لبنان: مجلس الوزراء يقرّ مصاريف الانتخابات

TT

لبنان: مجلس الوزراء يقرّ مصاريف الانتخابات

أقرّت الحكومة صرف الأموال المخصصة للإنفاق على الانتخابات النيابية، كما عيّنت أعضاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي، بالإضافة إلى قانون حماية المواقع الأثرية، في حين طمأن رئيس الجمهورية ميشال عون إلى «الانتخابات سوف تحصل في موعدها، ولا أحد يقدر على إيقاف مسارها»، مؤكداً أن «البلاد ستشهد مزيداً من التقدم، وسيتحقق الاستقرار الاجتماعي أسوة بالاستقرارين السياسي والأمني».
وكانت جلسة مجلس الوزراء، انعقدت في السراي الحكومي أمس، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، وفي نهاية الجلسة قال وزير الإعلام ملحم رياشي المقررات الرسمية: «تحدث دولة رئيس مجلس الوزراء عن المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي أقرت الأسماء المقترحة لعضويته، فأكد أن المرحلة مرحلة اقتصاد، كلنا نحمل الهم الاقتصادي والمعيشي، والمجلس يشكل مساحة للتفكير والحوار بين كل شرائح المجتمع، وعلى القوى السياسية أن تستمع إلى آرائه».
وأشار إلى أهمية «تفعيل دور المرأة في المجلس الاقتصادي، حيث عينت في الهيئة 12 سيدة، أي بنسبة 17 في المائة من المجلس، وسيدعو رئيس السن إلى انتخاب هيئة المكتب التي ستنتخب بدورها رئيسا ونائب رئيس، وستعين الحكومة مديرا عاما للمجلس، والمسؤولية مشتركة». وأشار وزير الإعلام إلى أن المجلس «أقر قانون حماية المواقع والأبنية التراثية»، مؤكداً أن «البند المتعلّق بتمويل الانتخابات النيابية جرى إقراره». ثم تحدث وزير الثقافة غطاس الخوري، فأشار إلى أن «قانون حماية الأبنية التراثية والأثرية في لبنان، هو محطة تاريخية لحماية التراث والآثار في لبنان». وقال إن «أهمية هذا القانون أنه لحظ طرقا لتعويض أصحاب الأبنية التراثية والأثرية وليستفيد هؤلاء من عقاراتهم ويحافظوا عليها، وبهذا القانون الذي سيحال على مجلس النواب، أنجزنا مهمة كان ينتظرها اللبنانيون منذ فترة طويلة». أضاف خوري: «أبشر كل المهتمين بالتراث في لبنان أنه لن تزال بعد اليوم أبنية تراثية لاستبدال ناطحات سحاب بها، لا بل سوف تتم المحافظة على هذه الأبنية بالطريقة المناسبة».
من جهته، جدد رئيس الجمهورية ميشال عون أمام وفد «لقاء الأحزاب» اللبنانية، طمأنة اللبنانيين بأن «الانتخابات النيابية سوف تحصل في موعدها، وليس لدى أحد القدرة اليوم على إيقاف هذا المسار»، لافتا إلى أن «النهوض بالبلاد هو عملية مشتركة بين جميع اللبنانيين والتغيير المنشود آت وهو ما سيقرره الشعب في الاستحقاق الانتخابي». وأكد أن «البلاد ستشهد مزيدا من التقدم الذي بدأ منذ أشهر لتحقيق الاستقرار الاجتماعي أسوة بالاستقرارين السياسي والأمني السائدين في البلاد».
وقال عون إن «الجهد الذي بذل لوضع قانون انتخابات جديد لن يذهب سدى، الانتخابات النيابية ستحصل، فهي إرادة شعبية وحكومية وليس لدى أحد قدرة اليوم على إيقاف هذا المسار، وليس لدينا أي خوف حول هذا الموضوع، فنحن مرتاحون، لأن من يملك القرار فيه سائر في اتجاه تحقيقه».
وتطرق رئيس الجمهورية إلى الإنجازات التي تحققت خلال الأشهر العشرة الماضية، وقال إن «المواقف التي عبرت عنها في المحافل الدولية وخلال (زيارة الدولة) التي قمت بها لفرنسا مهمة جدا للبنان، ومن شأنها أن تعيد له سيادته واستقلاليته، وقد بدأنا بالتعبير عنها خلال الزيارات التي قمنا بها إلى الدول العربية في بداية العهد، خصوصا فيما يتعلق بخياراتنا السياسية، بدءا من السعودية إلى مصر والأردن وصولا إلى الجامعة العربية». وإذ دعا عون إلى «العمل لتحقيق النهوض»، أشار إلى أن «أوضاع المؤسسات في اتجاه التحسن، من جيش وقوى أمن والسلك الدبلوماسي الذي أصبح كاملا، والسلطة القضائية أيضا، ونأمل أن تسير الأمور بشكل جيد، خصوصا أن مختلف مكونات الشعب اللبناني أصبحت ممثلة عبر القانون الانتخابي الجديد». وأشار إلى أن «الواقع بات جاهزا لإحداث التغيير المطلوب الذي على الشعب اللبناني أن يقوم به، فنحن نحدد الوسائل المطلوبة لإنجازه، أما تحقيقه فيبقى بيد الشعب ليحرر نفسه من الأمور التي تضايقه، وقد قطعنا شوطا مهما حتى الآن وما زال أمامنا الكثير لإنجازه».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.