تزايد الضغوط على قادة كاتالونيا عشية خطاب حاسم حول الاستقلال

امرأة تقود دراجتها أمام ملصقات باللغة الكاتالونية تدعو إلى «التصويت من أجل الحرية» في مدينة برشلونة أمس (رويترز)
امرأة تقود دراجتها أمام ملصقات باللغة الكاتالونية تدعو إلى «التصويت من أجل الحرية» في مدينة برشلونة أمس (رويترز)
TT

تزايد الضغوط على قادة كاتالونيا عشية خطاب حاسم حول الاستقلال

امرأة تقود دراجتها أمام ملصقات باللغة الكاتالونية تدعو إلى «التصويت من أجل الحرية» في مدينة برشلونة أمس (رويترز)
امرأة تقود دراجتها أمام ملصقات باللغة الكاتالونية تدعو إلى «التصويت من أجل الحرية» في مدينة برشلونة أمس (رويترز)

تزايدت الضغوط الداخلية والدولية على قادة كاتالونيا أمس الاثنين فيما لا يزال رئيس الإقليم الانفصالي يهدد بإعلان الاستقلال اعتباراً من اليوم الثلاثاء خلال جلسة حاسمة للبرلمان وذلك بعد نهاية أسبوع نزل فيها مئات آلاف الكاتالونيين إلى الشوارع دفاعاً عن وحدة إسبانيا.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير من برشلونة عن كارليس بوتشيمون قوله في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الكاتالوني مساء الأحد: «فتحنا باب الوساطة وقلنا نعم لكل إمكانات الوساطة التي عُرضت علينا». وأضاف أن «الأيام تمضي والدولة الإسبانية لا ترد بشكل إيجابي، سنفعل ما جئنا لفعله».
وكان بوتشيمون، الذي تُمارس عليه ضغوط هائلة، قد وعد في وقت سابق بالمضي قدماً إذا لم تقبل الحكومة المحافظة التي يرأسها ماريانو راخوي التفاوض حول استفتاء قانوني حول الاستقلال، وهذا ما ترفضه الحكومة.
وأوردت وكالة الأنباء الألمانية، نقلاً عن مصادر داخل «الحزب الديمقراطي الأوروبي الكاتالوني» (حزب بوتشيمون)، أن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة: إعلان الاستقلال التام؛ أو إعلان استقلال «رمزي» ليس له أثر فوري؛ أو عدم إعلان أي شيء على الإطلاق والدعوة مجدداً إلى الحوار مع مدريد. وقال رامون تريموسا، وهو نائب في الاتحاد الأوروبي من حزب بوتشيمون، لإذاعة «أوندا فاسكا» أمس الاثنين إن بوتشيمون يمكن أن يحذو حذو سلوفينيا التي أعلنت استقلالها في عام 1991 عقب استفتاء غير مصرح به، ولكنها انتظرت لشهور قبل فرضه. ورداً على سؤال لقناة «آر.تي.بي.إف» البلجيكية حول ما إذا كان من الممكن إعلان استقلال كاتالونيا، رد وزير الشؤون الخارجية في حكومة بوتشيمون، راؤول روميفا، قائلاً: «هل هناك بديل لذلك؟»، ما يوحي بأن السلطات الكاتالونية مستعدة للاستماع إلى خيارات أخرى.
لكن حليف بوتشيمون اليساري المتطرف وهو حزب «الوحدة الشعبية» لا يُرجّح أن يقبل أي تراجع. وحذّرت ميريا بويا عضو البرلمان الكاتالوني المنتمية للحزب عبر «تويتر» من أن الإعلان «الخطابي» فقط للاستقلال سيُعد بمثابة استسلام.
وقالت نائبة رئيس الحكومة المركزية في مدريد سورايا ساينز دي سانتاماريا لدى سؤالها عن تطبيق المادة 155 من الدستور التي تتيح تعليق العمل بالحكم الذاتي في كاتالونيا: «الحكومة لن تبقى من دون ردّ إذا أعلن الاستقلال من طرف واحد». ودعت «الانفصاليين الكثر» الذين «يخافون لأنهم لم يحظوا على دعم لا الشركات ولا أوروبا»، إلى تغيير اتجاه بوتشيمون، «المتعصّب» الذي يسعى إلى «دفع كاتالونيا إلى الهاوية».
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن زعيم المعارضة الاشتراكي بيدرو سانشيز توجه إلى بوتشيمون خلال مؤتمر صحافي عقده في برشلونة بالقول: «أوقفوا كل شيء»، مضيفاً أنه «سيدعم ردّ الحكومة».
