هطول الأمطار المفاجئ في غزة يكشف هشاشة البنية التحتية

مواجهة فصل الشتاء ستكون أحد التحديات بوجه الحكومة الجديدة

جانب من شارع صلاح الدين الذي يربط بين محافظات القطاع كما بدا أمس
جانب من شارع صلاح الدين الذي يربط بين محافظات القطاع كما بدا أمس
TT

هطول الأمطار المفاجئ في غزة يكشف هشاشة البنية التحتية

جانب من شارع صلاح الدين الذي يربط بين محافظات القطاع كما بدا أمس
جانب من شارع صلاح الدين الذي يربط بين محافظات القطاع كما بدا أمس

كشفت ساعة من الأمطار المتقطعة عن هشاشة البنية التحتية في قطاع غزة، على الرغم من كل المشاريع التطويرية التي جرت في الأعوام الماضية، بدعم من دول عدة، بينها اللجنة القطرية لإعمار غزة التي تشرف على غالبية عمليات تجديد البنية التحتية.
وفوجئ الغزيون بشوارع جديدة تغرق تماما، وأخرى قديمة تتوقف فيها الحياة مع أول زخة مطر هذا الشتاء.
وتعرضت العديد من الشوارع الرئيسية الهامة في قطاع غزة، منها شارع صلاح الدين الرئيسي والأكبر في القطاع والواصل بين المحافظات، للغرق في مناطق واسعة منه، إضافة إلى شوارع تعد المنفذ الوحيد الواصل لكثير من مدارس الأطفال، والمستشفيات. ولم يتوقف الأمر على الشوارع، بل تعرضت 5 منازل في المحافظة الوسطى للغرق بشكل كامل، وجرى إخلاء سكانها من قبل طواقم الدفاع المدني الذين تخوفوا من حصول انهيارات، نتيجة الكميات الكبيرة من المياه التي تدفقت داخلها.
وتظهر هذه المشكلات المفاجئة، الحاجة السريعة إلى معالجة البنية التحتية، كتحد جديد أمام حكومة التوافق الوطني مع تسلم مهامها على أبوب الشتاء.
وقال المواطن عائد خلف من سكان منطقة حي الزيتون جنوب مدينة غزة، إن أطفاله عادوا من مدرستهم بعد أن تعرضوا للبلل التام، مشيرا إلى أنهم اضطروا للدخول إلى عمق المياه التي تجمعت سريعا، لقطع الطريق والوصول إلى المنزل.
ويتخوف خلف من تعرض أطفاله للإصابة بأمراض جلدية أو أمراض أخرى، متسائلا عن دور البلديات والجهات المختصة في تفادي هذه المشاكل السنوية المتكررة، وعدم قدرتها على إيجاد حلول جيدة ودائمة لتصريف مياه الأمطار إلى المناطق الخاصة بذلك.
وأضاف خلف، «كل موسم شتاء نتعرض لذات المشاكل ولا توجد أي حلول، ودون أن يوضح المسؤولون حقيقة ما يجري». داعيا إلى محاسبة جميع المسؤولين عن البنية التحتية في قطاع غزة، وإلى أن تأخذ حكومة الوفاق دورها بأسرع وقت لإيجاد حلول دائمة، منعا لتعريض حياة الأطفال للخطر أثناء ذهابهم إلى مدارسهم.
وكثيرا ما اشتكى مواطنون مثل خلف، متسائلين حول وجود فساد في المشاريع التي تمولها العديد من الدول والمنظمات الدولية.
وقال سلامة صالح، الذي يعمل سائقا على الطريق بين مدينة غزة ومناطق محافظة وسط القطاع، إنه فوجئ بتعرض بعض مناطق شارع صلاح الدين الرئيسي للغرق، مشيرا إلى أنه اضطر في أكثر من مرة خلال مروره عبر الشارع إلى السير بسرعة بطيئة جدا لتجاوز المياه التي تجمعت في مناطق عدة، ولم يجر تصريفها عبر العبارات الخاصة.
واشتكى صالح من تسبب ذلك في تأخيره عن نقل موظفين ومدرسات إلى أعمالهم مدة 25 دقيقة.
