العبادي: لن نخوض حرباً ضد مواطنينا الأكراد

قيادي في «الحشد» يتحدث عن «خطة محكمة» لاستعادة السيطرة على نفط كركوك

العبادي خلال رئاسته اجتماع الأنبار أمس (رئاسة الوزراء العراقية)
العبادي خلال رئاسته اجتماع الأنبار أمس (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العبادي: لن نخوض حرباً ضد مواطنينا الأكراد

العبادي خلال رئاسته اجتماع الأنبار أمس (رئاسة الوزراء العراقية)
العبادي خلال رئاسته اجتماع الأنبار أمس (رئاسة الوزراء العراقية)

غداة اتهام حكومة إقليم كردستان العراق بغداد بالتحضير لـ«هجوم موسع» على الإقليم من خلال المناطق المتنازع عليها، شدّد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على أن حكومته «لن تخوض حرباً ضد مواطنينا الأكراد».
وقال العبادي، خلال رئاسته اجتماعاً في الأنبار أمس: «لن نستخدم جيشنا ضد شعبنا، أو نخوض حرباً ضد مواطنينا الأكراد وغيرهم. لكن من واجبنا أيضاً الحفاظ على وحدة البلد وتطبيق الدستور وحماية المواطنين من أي اعتداء وبسط السلطة الاتحادية وإخضاع واردات النفط والمنافذ الحدودية للرقابة لحماية الثروة الوطنية ومصلحة المواطن الكردي». وأكد أن «الأزمة الحالية ليست من صنعنا».
ودعا رئيس الوزراء خلال الاجتماع الذي خصص لمناقشة «توطيد الاستقرار» في الأنبار، إلى «العمل بجد لتسريع إعادة الاستقرار في المحافظة، وغلق مخيمات النازحين وعودتهم إلى بيوتهم في أقرب وقت. ويجب الحفاظ على النجاح الذي تحقق في الأنبار». وحذر من «محاولات العودة إلى المربع الأول وإعادة الخطاب الطائفي والتقسيمي والتفريط بمصلحة الوطن والمواطن»، مشدداً على أن الحكومة «لن تحمي أي جهة اعتدت على المواطنين».
وجاء الاجتماع غداة زيارة العبادي لمقر قيادة العمليات المشتركة للاطلاع على «الاستعدادات العسكرية لتحرير ما تبقى من الأراضي، وتأمين الحدود»، في حين نقلت وكالة الصحافة الألمانية عن مصادر أمنية في الأنبار، أن قوات الشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب والجيش انطلقت، أول من أمس، باتجاه مناطق غربي الأنبار، للمشاركة في تحرير مناطق القائم وراوه، آخر معاقل تنظيم داعش في العراق.
وبالعودة إلى الأزمة الكردية، أبلغ مصدر مقرب من الحكومة العراقية «الشرق الأوسط» بتفاصيل ما جرى، أول من أمس، من توتر بين بغداد وأربيل، في شأن اتهامات «الهجوم الموسع». وقال: إن اتصالات جرت بين كبار المسؤولين في حكومة بغداد لتفادي ما قد يحصل من اشتباك في كركوك، و«اتصلت أطراف كردية برئيس الجمهورية فؤاد معصوم لإطلاعه على خطورة الموقف، فقام معصوم بإجراء اتصالات برئاسة الوزراء تمخض عنها إصدار بيان لنفي الاتهامات الكردية عن طريق المتحدث باسم مكتب العبادي».
وأكد المصدر، أن «الحكومة الاتحادية تطالب الأكراد بتسليهما العشرات من عناصر (داعش) المحتجزين لديهم، وهم لا يمانعون في ذلك، لكنهم بصدد التحقيق معهم بشأن 60 مختطفاً من عناصر البيشمركة لدى التنظيم، مصيرهم غير معروف».
وأشار إلى أن «لدى الأكراد مخاوف من أن تكون مطالبة الحكومة الاتحادية بعناصر (داعش) ذريعة لعملية السيطرة على حقول النفط في كركوك ومناطق أخرى؛ لأن عناصر (داعش) محتجزون في كركوك». وكان العبادي قال خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي الثلاثاء الماضي، إن «بعض الدواعش الخطرين سُمح لهم بالهرب إلى كركوك، ووجهنا بملاحقتهم وجلبهم، وسينالون جزاءهم».
من جهته، رسم قيادي في «الحشد الشعبي» صورة قاتمة للأوضاع المتوترة في كركوك وعموم المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل. وقال القيادي في «الحشد» في قضاء طوز خورماتو، رضا محمد كوثر، لـ«الشرق الأوسط»: إن «المنطقة تبدو وكأنها تعيش على فوهة بركان، ولا يمكن توقّع لحظة الانفجار... هناك حشد للقوات غير مسبوق من قبل البيشمركة، وكذلك هناك قوات كبيرة للحكومة الاتحادية على أطراف كركوك». وأضاف: «أرى أن همّ السكان الوحيد هذه الأيام هو الخلاص من القلق الناجم عن توقع لحظة الصدام. الناس لا تهتم كثيراً بمن يسيطر على الأرض، سواء الأكراد أو الحكومة الاتحادية. الناس تريد نهاية لمخاوفها».
وكشف رضا كوثر، وهو أيضاً رئيس اللجنة الأمنية في مجلس قضاء طوز خورماتو، عن «خطة محكمة» وضعتها الحكومة الاتحادية في بغداد «لإعادة السيطرة الكاملة على حقول النفط في كركوك وجميع المناطق المتنازع عليها» مع إقليم كردستان.
وقال: «لدي معلومات عن تحرك قريب تقوم به الحكومة للسيطرة على آبار النفط في كركوك والمناطق المتنازع عليها، لكنني لست متأكداً من موعده. ربما يحدث غداً أو بعد غدٍ أو بعد أسبوع». وأشار إلى أن «الخطة محكمة تماماً، لا يستخدم فيها الصدام المسلح، وأظن أن الأكراد سيقبلون بنتائجها».
وعلق رضا كوثر على تصريحات الأمين العام لوزارة «البيشمركة» جبار ياور، الذي أعرب عن مخاوف من وجود نحو 43 ألف مقاتل تابع للحكومة الاتحادية قرب كركوك، معتبراً أن «الأكراد لديهم هواجس ومخاوف كبيرة من أن هذه القوات المتواجدة على أطراف كركوك غير مخصصة لتحرير الحويجة، إنما لدخول كركوك، لكنهم في المقابل لا يتحدثون عن الحشود الكبيرة لعناصر البيشمركة في أغلب المناطق المتنازع عليها». وتساءل: «لماذا لا تمثل محاصرة ثلاثة ألوية كردية من قوات البيشمركة لقضاء طوز خورماتو تهديداً لحياة أبناء المدينة؟».
ولفت إلى أن «القوات الحكومية المتواجدة في قضاء الحويجة ما زالت بعيدة عن آبار النفط في كركوك بنحو 35 كيلومتراً، وما زالت القوات الكردية تتمترس على خط الصد مع الحكومة الاتحادية الذي يبدأ من قضاء سنجار وأطراف أربيل غرباً، وينتهي جنوباً في مناطق الطوز وخانقين وجلولاء».
وكان مجلس النواب العراقي صوت الشهر الماضي، غداة إجراء الاستفتاء الكردي، على إلزام القائد العام للقوات المسلحة باتخاذ «جميع الإجراءات الدستورية والقانونية للحفاظ على وحدة العراق... وإصدار أوامره للقوات العسكرية بالعودة والانتشار في المناطق التي كانت متواجدة فيها قبل 10 يونيو (حزيران) 2014 (تاريخ صعود «داعش») والسيطرة على المناطق المتنازع عليها، ومن ضمنها كركوك، وبسط الأمن فيها، والحفاظ على الروابط الوطنية والاجتماعية مع المواطنين الأكراد، باعتبارهم مكوناً أساسيا من مكونات الشعب العراقي».
ويميل معظم المراقبين إلى الاعتقاد بأن حكومة العبادي مصممة على بسط نفوذها على نفط كركوك والمناطق المتنازع عليها، ويعتقدون أنها «مسألة وقت لا أكثر»، إلا إذا حدثت ضغوط من جهات دولية وإقليمية لتلافي ما قد ينجم عن خطوة كهذه، وهو الأمر الذي أكده لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق جاسم محمد جعفر، القيادي في حزب «الدعوة» الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء.
وأغلقت قوات البيشمركة، فجر أمس، الطريقين الرابطين بين أربيل والموصل ودهوك والموصل بساتر ترابي، لكنها عادت وفتحتهما. وعزا المسؤول الإعلامي لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» في الموصل سعيد مموزيني إغلاق الطريق وفتحه إلى «تحركات غير طبيعية من قبل فصائل الحشد الشعبي الموجودة في شرق الموصل على خط التماس مع قوات البيشمركة، لذا أغلقت البيشمركة الطريق لمدة زمنية للضرورات الأمنية».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مسلحين من بين أفراد الحشد لهم أجندات خارجية يحاولون إثارة المشكلات وإشعال نار الحرب». وأكد «تمسك حكومة الإقليم بالحوار والتفاوض لحل المشكلات بين بغداد وأربيل، وأن البيشمركة لن تبادر إلى الحرب أبداً».
وأوضح القيادي العسكري في «حزب الحرية الكردستاني» ريباز شريفي الذي تقاتل قواته جنباً إلى جنب مع قوات «البيشمركة» منذ أكثر من ثلاثة أعوام مسلحي «داعش» في الجبهات الجنوبية والغربية من محافظة كركوك، أن «هناك حشوداً للحشد الشعبي والقوات العراقية في القرى الواقعة أمام جبهات قوات البيشمركة في كركوك».
وأضاف شريفي لـ«الشرق الأوسط»: «كانت لهم الليلة (قبل) الماضية تحركات مكثفة أيضاً، لكن الوضع شهد هدوءا منذ الصباح» أمس. ولفت إلى أن «قوات التحالف الدولي على علم بهذه التحركات وبدأت طائراتها تجوب سماء المنطقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».