أسقطت الحكومة الجزائرية مئات الأشخاص من لوائح الترشيح للانتخابات البلدية والولائية المرتقبة في 23 من الشهر المقبل، وذلك بسبب انتمائهم في وقت سابق لـ«التيار الإسلامي المتطرف»، وتحديدا لحزب «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الذي حلته السلطات عام 1992 بتهمة «ممارسة الإرهاب ضد الدولة».
وأبدت عدة أحزاب استياء بالغاً من إقصاء مرشحين منها للاستحقاق بقرار من وزارة الداخلية، التي تسلمت لوائح الترشيحات لإخضاعها لـ«غربال» جهاز استعلامات الشرطة القوي، الذي يمحص في مسارات المترشحين، ويقرر في النهاية إن كانوا «مؤهلين» لخوض المنافسة الانتخابية. وفي كثير من الأحيان يجري حرمان أشخاص من الترشح لأسباب غير موضوعية، حسب بعض المراقبين، من بينها الانتماء إلى حزب في وقت سابق، قدرت الحكومة في ظرف ما أن نشاطه «يمثل خطرا على النظام العام». وبناء على ذلك تم إبعاد عدد كبير من الأشخاص من سباق الانتخابات المقبلة.
وأصدر عبد المجيد مناصرة، رئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، أمس بيانا جاء فيه «لقد تمادت الإدارة المحلية داخل بعض الولايات في ممارسات غير قانونية تتمثل في مصادرة الحقوق والحريات لبعض المواطنين والأحزاب بحجج واهية، وتبريرات لا تصمد أمام الحقوق الدستورية والقانونية المكفولة للجزائريين. وأهم هذه التجاوزات الصارخة والقرارات التعسفية، التي مست أحزاب المعارضة، إسقاط عدد مهم من المترشحين دون مسوغات قانونية، ما يشكل مساسا بالحقوق السياسية والمدنية التي كفلها الدستور وقانون الانتخابات، وذلك بقرارات إدارية وليس بأحكام قضائية نهائية».
ولاحظ مناصرة «تجاوزا في الآجال القانونية المنصوص عليها في القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، الذي يفرض تبليغ المعني بالرفض في أجل عشرة أيام من تاريخ إيداع ملف الترشح. كما تم إسقاط بعض لوائح الترشيحات كلية بسبب التحفظ على متصدر القائمة، وهذه مخالفة صريحة للقانون». كما تحدث عن «إقصاء تعسفي بحجج المساس بالأمن العام ضد أولئك الذين واجهوا المأساة الوطنية (فترة الإرهاب)، وناضلوا من أجل السلم والمصالحة، بمن فيهم منتخبون ورؤساء بلديات سابقون. والأغرب هذه المرة هو طعن الإدارة في أحكام المحكمة الإدارية، التي ينص قانون الانتخابات أنها نهائية».
وحذر مناصرة من «مغبة عدم تصحيح هذه الأخطاء، والاستمرار في هذه السلوكات التي تزرع اليأس وتوسع دائرة العزوف الانتخابي لدى الشعب»، داعيا الجزائريين إلى «إبطال مفعول هذه الإدارة المنحازة ضد الحرية والمساواة والديمقراطية، والمشاركة في الانتخابات المحلية بالانحياز إلى الديمقراطية، ولإنصاف أصحاب الحق الذين يتحملون الظلم من أجل مصلحة الشعب ومصلحة الوطن، عبر التمسك بالمسار الديمقراطي السلمي في الإصلاح والتغيير».
من جهته احتج «طلائع الحريات»، الذي يقوده رئيس الوزراء سابقا علي بن فليس، على إقصاء عدد كبير من مرشحيه للأسباب نفسها. وصدر الموقف نفسه عن أحزاب مصنفة «صغيرة»، تعرضت هي الأخرى لـ«غربال» وزارة الداخلية. وأظهرت «الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات» غيابا لافتا في هذه القضية، ووجد رئيسها عبد الوهاب دربال (إسلامي معارض سابقا) حرجا كبيرا في مواجهة الأحزاب الغاضبة، وذلك في وقت توجد فيه قناعة شعبية بأن ترتيبات الانتخابات الحالية ستستفيد منها الأحزاب الموالية للسلطة، خصوصاً «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي».
وكانت الحكومة قد سنت عام 2006 «قانون المصالحة»، يقترح عفوا عن متطرفين مقابل تسليم أنفسهم، ولكن يتضمن ممنوعات كثيرة على كل مناضلي «جبهة الإنقاذ»، منها حرمانهم مدى الحياة من ممارسة السياسة، بما في ذلك الترشح للانتخابات والانتماء إلى أحزاب. وفي هذا السياق قال محامون وناشطون حقوقيون إن هذه الممنوعات غير قانونية لأنها تتضمن عقوبات جماعية، بينما الأصل هو أن تكون العقوبة فردية يقع تحت طائلتها أشخاص بعينهم. وقد أشيع حينها أن القانون فصل على مقاس علي بن حاج، نائب رئيس «الجبهة الإسلامية للإنقاذ». وطال هذا الحظر مئات الإسلاميين، ووجد من بينهم من لا صلة له بـ«الإنقاذ».
الجزائر تحرم مئات «الإسلاميين» من الترشح للانتخابات
أحزاب المعارضة احتجت على «تعسف وزارة الداخلية»
الجزائر تحرم مئات «الإسلاميين» من الترشح للانتخابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة