الميليشيات الانقلابية تعدم أسرة كاملة رمياً بالرصاص في تعز

TT

الميليشيات الانقلابية تعدم أسرة كاملة رمياً بالرصاص في تعز

في واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها اليمن، أقدمت الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، على إعدام أسرة كاملة في مدينة تعز (وسط اليمن) بالتزامن مع شن قصف عنيف على منطقة حمير في مديرية مقبنة بتعز، كما قامت بمنع إسعاف أو دفن أفراد الأسرة إمعاناً في البطش والوحشية.
وبحسب مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان في تعز، ارتكبت الميليشيات الحوثية وقوات صالح أول من أمس، مجزرة بحق أسرة التربوي طه حسين فارع، بعد فشلها في العثور عليه.
ووفقاً لمعلومات وحدة الرصد بمركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، داهمت الميليشيات منزل طه فارع في منطقة عبدان بمديرية صبر الموادم جنوب شرقي تعز، للبحث عنه واعتقاله، وعندما لم تجده في المنزل، قامت بإعدام زوجته وابنه وأخيه رمياً بالرصاص، في جريمة غير مسبوقة تتجاوز في بشاعتها جرائم الحرب، على حد وصف المركز الحقوقي.
وقال المركز في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن «القتلى الذين أعدمتهم الميليشيات الحوثية وقوات صالح بدم بارد من أسرة فارع هم زوجته اتحاد قاسم محمد علي البالغة من العمر 35 عاماً، وابنه أنس طه فارع البالغ من العمر 15 عاماً، وأخوه محمد حسن فارع البالغ من العمر 40 عاماً».
ورد أهالي عزلة عبدان وعدد من قرى جبل صبر، جنوب تعز، على عملية ارتكاب ميليشيات الحوثي وصالح لعملية إعدام أسرة التربوي والنقابي طه حسين فارع، بالثأر لتلك العملية من خلال شن هجوم واسع النطاق على مواقع وأوكار الميليشيات الانقلابية في جبل صبر، وقتل ما لا يقل عن 20 انقلابيا وجرح العشرات إضافة إلى أسر عشرات آخرين وتحرير عدد من المواقع بما فيها قرية العريش الاستراتيجية، أسفل منطقة العروس، وقطع خط إمداد الانقلابيين المتواجدين في منطقة الصرمين.
واستغرب مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان ومقره تعز، صمت المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية على هذه الجريمة الشنيعة، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه جرائم حرب ممنهجة يقوم بها الحوثيون وصالح في مدينة تعز المحاصرة. كما ناشد المركز، المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية، العمل بجدية تجاه جريمة مروعة لم يسبق لها مثيل. وأضاف: «يعدم الأطفال بالرصاص وبشكل علني، بينما تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الخاص بحماية الأطفال في أماكن النزاع لم يمض عليه ساعات لتتأكد الحقائق أن الموقف الدولي لم يكن منصفاً ولم يسع بالجدية الكافية لإدانة الجرائم الواضحة بقدر ما سعى لتوازنات سياسية ضاعت معها بوصلة الحق».
إلى ذلك، تمكنت قوات الجيش الوطني من السيطرة على قرية عبدان بشكل كامل وقرية العريش في عزلة تباشعة التابعة لمديرية صبر الموادم، علاوة على السيطرة على مرتفعات جبلية هامة بعزلتي عبدان وتباشعة ومقتل عدد من الانقلابيين بمن فيهم قناص كان يتمركز بأحد المنازل الواقعة بين قريتي الحدادين والجيرات، شرق صبر، وكان يستهدف المواطنين المدنيين.
واستنكر ناشطون هذه العملية الوحشية التي وصفوها بأنها «إبادة جماعية». وقال الناشط الحقوقي مختار محمد، من أبناء تعز، لـ«الشرق الأوسط» إن «العشرات من المواطنين من سكان عدد من القرى في جبل صبر شنوا هجومهم العنيف والمباغت على مواقع الميليشيات في قرية العريش وعدد من المواقع بعدما قامت الميليشيات بمداهمة منزل أحد المواطنين وقتلت زوجته وولده في قرية الجيرات، شرق صبر، ما تسبب في اشتعال المواجهات بين الانقلابيين وأبناء المنطقة والقرى المجاورة الذين خرجوا ليدافعوا عن أعراضهم وقاموا بإحراق طقمين عسكريين للانقلابيين وقتل ما لا يقل عن 15 انقلابيا وجرح آخرين، علاوة على أسر عدد من الانقلابيين في المنطقة»، مشيرا إلى أن الأنباء «تؤكد القبض على القيادي المتحوث شيخ قرية العريش، بعد السيطرة على القرية، حيث إنه المتهم بعمليات الاختطافات التي طالت أبناء المنطقة».
وأكد أن «قوات الجيش الوطني والمواطنين تمكنوا من الوصول إلى مداخل الرازي ومشارف قرية خربان وتمكنوا من قطع خط إمداد الانقلابيين، خط عبدان الصرمين، وفرضوا حصارهم المطبق على عناصر الميليشيات في منطقة الصرمين ابعر».
وفي جبهة مقبنة، غرب تعز، قتل أكثر من 5 انقلابيين وجرح آخرون من الانقلابيين في مواجهاتهم مع الجيش الوطني الذي دمر رشاش 14.5 تابعا للانقلابيين جراء استهدافهم بمدفعية الجيش الوطني في جبل العويد بمقبنة، كما قتل القيادي الحوثي المدعو أبو حمزة في مواجهات مع الجيش عقب محاولة تسلل للميليشيات إلى مواقع الجيش في جبهة الكدحة، غرب المدينة، طبقا لما أكده مصدر في محور تعز العسكري لـ«الشرق الأوسط».
من جهة أخرى، أعلنت الفرق الهندسية التابعة للمنطقة العسكرية الخامسة عملها انتزاع عشرات الألغام المختلفة الأحجام والأغراض التي زرعتها الميليشيات بوادي بن عبد الله شمال غربي مدينة حرض بحافظة حجة قبل فرارها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.