وأعرب خلف عن استغرابه من أن تغرق مثل هذه الشوارع التي جرى ترميمها حديثا، وتساءل عن الأسباب الحقيقية خلف هذا الخلل في شوارع يفترض أنها حديثة ودفعت ملايين الشواكل من أجل تحسينها.
وكان الغزيون يمنون النفس بأن لا تتكرر مشاهد غرق أحياء كاملة في مياه الأمطار هذا العام.
وأرجع ماهر سالم، نائب رئيس لجنة الطوارئ في بلدية غزة، ما جرى إلى تجمع النفايات، وإلقاء المواطنين القمامة في عبارات تصريف المياه إلى البرك والتجمعات الخاصة بها، لافتا إلى أن الطواقم الميدانية عملت فورا على احتواء الموقف وتصريف المياه وإعادة الشوارع لطبيعتها.
وأشار سالم إلى أن جميع المناطق التي تعرضت للغرق، كانت عبارة عن مناطق عبّارات تصريف المياه، ولم يكن هناك أي مشاكل أخرى بالبنية التحتية أو الشوارع التي قال إنه تم تنفيذ تجهيزها بشكل جيد ومتكامل.
وطمأن سالم الغزيين إلى «أن طواقم الطوارئ لديها خطة عمل مجهزة منذ أسابيع، كما أنها نفذت خطة سنوية يجري تطويرها سنويا، لاستقبال موسم الشتاء بحال أفضل من العام الذي سبقه».
وتابع: «لقد تم تنظيف البرك والتجمعات الخاصة باستقبال مياه الأمطار، وتجهيزها بشكل جيد لاستيعاب أكبر قدر ممكن من المياه».
واستبعد سالم أن يشهد فصل الشتاء الحالي أي أخطار على المواطنين كما جرى في سنوات سابقة، مشيرا إلى أن بلدية غزة والبلديات كافة في القطاع، تعمل من أجل مصالح المواطنين.
وأكد سالم على أن البنية التحتية في قطاع غزة ما زالت بحاجة إلى مزيد من التطوير، وأن ذلك يتم بمشاريع يجري إنجازها بمساعدة العديد من الدول والجهات المانحة، التي تسعى إلى تحسين واقع الحياة في غزة. متأملا أن تنجز المصالحة الفلسطينية، وأن تكون بداية لفتح آفاق جديدة، وإنعاش الوضع الحياتي في القطاع على كافة الأصعدة ومنها البنية التحتية.
وبعد الانتقادات الواسعة لعدد من المواطنين ووسائل الإعلام المحلية والناشطين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقل صور ومقاطع فيديو تعرض غرق بعض الأجزاء من مشروع إعادة تأهيل شارع صلاح الدين، والذي يُعدّ أحد أكبر مشاريع اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، أصدرت اللجنة بيانا قالت فيه، «إن ما حصل من غرق لبعض الأجزاء في الشارع، وتحديدا في المنطقة ما بين وادي غزة ومدخل مخيم البريج، ناجم عن قيام أحد المواطنين بإغلاق بالوعات تصريف مياه الأمطار في تلك المنطقة من الشارع بالباطون، ما أدى إلى تضرر بعض المصارف فيها وغرق أجزاء من الشارع في المنطقة المذكورة».
وأضافت اللجنة، «قامت اللجنة القطرية وبعد الوصول للمتسبب بغرق تلك المنطقة بمياه الأمطار، بإبلاغ الجهات المختصة، التي بدورها اعتقلت المواطن المتسبب بالأمر، وتعمل الآن على محاسبته».
وتابعت: «تتابع اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، الموضوع بشكل حثيث مع الجهات المعنية وذوي الاختصاص لمعالجة الأمر وضمان عدم تكراره».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.