وتتمركز بشكل أساسي في نيجيريا؛ أما في الشمال فنجد قبائل العرب والطوارق.
وهكذا تبدو النيجر جزيرة وسط بركة من الدماء، كما لا يبدو أنها قادرة على النأي بنفسها عن المصير الذي آلت إليه جاراتها، وهي التي تعاني الفقر والجهل والمرض، وظلت إلى وقت قريب تعيش اضطراباً سياسيا تخللته انقلابات عسكرية دامية؛ كل ذلك دفعها نحو الاعتماد في أمنها على الفرنسيين الموجودين بقوة فوق أراضيها. ولكن الفرنسيين كانوا أيضاً يسعون إلى تأمين مصالحهم بالدرجة الأولى، فنسبة كبيرة من اليورانيوم الذي تعمل به المفاعلات النووية الفرنسية مستخرج من مناجم في شمال النيجر.

قاعدة فرنسية كبيرة
يملك الفرنسيون قاعدة عسكرية كبيرة في العاصمة النيجرية نيامي، يتخذونها مركزاً لعملية «برخان» العسكرية لمحاربة الإرهاب في الساحل الأفريقي. وانطلاقاً من نيامي تشن القوات الفرنسية هجمات ضد الجماعات الإرهابية في شمال مالي، بالإضافة إلى مراقبة الحدود بين النيجر ومالي وبوركينافاسو، تلك المنطقة التي توصف من طرف المراقبين بأنها «مثلث الموت». بيد أن الوجود الفرنسي في النيجر لا يتوقف عند هذا الحد، بل شيد الجيش الفرنسي قاعدة عسكرية في عمق الصحراء الكبرى، بأقصى شمال شرقي النيجر، قرب الحدود مع ليبيا، لمراقبة تحركات الجماعات الإرهابية في تلك المنطقة. وهي تتبع الطرق الوعرة التي يسلكها المهربون من أجل قطع الطريق أمام أي تواصل بين الجماعات المسلحة في شمال أفريقيا ونظيرتها جنوب الصحراء.
الأميركيون... الوافد الجديد
فُتحت أبواب منطقة الساحل الأفريقي عموماً، والنيجر على وجه الخصوص، أمام الأميركيين منذ التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي عام 2013، ثم الحرب التي تخوضها فرنسا ضد الإرهاب في الساحل الأفريقي منذ عام 2014، ولقد تمكنت الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع الأخيرة من زيادة وجودها العسكري في هذه المنطقة، وشيدت عدة مهابط للطائرات في النيجر وبوركينا فاسو. وهي تعمل الآن على تشييد قاعدة عسكرية جوية كبيرة في مدينة آغاديز بشمال النيجر.
ولكن رغم تنامي الوجود العسكري الأميركي في النيجر، فإن السفارة الأميركية في النيجر تصر على أن التعاون العسكري بين البلدين هذا العام اقتصر على «التكوين والتدريب، ثم الدعم»، ضمن برامج أميركية معروفة على غرار برنامج «أكوتا»، وهو برنامج التدريب والمساعدة ضمن العمليات الطارئة في أفريقيا، بالإضافة إلى تدريب فلينتلوك الشهير، الذي نظم عدة مرات في النيجر خلال السنوات الأخيرة.
السفارة الأميركية تقول في تقرير منشور على موقعها الإلكتروني إن «البعد الأهم في التعاون العسكري بين البلدين يتمثل في إصلاح القطاع الأمني بالنيجر؛ وهو إصلاح بنيوي وتسييري للجيوش وقوات الأمن، وذلك من أجل تحقيق استغلالٍ أمثل للموارد البشرية والمادية والمالية». وفي هذا السياق أشرف الأميركيون على تدريب أول كتيبة نيجرية تشارك في الحرب الدائرة في شمال مالي عام 2013، بلغ تعداد أفرادها 850 جندياً، استفادوا من البرنامج الأميركي للتدريب والمساعدة ضمن العمليات الطارئة في أفريقيا «أكوتا». وحضر الاحتفال بتخرج هذه الكتيبة السفيران الفرنسي والأميركي في نيامي، وقال وزير الدفاع النيجري خلاله إن هذا التدريب تم بفضل «الدعم الفرنسي» و«التدريب الأميركي»، واصفاً تخرج الكتيبة بأنه ثمرة «تعاون ثلاثي الأطراف».

تنسيق فرنسي ـ أميركي
بدأ التنسيق بين الفرنسيين والأميركيين في منطقة الساحل الأفريقي، عندما قرر الفرنسيون التدخل عسكرياً في شمال مالي شهر يناير (كانون الثاني) 2013، من أجل طرد «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، والجماعات المرتبطة به، من الإقليم الذي سيطروا عليه لعدة أشهر من عام 2012، حاولوا خلالها إقامة «إمارة إسلامية»، ثم بدأوا التخطيط للتوسع نحو العاصمة المالية باماكو في الجنوب، لتستنجد الأخيرة بفرنسا.
كانت طائرات «الرفّال» الفرنسية تحلق من الأراضي الفرنسية لشن هجمات في شمال مالي، وذلك في إطار العملية العسكرية التي أطلق عليها اسم «سيرفال». ولكن المسافة الطويلة دفعت الإليزيه إلى التفكير في حل لتوفير الوقود لهذه الطائرات وهي في الجو، حل وفره الأميركيون على عجل.
الإحصائيات المعلن عنها تشير إلى أنه في الفترة ما بين يناير 2013 ويوليو (تموز) 2015، زوّد الأميركيون الطائرات الفرنسية العاملة في منطقة الساحل الأفريقي بالوقود في الجو أكثر من 2700 مرة. كما أن الطائرات الأميركية العملاقة «سي - 17» شاركت في نقل المعدات لصالح الفرنسيين خلال العملية العسكرية «سيرفال» لطرد الجماعات الإرهابية من شمال مالي، وأيضاً خلال عملية «برخان» التي أعقبتها عام 2014، وما تزال مستمرة حتى اليوم لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.
من جهة أخرى ساهمت طائرات بلا طيار (درون) أميركية في جمع المعلومات الاستخباراتية عن التنظيمات المسلحة النشطة في منطقة الساحل الأفريقي وتبادل هذه المعلومات مع الفرنسيين. كذلك راهن الفرنسيون على 6 طائرات «درون» اشتروها من الأميركيين عام 2013 لتتبع تحرك قادة الجماعات الإرهابية في المنطقة، واستعانوا بالأميركيين لتسيير هذه الطائرات وشن هجمات ساهمت بشكل كبير في اغتيال عدد من قادة «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، ولكنها طائرات استطلاع ولا تملك القدرة على شن هجمات، إذ يؤكد المسؤولون الفرنسيون أنها توفر المعلومات ولكن عند اتخاذ قرار بالهجوم فإن هليكوبترات عسكرية أخرى تتدخل.
وفي يناير من عام 2015 أعلن وزير الدفاع الفرنسي آنذاك أن بلاده ستطلب من الأميركيين توفير ثلاث «درون» أخرى، من أجل تعزيز قدراتها الاستخباراتية في منطقة الساحل الأفريقي، واتخذ الفرنسيون أخيراً قراراً بتسليح الـ«درون» لتكون قادرة على شن الهجمات، وهي المهمة التي سيتولاها الأميركيون.

قاعدة آغاديز
قبل يومين فقط من الهجوم الذي وقع في قرية تانغو تانغو، وأودى بحياة الجنود الأميركيين والنيجريين، نشرت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، عبر موقعها الإلكتروني تقريراً إخبارياً مفصلاً، يتضمن مقابلات مع الجنود الأميركيين وصوراً كثيرة من أشغالهم خلال تشييد القاعدة الجوية الأميركية في آغاديز، بشمال النيجر، التي يتوقع أن تكون مركزاً مهماً للربط الجوي في المنطقة، ضمن الاستراتيجية المتبعة لمحاربة الإرهاب.
التقرير الذي نُشر قبل يومين فقط من الهجوم، أكد أن الأشغال متقدمة في القاعدة الجوية. ونُقلت عن جنود أميركيين تعليقات على ظروف العمل والعلاقات مع الجنود النيجريين والسكان المحليين، إذ قال الملازم أول دانيل تاب: «البلد المضيف كان لطيفاً حين سمح لنا بإقامة قاعدة مؤقتة بالقرب من موقع التدريب العسكري، في الوقت الذي نشيد فيه قاعدتنا ونقيم خط طيران للعمليات الجوية»، قبل أن يضيف: «هذه الأشغال ستمنحنا مساحة للعمل بشكل أفضل حتى نساعد القوات المسلحة النيجرية على تقوية الدفاع الوطني».