وفي حين يعبّر قطاع الأعمال في كاتالونيا عن قلقه الكبير، ذكرت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية ناتالي لوازو بأن «النتيجة الأولى» لإعلان الاستقلال ستكون خروج كاتالونيا «تلقائياً من الاتحاد الأوروبي». وتتابع أوروبا بقلق تطورات الأزمة الكاتالونية. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أجرت السبت اتصالاً هاتفياً براخوي ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.
وبات مصير 16 في المائة من سكان إسبانيا يعيشون في هذه المنطقة التي تساهم بـ19 في المائة من إجمالي الناتج القومي للبلاد، مرهوناً بقرار كارليس بوتشيمون ومجموعته، بحسب الوكالة الفرنسية التي قالت إن هذه النزعة إلى الانفصال، التي تصاعدت تدريجياً في السنوات الأخيرة، تقسّم إسبانيا وكاتالونيا نفسها.
وهتف المتظاهرون المعارضون للانفصال ويمثلون نحو نصف سكان المنطقة، البالغ عددهم 7,5 مليون نسمة، «كفى! لنتعقل». وقال المنظمون إن مليون شخص شاركوا في المظاهرة بينما قالت الشرطة البلدية إن عددهم بلغ 350 ألف شخص في شوارع برشلونة، أتوا للدفاع عن «وحدة إسبانيا» في أجواء توتر وقلق.
وقالت مرسيدس سانز ورتيناس (51 عاماً) ربة المنزل التي شاركت مع كل عائلتها في المظاهرة في برشلونة، لوكالة الصحافة الفرنسية الأحد «نشعر بالخوف ونرى أن ذلك سيؤدي إلى الخراب لكاتالونيا وإسبانيا».
ونظم استفتاء في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) في كاتالونيا منعته السلطات في مدريد وشهد أعمال عنف من قبل الشرطة عندما حاولت قوات الأمن التي أرسلتها الحكومة المركزية منع التصويت في عدد من مراكز الاقتراع. وتظهر لقطات رجال الشرطة يضربون كاتالونيين سلميين ما أثار صدمة لدى الرأي العام. ويعتبر الانفصاليون أنهم فازوا في الاقتراع بحصولهم على أكثر من تسعين في المائة من أصوات الناخبين الذين شارك 43 في المائة منهم في الاستفتاء، ما يسمح لهم بإعلان استقلال المنطقة. ويتوقع الجميع أن يصدر هذا الإعلان، إذا كان سيصدر فعلاً، خلال جلسة لبرلمان كاتالونيا مساء اليوم الثلاثاء يلقي خلالها الرئيس بوتشيمون كلمة.
ويبدو هذا الاحتمال قائماً في نظر نحو 15 شركة كبرى بينها مصرفان كبيران قررا نقل مقريهما إلى خارج كاتالونيا، بحسب ما لاحظت وكالة الصحافة الفرنسية. ومن المتوقع أن يواصل قطاع الأعمال ممارسته الضغوط على حكومة كاتالونيا وسط مخاوف من أن تقرر شركات جديدة نقل مقراتها إلى خارج الإقليم.
وكان راخوي لوّح بتعليق الحكم الذاتي للمنطقة وهو إجراء لم يطبق يوماً في المملكة البرلمانية الإسبانية التي تتمتع بنظام حكم لا مركزي، في قرار قد يؤدي إلى اضطرابات. وقال جوزب بوريل الوزير الاشتراكي السابق والرئيس السابق للبرلمان الأوروبي في خطاب في نهاية مظاهرة برشلونة الأحد: «لا تدفعوا البلاد إلى الهاوية». وأضاف أن «العيش معاً كُسر في هذه البلاد. علينا إعادة البناء والدفاع عن التعددية».
وعلى الرغم من صعود النزعة الانفصالية في المنطقة، لم يحصل مؤيدوها سوى على 47,8 في المائة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة التي جرت في 2015 وحصلت الأحزاب التي تدعم البقاء في إسبانيا على عدد أكبر من الأصوات.
لكن الاستقلاليين يشكلون غالبية في البرلمان حيث يشغلون 72 مقعداً من أصل 135 بسبب نظام للأصوات يهدف إلى تشجيع المناطق الريفية.
وكما لو أنها تريد مقاومة ضغوط الرافضين للاستقلال، دعت الجمعية الوطنية الكاتالونية التي تعد من أقوى هيئات الانفصاليين في المنطقة إلى «إعلان الاستقلال» اعتباراً من اليوم الثلاثاء.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».