هدنة جنوب دمشق برعاية مصرية لتثبيت وقف النار

وقعتها 3 فصائل وتتضمن إدخال المساعدات ومنع التهجير القسري

طبيب سوري يجري عملية دقيقة لرضيع من دوما بالغوطة الشرقية بمساعدة تطبيق أرشده عبره جراح متخصص من خارج سوريا (إ.ب.أ)
طبيب سوري يجري عملية دقيقة لرضيع من دوما بالغوطة الشرقية بمساعدة تطبيق أرشده عبره جراح متخصص من خارج سوريا (إ.ب.أ)
TT

هدنة جنوب دمشق برعاية مصرية لتثبيت وقف النار

طبيب سوري يجري عملية دقيقة لرضيع من دوما بالغوطة الشرقية بمساعدة تطبيق أرشده عبره جراح متخصص من خارج سوريا (إ.ب.أ)
طبيب سوري يجري عملية دقيقة لرضيع من دوما بالغوطة الشرقية بمساعدة تطبيق أرشده عبره جراح متخصص من خارج سوريا (إ.ب.أ)

وقّعت فصائل في المعارضة السورية في القاهرة، اتفاقاً مبدئياً يقضي بتثبيت وقف إطلاق النار في جنوب دمشق، وفتح المعابر وإدخال المساعدات إلى الأحياء والبلدات المحاصرة، بضمانة مصرية، في وقت تحدثت فيه معلومات عن اتساع رقعة التباين الروسي - الإيراني حول طبيعة هذا الاتفاق، الذي يقطع الطريق على التهجير القسري، ويخالف رغبة طهرن في تحويل جنوب دمشق إلى «ضاحية جنوبية» جديدة.
وأفادت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية، أمس، بأن «فصائل: (جيش الإسلام) و(جيش الأبابيل) و(أكناف بيت المقدس) المعارضة، وقعت اتفاقية برعاية مصرية وضمانة روسية لتثبيت وقف النار في جنوب دمشق»، على أن تسري الاتفاقية اعتباراً من الساعة الـ12 من ظهر أمس، بتوقيت القاهرة. وقالت مصادر مصرية إن الاتفاق «تم توقيعه في مقر المخابرات المصرية في القاهرة (صباح أمس)، وهو اتفاق مبدئي، وسيتم استكماله بعد عدة أيام؛ إذ نص على فتح المعابر في جنوب العاصمة دمشق لدخول المساعدات الإنسانية، ورفض التهجير القسري».
الاتفاق جرى وسط انقسام بين الفصائل الموجودة عسكرياً في المناطق المشمولة بالاتفاق، وفق قيادي في «الجيش الحر»، الذي أوضح أن «الاتفاق لا يشمل الجميع، لأن فصائل (أحرار الشام) و(فرقة دمشق) و(لواء شام الرسول)، آثرت البقاء خارجه». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتفاق «يعبّر عن صراع بين الجانب الروسي ومعه النظام، وبين الإيرانيين حول مستقبل جنوب دمشق».
وقال المصدر إن «الإيرانيين لديهم مخطط يهدف إلى تحويل جنوب دمشق إلى (ضاحية جنوبية جديدة) شبيهة بضاحية بيروت الجنوبية، وتحت سيطرة ميليشيات شيعية تابعة بالمطلق لطهران»، عادّاً أن الاتفاق «سيقطع الطريق على المخطط الإيراني، وفيه مصلحة للروس والنظام، لقطع الطريق على التهجير القسري». ووصف القيادي بالجيش الحر الاتفاق بأنه «جيد إذا اكتملت صورته وجرى تثبيته، لأننا أمام اتفاق مبدئي، والسؤال: هل تضمن روسيا تنفيذه كاملاً، أم تنجح إيران في تخريبه كما خرّبت اتفاق حلب؟».