في المقابل، شكا الجنود الأميركيون من الظروف المناخية القاسية في المنطقة، قائلين إن التجهيزات والمعدات التي بحوزتهم غير مهيأة للعمل في درجات حرارة مرتفعة وتحت رياح قوية محملة بالأتربة والغبار، كما أن العواصف الرملية التي تتكرر كثيراً تعيق الطلعات الجوية، إلا أن ذلك لم يمنعهم من تشييد قاعدة جوية ستكلف 100 مليون دولار.
أيضاً ينقل التقرير عن جنود آخرين قولهم إن وجود قوات أميركية في النيجر ساهم في الرفع من المستوى المعيشي للسكان المحليين، وحسب أحدهم: «نساعد الناس على تحسين حياتهم الخاصة بطرق مختلفة (...) نساعد العاملين معنا على متابعة تكوينهم العسكري الأساسي، وتنظيم معارض تجارية للباعة المحليين، وإقامة دروس في التغذية من أجل تحسين الأوضاع الصحية في المنطقة»، وفق تعبيره.
وحول المشروع علق ملازم أول أميركي: «نحن ما زلنا في المراحل الأولى من إيجاد موطئ قدم في المنطقة، ولكن يوماً ما، هذه الصحراء التي ترونها خالية، ستتحول إلى خط جوي ساخن، يعمل بكامل طاقته». وفي انتظار أن يكون هذا الخط الجوي جاهزاً للخدمة، سمحت السلطات في النيجر للقوات الجوية الأميركية باستخدام مطار آغاديز من أجل استقبال رحلات جوية لنقل البضائع والتجهيزات، وهي خطوة يرى الأميركيون أنها تعكس متانة العلاقات القائمة بين البلدين، إذ يقول أحد القادة العسكريين الأميركيين: «النيجر حليف مهم بالنسبة للولايات المتحدة، ونحن نعمل يومياً مع الناس هنا في النيجر من أجل محاربة الإرهاب».
الأشغال في هذه القاعدة الجوية بدأت منذ شهر سبتمبر (أيلول) 2016، وفق ما أعلن عنه البنتاغون آنذاك، حين قال إنها ستكون قاعدة لإطلاق الـ«درون» في المنطقة، وأوضح المسؤولون الأميركيون أن هذه القاعدة الجوية يدخل تشييدها في إطار سياسة تهدف إلى تقوية مشاركة الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.
ومن المفروض أن تصل تكاليف إقامة هذه القاعدة الجوية إلى 100 مليون دولار أميركي، وفق بعض التقارير الإعلامية، التي أشارت إلى أن الميزانية الابتدائية كانت 50 مليون دولار. ولكن مع انطلاق الأشغال قرر الأميركيون مضاعفة المبلغ، ما يؤكد أهمية المشروع بالنسبة لهم، وهي أهمية مبررة، خاصة أن آغاديز مدينة تتمتع بموقع استراتيجي مهم، فهي مركز دائرة تشمل ليبيا والجزائر ومالي وبوركينا فاسو ونيجيريا وتشاد، بالإضافة إلى النيجر حيث يقع مركز الدائرة. ثم إن آغاديز هي عاصمة التهريب في النيجر، والبوابة التي تمر منها قوافل المهاجرين نحو أوروبا... إنها نافذة على أسرار الصحراء الكبرى.

تخطيط للبقاء
أسئلة كثيرة تطرح حول هذه القاعدة الجوية. على سبيل المثال شككت لياه بولجر، وهي ضابطة سابقة في البحرية الأميركية أحيلت إلى التقاعد - وسبق لها ترؤس حركة مناهضة للحروب وتدعو للسلام في العالم - في الأهداف المعلنة من طرف الولايات المتحدة بخصوص هذه القاعدة الجوية؛ وقالت بولجر في مقابلة صحافية إن مشروع القاعدة الجوية في آغاديز: «يؤكد رغبة الأميركيين الكبيرة في أن يكونوا قادرين على تنفيذ هجمات ضد أي كان وفي أي وقت يريدون».
وتابعت أن القاعدة الجوية تدخل في سياق السياسة الأميركية في السنوات الأخيرة التي أظهرت اهتماماً كبيراً بأفريقيا، وهو اهتمام قالت عنه إنه «بدأ عندما فصلوا قيادة العمليات في أفريقيا (أفريكوم) عن القيادة الأوروبية، وحتى الآن استثمروا 300 مليون دولار في المنطقة».
بولجر أشارت أيضاً إلى أن استثمار واشنطن مائة مليون دولار في قاعدة جوية وسط الصحراء، يؤكد تخطيط الأميركيين للبقاء طويلاً في المنطقة، قبل أن تضيف أن المدارج التي يشيدها الجيش الأميركي في القاعدة الجوية بآغاديز قادرة على استقبال طائرات ضخمة من نوع «سي - 17». ومن ثم تساءلت: «لماذا يحتاج الأميركيون لأن تحط طائرات عملاقة في وسط الصحراء. بالنسبة لي فإنهم يشيدون هذه المنشأة لتحويلها فيما بعد إلى مركز رئيسي لإطلاق عملياتهم العسكرية في المنطقة».
أخيراً، ترى بولجر أن القاعدة الجوية الأميركية في آغاديز ستساهم في رفع مستوى العداء تجاه الولايات المتحدة في الساحل الأفريقي، خاصة إذا بدأت الـ«الدرون» شن الهجمات في المنطقة، فحينها ستجد الجماعات الإرهابية النشطة في المنطقة حاضنة اجتماعية أقوى من الحاضنة الحالية.

أول عملية خطف
في غضون ذلك توقف المراقبون عند أول عملية اختطاف تستهدف مواطناً أميركياً في النيجر شهر أكتوبر من العام الماضي (2016)، حين أقدم مسلحون مجهولون على اختطاف جيفري وودك، وهو أميركي يعمل في مجال الإغاثة الإنسانية، يقيم في النيجر برفقة أسرته منذ عام 1992، ووقع حادث الاختطاف في قرية نائية بالقرب من الحدود مع مالي. وتزامن الحادث مع الإعلان عن الشروع في تشييد القاعدة الجوية في آغاديز.

أبرز التنظيمات الراديكالية في الساحل والصحراء
1. إمارة الصحراء الكبرى: تتبع لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، ويقودها الجزائري جمال عكاشة المعروف بلقب «يحيى أبو الهمام»، وتضم تحت لوائها أربعة كتائب: كتيبة طارق ابن زياد، كتيبة الفرقان، كتيبة الأنصار، كتيبة يوسف بن تاشفين، وتنشط إمارة الصحراء الكبرى بشكل أساسي في منطقة تمكبتو، شمال غربي دولة مالي، على الحدود مع موريتانيا.
2. تنظيم المرابطون: يقوده الثنائي الحسن الأنصاري وأبو دجانة القصيمي، في ظل غياب مؤسسه الجزائري مختار بلمختار، وهو واحد من أقوى التنظيمات المسلحة في منطقة الساحل الأفريقي. وسبق أن شنّ عدة هجمات نوعية في عواصم غرب أفريقية، من ضمنها باماكو وواغادوغو وأبيدجان، وينشط بشكل أساسي في منطقة غاو، شمال شرقي مالي، مع تأثير يمتد حتى غرب النيجر وشمال بوركينا فاسو.
3. جماعة أنصار الدين: يقودها الزعيم الطارقي المعروف إياد أغ غالي، الذي أسسها عام 2012، وتنشط بشكل كبير في منطقة جبال الإيفوغاس، في أقصى الشمال والشمال الشرقي لدولة مالي.
4. كتائب تحرير ماسينا: بقيادة محمد كوفا، وهي مرتبطة بجماعة أنصار الدين ويؤثر عليها إياد أغ غالي بشكل كبير، بينما يتركز نشاطها في المناطق الوسطى والغربية من دولة مالي.
(التنظيمات الأربعة السابقة، جميعها تعلن الولاء لتنظيم «القاعدة» وزعيمه أيمن الظواهري، ولقد توحدت مطلع العام الجاري 2017 في «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، وسلمت قيادتها لإياد أغ غالي، وأعلنت التنسيق في العمليات التي تستهدف الفرنسيين والأفارقة في شمال مالي).
5. «داعش الصحراء الكبرى»: أسست عام 2015، عندما انشقت عن «تنظيم المرابطون»، يقودها عدنان أبو الوليد الصحراوي، وتعلن الولاء لتنظيم داعش، تنشط بشكل كبير في الشريط الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ويرجح بقوة أن تكون هي من نفذت الهجوم الذي أودى بحياة الجنود الأميركيين الأسبوع الماضي.
6. جماعة أنصار الإسلام في بوركينا فاسو: يقودها إبراهيم معلم جيكو، ويعتقد أنها بايعت تنظيم داعش، وتنشط بشكل أساسي في شمال بوركينا فاسو.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».