مطالبات بإقالة {كبير مفاوضي} المعارضة بعد انتقاده تركيا

اجتماع الرياض يناقش تصريحاته الأسبوع المقبل

TT

مطالبات بإقالة {كبير مفاوضي} المعارضة بعد انتقاده تركيا

أثارت تصريحات محمد صبرا، كبير المفاوضين إلى «جنيف»، الأخيرة الرافضة للتدخل العسكري التركي في إدلب، انقساما في أوساط المعارضة وصلت إلى حد الطلب بإقالته، وفق ما جاء في كتاب أرسله «وفد قوى الثورة العسكري» المشارك في اجتماعات «آستانة» إلى منسق عام «الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب. في المقابل، اكتفى صبرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بالقول: «أقدّر ظروف من ينتقدون مواقفي وأتفهم الكلام الصادر عنهم، وهي ليست المرة الأولى التي يطالبون فيها بإقالتي؛ إذ كانت المجموعة نفسها الموجودة في تركيا قد قامت بالخطوة نفسها قبل ذلك».
وكانت مواقف صبرا قد لاقت رفض قسم كبير من المعارضة السياسية والعسكرية، وارتفعت الأصوات المعارضة له، ليقوم وفد الثورة ويكرّر التأكيد على كتاب كان قد أرسله إلى حجاب الشهر الماضي مطالبا بإنهاء تكليف صبرا. ووعد منسّق «الهيئة العليا» ببحثه في الاجتماع المقرر في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بحسب ما أكد مصدران في «الهيئة» سياسي وعسكري، لـ«الشرق الأوسط» واستبعد المصدر السياسي أن تصل الأمور إلى الإقالة لأسباب عدّة، أهمها عدم إظهار مشكلات «الهيئة» أو تشرذمها وانقسامها، مذكرا بأنها ليست المرة الأولى التي تواجه مشكلات كهذه مع صبرا، وسبق أن وجهت له ملاحظات عدّة للتخفيف من تصريحاته الصدامية، ومقاربة الأمور بطريقة سياسية وليس شخصية، لكنه عاد وكرّر هذا الأمر. وأكد المصدر القيادي في «الهيئة»، أن الأخيرة غير راضية عما صدر عن صبرا، ومواقفه لا تعبّر أو تتوافق مع توجهاتها.
وجاء في الكتاب الذي وجهه «وفد الثورة» إلى حجاب في تاريخ 17 من سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية تغريدات كتبها صبرا مهاجما وفد المعارضة إلى «آستانة»، وأعيد التأكيد عليه يوم أمس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «حيث إن محمد صبرا مكلف من قبلكم في وفد المفاوضات كبيرا للمفاوضين، وبسبب عدم احترامه لصفته ومسؤولياته، نسجل في كتابنا هذا، شكوى لديكم، ونطلب ما يلي: (إصدار توضيح من الهيئة العليا تعبر فيه عن رفضها لتصريح محمد صبرا وإنهاء تكليفه بمهمة كبير المفاوضين وعضوية الوفد المفاوض، والتحقيق لمعرفة الدوافع في هذه التصريحات وماهية الأطراف التي تقف خلفها)».
وفي حين أكد الوفد في كتابه على «احترام النقد الموضوعي وحرية التعبير ضمن الأصول والقواعد الأخلاقية والقانونية المعروفة»، رأى أن مواقف صبرا التي خرجت عنه وخالفت في مضمونها سياسة الهيئة العليا، تسيء لعلاقتها مع الدول الصديقة، وتفرّق ما بينها وبين قوى الثورة وتسبب خلخلة في صفوف المعارضة.
وبعد الإعلان التركي عن العملية في إدلب، قال صبرا في حديث تلفزيوني «من كان يريد قتال ومكافحة الإرهاب كان عليه من باب أولى ألا يسمح بمرور آلاف المقاتلين من تونس والجزائر والمغرب ومصر وروسيا، فهؤلاء لم يركبوا بساط الريح، بل ركبوا طائرات وحطوا في المطارات وأخذت بياناتهم، وكان هناك من يستقبلهم ويوصلهم للداخل السوري ويؤمن لهم المعسكرات، فلا يجوز القول بأننا سندخل إدلب حتى لا تقوم روسيا بإحراقها». وأكد أنه «من كان يريد التخلص من النصرة في إدلب كان عليه أن يدعم الحراك المدني في المدينة»، معتبراً «أن الجيش الذي يقاتل تحت راية دولة أخرى لا يمكن اعتباره جيشا حرا».
وكما انتقدت شخصيات معارضة مواقف صبرا الأخيرة كانت قد اعتبرت في كتابها إلى حجاب: «أن تغريداته على (تويتر)، أساءت في مضمونها لقادة وشخصيات فاعلة في الثورة السورية، ولتركيا الصديقة والداعمة للشعب السوري وثورته المباركة». لافتة أيضا إلى وصفه «الوفد المفاوض في آستانة بعبارات مقتبسة من الإعلام الأسدي، على غرار، مرتزقة مهزومين انتهازيين تجار دم، يذم ويقدح من خلالها الضباط الأحرار الذين كانوا وما زالوا من كبار القادة الميدانيين».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.