من جهته، أكد محمد علوش، مسؤول المكتب السياسي في «جيش الإسلام» الموجود في القاهرة، للوكالة، أنه بحث الوضع في جنوب دمشق والغوطة الشرقية مع الجانبين المصري والروسي، وذلك بعد ارتفاع وتيرة الخروقات خلال الأيام الماضية. وقال: «أنا موجود في القاهرة بدعوة من القيادة المصرية، للاتفاق مع الروس حول تثبيت وقف إطلاق النار وخفض التصعيد»، مشيراً إلى أنه «تم إدخال مناطق جديدة برعاية مصرية وضمانة روسية»، لافتاً إلى أن «المنطقة التي أدخلت ضمن وقف إطلاق النار كانت مهددة بالتهجير القسري، وهي حي القدم وجنوب دمشق». وأضاف علوش: «تم التوصل لاتفاق على إعلان مبدئي لوقف التصعيد في المنطقة المذكورة».
وكان «لواء شام الرسول»، أحد الألوية العاملة في جنوب دمشق، أصدر بياناً قال فيه إنه «غير مشارك بمؤتمر يعقد في القاهرة، برعاية أحمد الجربا الرئيس السابق للائتلاف السوري، كما أنه يرفض هذا المؤتمر». علما بأن فصائل «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» و«جيش الأبابيل» و«أكناف بيت المقدس» و«فرقة دمشق» و«لواء شام الرسول»، وقعت في وقت سابق، بياناً مشتركاً رفضت فيه «التهجير القسري في جنوب دمشق، وأي اتفاق يؤدي إلى ذلك».
الاتفاق الذي شمل حيي القدم والعسالي وبلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، لم يشمل مناطق شرق دمشق، مثل حي جوبر الذي يقع تحت سيطرة «فيلق الرحمن»، بوصف هذه المنطقة مشمولة باتفاق «خفض التصعيد». وقال وائل علوان، الناطق باسم «فيلق الرحمن»، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن وقعنا اتفاقاً مماثلاً في جنيف بتاريخ 16 أغسطس (آب) الماضي، يقضي بفرض وقف كامل لإطلاق النار لجميع مناطق الغوطة الشرقية وحي جوبر الذي ذكر بالاسم، لكن النظام لم يلتزم به، والضمانة الروسية لم تكن صادقة». وشدد وائل علوان على أن «(فيلق الرحمن) رفض وساطة جديدة قدمها أحمد الجربا، لتثبيت اتفاق وقف النار، لأنه لا علاقة له بمناطق الغوطة أولاً، وثانياً، وهو الأهم، هناك علامات استفهام كبرى حول الجربا، لجهة علاقته بـ(قوات سوريا الديمقراطية)، وعدد من التنظيمات الانفصالية، التي تحمل مشروع تقسيم سوريا».
أما الباحث السياسي والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد أبا زيد، فعدّ أن «الاتفاق يصبّ في مصلحة الفصائل، خصوصا أنه يشمل أحياء وبلدات محاصرة، وهو يناقض خيار التهجير الذي تسعى إيران إلى استكماله، وهي تحاول ضمّ جنوب دمشق بالكامل إلى منطقة السيدة زينب».
وكشف أبا زيد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتفاق ينص على أن يؤول الحكم في المنطقة المشمولة بالاتفاق إلى مجالس محلية يختارها أبناء المنطقة، وضمها إلى مناطق خفض التصعيد»، مشيراً إلى أن «الفصائل المسلّحة ستبقى في مناطقها بضمانة روسية، وعلى أن لا يحصل أي اقتحام لا من النظام ولا من الفصائل، وهذا أفضل الخيارات المتاحة حالياً»، لكن أبا زيد لفت إلى «إمكانية أن تخرّب إيران الاتفاق في مرحلة لاحقة بسبب اختلاف الرؤية بينها وبين روسيا»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «أولوية إيران حالياً هي معركة دير الزور ووصل العراق بسوريا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.