اتفاق وشيك بين الروس والمعارضة جنوب دمشق

فصائل تحذّر من تمدد المتطرفين لمناطق تخليها

TT

اتفاق وشيك بين الروس والمعارضة جنوب دمشق

تسارعت اللقاءات بين ممثلي فصائل المعارضة السورية المسلحة في جنوب العاصمة دمشق من جهة، والجانب الروسي من جهة ثانية، للتوصّل إلى اتفاق يفضي إلى إنهاء الحصار على الأحياء والبلدات المحاصرة، وعودة الحياة إلى طبيعتها، وسط غموض حول ما ستؤول إليه الأوضاع، في ظلّ غياب ضمانات حقيقية بعدم تعرّض النظام للمدنيين الذين يؤثرون البقاء في مناطقهم، خصوصاً الرجال منهم، وسط معلومات تتحدث عن تباين بين الإيرانيين والنظام، حيث يستمرّ الإيرانيون بمخطط تهجير السكان وتوطين آخرين مكانهم، فيما يفضّل النظام الاستمرار بالمصالحات المحلية.
ولا تخفي المعارضة رغبتها في التوصل إلى اتفاق حقيقي، خصوصا أن الفصائل لم تعد تمتلك المبادرة في المنطقة المشار إليها، وفق عضو «مجلس الثورة» في ريف دمشق إسماعيل الداراني، الذي أوضح أن «المفاوضات بدأت قبل 3 أسابيع بين المجالس المحلية في جنوب دمشق، والطرف الروسي، خصوصاً في حيي القدم والعسالي، من أجل إنهاء الحصار على جنوب دمشق بشكل كامل، وأن تعود الحياة إلى طبيعتها».
وأكد الداراني لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتفاق المزمع التوصل إليه برعاية روسية، يشمل حيي القدم والعسالي (في الطرف الجنوبي لدمشق) وبلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، التي كانت ضمن اتفاق هدنة، وهذه المناطق لم تتعرض للتدمير كما هي حال حي جوبر»، مشيراً إلى أن «أي اتفاق يقضي بخروج المسلحين من هذه المناطق، سيتبعه سيطرة النظام عليها». وقال: «رغم الرعاية الروسية، فإنه لا توجد ضمانات بعدم اعتقال سكان هذه المناطق من الشباب والرجال، وتجنيدهم للدفع بهم إلى جبهات القتال كما حصل مع أهالي معضمية الشام».
ويترافق الاتفاق المرجّح التوصل إليه خلال 3 أيام، مع مخاوف من «سيطرة تنظيم داعش على المناطق التي سيغادرها مسلحو فصائل المعارضة». ولفت مصدر عسكري في الجيش الحرّ إلى أن «جنوب دمشق مقسوم إلى قسمين يفصل بينهما تنظيم داعش»، وأشار إلى أن «القسم الشرقي يضم بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، ويسيطر عليه (جيش الإسلام) و(أحرار الشام) و(شام الرسول) وفصائل محلية أخرى، أما القسم الجنوبي الغربي فيضم حي القدم، ويقع تحت سيطرة (الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام)، وكل هذه النقاط خاضعة لاتفاقات هدنة ووقف النار».
وأعلن المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن «المجلس المحلي في حي القدم، هو الذي يتولى التفاوض حول هذا الاتفاق»، مؤكداً أن «هناك خوفا كبيرا من أن يؤدي خروج الثوار من حي القدم، إلى دخول تنظيم داعش الموجود بالحجر الأسود إلى القدم والسيطرة عليه وتوسيع نطاق قوته في هذه المنطقة، وهذه المحاذير تؤخذ بعين الاعتبار حتى من قبل الروس والنظام».
وكشف المصدر العسكري عن «خلاف بين النظام والإيرانيين لجهة نظرتهم إلى الاتفاق وترجمته». وقال: «بالنسبة للإيراني، إن ملف التهجير يتقدّم عنده، في حين يتخوف النظام من هذا الأمر، ويفضل الهدنة المحلية وتسوية الأوضاع بما يبقي السكان في مناطقهم»، مشيراً إلى أن «البلدات التي تشملها الاتفاقات أصلاً هي ضعيفة ومقطوعة من الإمداد ومحاصرة بشكل كامل منذ زمن بعيد».
وتترافق هذه التطورات مع انتخابات بدأت في مناطق الغوطة الشرقية، وأعلن الناطق باسم «فيلق الرحمن» وائل علوان لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الانتخابات تشمل المجالس المحلية الداخلية في كل قطاع من قطاعات الغوطة»، عادّاً أنها «عملية ديمقراطية يختار فيها الناس من يمثلهم في هذه المجالس ويقدم لهم الخدمات»، لافتاً إلى أنها «تأتي بعد انتخابات حصلت منذ أشهر، جرى خلالها اختيار القيادة الثورية لدمشق وريفها، والتي شملت القطاع الأوسط وحي جوبر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.