قدمت الحكومة المغربية، مساء أول من أمس، الخطوط العريضة لموازنة 2018 للنقابات الأربع الأكثر تمثيلية في المغرب والاتحاد العام لمقاولات المغرب (اتحاد رجال ونساء الأعمال)، وذلك خلال اجتماع اعتبرته يشكل أولى جلسات «الجولة الأولى للحوار الاجتماعي»، حسب بيان لرئاسة الحكومة.
وأضاف البيان أن الاجتماع شكل مناسبة للنقابات ورجال الأعمال لتقديم اقتراحاتهم ومطالبهم للحكومة، كما شكل فرصة لبحث تصورات الحكومة والشركاء الاجتماعيين لمسلسل الحوار الاجتماعي، الذي شدد جميع المشاركين في الاجتماع على أهمية تأسيسه وترسيخه. وقرر المشاركون في ختام الاجتماع إبقاءه مفتوحاً على أساس أن يحدد الموعد المقبل وجدول أعماله في أقرب الآجال، وذلك بتشاور مع الأمناء العامين للاتحادات العمالية الأكثر تمثيلية، ورئاسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب. وحضر هذا الاجتماع عن الجانب الحكومي كل من وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، ووزير الداخلية، ووزير الاقتصاد والمالية، ووزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، ووزير الشغل والإدماج المهني، والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، إضافة إلى عدد من الأطر العليا لبعض القطاعات الحكومية.
وفي كلمته الافتتاحية خلال الاجتماع أكد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أن «الحكومة عازمة على تفعيل الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية (الاتحادات العمالية)، ومع ممثلي أصحاب العمل لأنها تعتبره آلية أساسية لا غنى عنها لتطوير التعاون بين مختلف الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين». كما أوضح العثماني أن «الحوار الاجتماعي هو السبيل الأمثل لتحقيق السلم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا»، مؤكدا حرص الحكومة على «تفعيل حوار اجتماعي مؤسس، باعتباره مبدأ ومنهجا مستمرا وأسلوبا للتعاون المشترك بين مختلف الأطراف»، وشدد على أن «الحكومة جادة في إنجاح الحوار الاجتماعي، وليس لها أي نية، كما يروج لهذا البعض، في اتخاذ الحوار وسيلة لربح الوقت أو للتهرب من الالتزامات».
كما أشاد العثماني بدور الاتحادات العمالية بقوله «إننا نعول على النقابات في التعبير والدفاع عن تطلعات الشغيلة في احترام متبادل، لأننا حريصون على تفعيل كل آليات الحوار سواء مركزيا أو قطاعيا».
من جهة أخرى، أشار العثماني إلى أن «تفعيل الحوار الاجتماعي وانتظام عقد اجتماعاته ليس كافيا، بل هناك بعض الشروط التي لا بد من التحاور بشأنها، وبعض التحديات التي تستدعي تفكيرا جماعيا لخلق نوع من الموازنة بين التحديات، ومنها وضعية الفئات الهشة التي لا تتوفر على دخل قار أو ذات دخل محدود».
وحث رئيس الحكومة على ضرورة تبني العمل الجماعي، وبناء علاقة قائمة على التفاهم بين مختلف الأطراف، والاتفاق بشأن الالتزامات الممكن تنفيذها، مذكرا بالمرتكزات الكبرى التي لا بد من استحضارها لإنجاح أي حوار، والمتمثلة أساساً في المحافظة على تنافسية المقاولة الوطنية، وصون حقوق وحريات الشغيلة، ثم ضمان التوازنات المالية والاقتصادية للبلاد مقارنة مع الإمكانات المادية المتاحة، وهي مستويات تحتاج حوارا مشتركا في أفق بلورة الحلول المشتركة.
من ناحية أخرى، شكل الاجتماع مناسبة قام خلالها الشركاء الاجتماعيون والاقتصاديون بتقديم رؤيتهم حول مجريات الحوار الاجتماعي وسبل إنجاحه في الدورات المقبلة، بما يؤدي إلى تحسين ظروف عمل الشغيلة ويحفظ تنافسية المقاولة، منوهين في الآن نفسه بمبادرة انطلاق الحوار الاجتماعي في هذه الظرفية التي تتطلب تضافر جهود الجميع.
من جانبهم، أعرب ممثلو الاتحادات العمالية عن تطلعاتهم إلى تحقيق المطالب العمالية، حيث قال الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل الميلودي موخاريق (اتحاد عمالي مستقل) إن نقابته تنتظر من الحكومة أجوبة واضحة وملموسة حول مطالب الطبقة العاملة، من زيادة في الأجور، والرفع من معاشات التقاعد، والحد الأدنى للأجور، وحماية الحريات النقابية، وتفعيل لجنة تقصي الحقائق حول إصلاح التقاعد.
من جهته عبر عبد القادر الزاير، نائب الأمين العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي يساري)، عن أمله في أن تقدم الحكومة أجوبة للقضايا المتعلقة بالحريات النقابية والقضايا الاجتماعية، وعلى رأسها الزيادة في الأجور والحريات النقابية، وتسوية النزاعات وقضايا أخرى تتعلق بالتعليم والنقل. في السياق ذاته أعرب النعم ميارة، الأمين العام لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، (تابعة لحزب الاستقلال المعارض)، عن أمله في أن تطبق الحكومة ما تبقى من اتفاق 26 أبريل (نيسان) 2011، الذي وقعته النقابات مع حكومة عباس الفاسي في سياق الربيع العربي، بالإضافة إلى قضايا أخرى تتعلق ببنود في القانون الجنائي اعتبر أنها تهدد الحريات النقابية، إضافة إلى مشروع إصلاح قانون الإضراب، وتقليص الضريبة على الدخل، والترقي بالشواهد ومعادلة الحد الأدنى للأجور في القطاع الصناعي والفلاحي.
بدوره عبر عبد الإله حلوطي، الأمين العام الاتحاد الوطني للشغل (تابع لحزب العدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة) عن أمله في أن تستجيب الحكومة للملف المطلبي للمركزيات النقابية لتجاوز الاحتقان في الوظيفة العمومية والقطاع الخاص وضمان الحريات النقابية. أما مريم بن صالح شقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، فشددت من جانبها على ضرورة الحفاظ على استمرار ومؤسسة الحوار الاجتماعي، مبرزة أهمية البعد الاجتماعي في تنمية القطاع الخاص، ومساهمة هذا الأخير في تحسين وضعية المأجورين، مشيرة إلى أن القطاع الخاص يخلق 92 في المائة من فرص الشغل بالمغرب، وأن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يعتبر الممثل الرسمي للمشغلين، يدخل الجولة الأولى للحوار الاجتماعي بملف مطلبي يرتكز على 4 نقاط، تتعلق بتعديل مدونة الشغل وإصدار قانون الإضراب، ومرونة سوق الشغل والتكوين المهني باعتبارها عوامل تعزز تنافسية المقاولة، وتساهم في خلق المزيد من فرص الشغل.
المغرب: انطلاق الحوار الاجتماعي وسط مطالب بزيادة الأجور
المغرب: انطلاق الحوار الاجتماعي وسط مطالب بزيادة الأجور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة