كيف أحدثت التكنولوجيا تحولاً في عالم تناول الطعام؟

ناقد الطعام في «نيويورك تايمز» يشرح كيفية عمله

كيف أحدثت التكنولوجيا تحولاً في عالم تناول الطعام؟
TT

كيف أحدثت التكنولوجيا تحولاً في عالم تناول الطعام؟

كيف أحدثت التكنولوجيا تحولاً في عالم تناول الطعام؟

كيف يستخدم صحافيو «نيويورك تايمز» التكنولوجيا في حياتهم الشخصية؟ بيت ويلز ناقد الطعام في الصحيفة المذكورة شرح التكنولوجيا التي يستخدمها.
هناك الكثير من التغيرات المتراكمة غير الظاهرة التي تؤثر على المطاعم أكثر مما تؤثر على المستهلكين مثل أنظمة الحجز المعقدة، وبرامج نقاط البيع، لكني أعتقد أن التغير الأكبر والأكثر تأثيراً هو ارتباط التصوير الرقمي بالإنترنت. لقد أصبح التصوير اليوم هو الطريقة الأساسية التي نتحدث بها عن الطهي في المطاعم، إنني أكره قول ذلك لكن هذه هي الحقيقة.
لقد كتبت مقالاً عن هذا الموضوع منذ بضع سنوات حين كانت ملامح العالم الجديد في طور التكوين، وقد بات الأمر أكثر وضوحاً الآن. في ذلك الوقت كان مصممو المطاعم قد بدأوا للتو التفكير في إضاءة أماكن تناول الطعام بحيث يتمكن الناس من التقاط صور أفضل ليعرضوها على موقع «إنستغرام»، أما الآن فإنهم يتحدثون عن الأمر بصراحة، وتراه حولك في كل مكان. إنه الشيء الذي قضى على أحدث توجه في مجال الإضاءة، وهو لمبات إيديسون المتدلية الملونة بلون العنبر.
يركب الجميع حالياً لمبات في السقف تركز الضوء، وذلك لتسليط الضوء مباشراً على الطاولة، وهذا هو السبب وراء كل هذا الكمّ من الصور ذات الإضاءة الحادة، ودرجة التباين المرتفعة لأطباق على موقع «إنستغرام». تقوم المطاعم بهذا الأمر لأنه يساعد في تسويق ما تقدمه، ويتمتع بعض مشتركي موقع «إنستغرام» بشعبية كبيرة لذا توجه إليهم المطاعم دعوات لتناول وجبة، فكما ترى لا يوجد شيء بلا ثمن. قيل لي إن إحدى شركات دعاية المطاعم الكبرى في نيويورك لديها موظف يعمل بدوام كامل، وتقتصر مهمته على مساعدة المطاعم في عالم الـ«إنستغرام».
يحل ذلك إحدى المشكلات الأساسية التي كانت تواجهها المطاعم عندما كانت وسائل الإعلام «القديمة» هي اللعبة الوحيدة في البلاد. كيف ستجعل الناس يتحدثون باستمرار عن مطعمك بعدما يتلاشى الصخب الذي يصاحب الافتتاح تدريجياً؟
في الوقت الذي يصور فيه رواد المطاعم طعامهم هذه الأيام، حسبما يقول ويلز، عدّلت المطاعم الإضاءة لديها، حيث أصبحت قادراً الآن على التقاط الصور الخاصة بالعمل دون الحاجة إلى الوقوف.
إلى جانب التسويق، هناك الكثير من التداعيات والآثار الإبداعية، حيث أصبح الطهاة أكثر تركيزاً على إعداد الأصناف التي تظهر بشكل أفضل في الصور. لذا انتهى بي الحال إلى تناول كمية كبيرة من الأزهار والأوراق التي لا طعم لها، لكنها بالتأكيد تجعل الطبق يبدو مبهجاً وملوناً، نظراً إلى أن أكثر الأصناف التي يتم طهوها ذات لون بنّي؛ هذا فضلاً عن الألواح والأردواز والصخور التي يتم طلب استخدامها في الأطباق.
لقد جعل هذا الأفكار الخاصة بالطعام تنتقل من مكان إلى آخر بوتيرة أسرع. لا يستخدم الطهاة التصوير الفوتوغرافي للتسويق فحسب، بل لتوثيق عملهم لمقارنته بعمل أقرانهم وزملائهم، ويتضح هذا جلياً في الطريقة التي يستخدم بها رينيه ريدزيبي في كوبنهاغن موقع «إنستغرام»، وقد أسهمت هذه الطريقة في انتشار أسلوب طهيه حول العالم في غضون بضع سنوات.
> كيف أحدث هذا تغييراً في طريقة قيامك بعملك؟ ما الإيجابيات والسلبيات؟
- أفضل ما في التقاط الناس لصور الطعام هو أنني أستطيع القيام بذلك دون أن أبدو غريباً؛ فقد اعتدت توخي الحرص حين أخرج هاتفي، وكنت أتجه نحو الحمّام وأدوّن بعض الملاحظات بسرية، أما الآن فألتقط الصورة بحرية طوال الليل دون أن أبدو مختلفاً أو شاذاً. التصوير الفوتوغرافي هو المرحلة الأولى من تدوين الملاحظات؛ فبعدما أعود إلى المنزل، أعيد ترتيب انطباعاتي عن الوجبة، وأبدأ بالصور التي التقطتها للطعام وقائمة الطعام. حين بدأت العمل في هذا المجال، نصحني ناقد طعام سابق بسرقة قوائم الطعام حين تواتيني الفرصة، لكن لم يعد هذا ضرورياً الآن.
أزور «يلب» أكثر مما يفعل النقاد الآخرون لأني مقتنع بأنه يحتوي على معلومات قيمة. الجزء الصعب في الأمر هو استخلاص تلك المعلومات من بين الأشياء عديمة الفائدة الأخرى، والتي يراها أكثر الناس في المنصات الإعلامية الخاصة بالطعام حين يزورون «يلب».
تتمثل المشكلة الأساسية في أنه قد تم إنشاء «يلب» بحيث يكافئ من ينشر مشاركات أكثر لا من يمتلك معرفة أو خبرة. مع ذلك هناك أفراد على «يلب» يعرفون الكثير عن الطعام، ويتناولون وجبات في أماكن مختلفة، ولديهم أساس قوي يمكّنهم من المقارنة. أرى أن «يلب» متميز في الطعام الكوري، والصيني، والياباني لعدة أسباب من بينها أن الكثير من المشاركين بالموقع على دراية كبيرة بتلك المطابخ.
> ما شعورك تجاه تطبيقات التوصيل مثل «إنستاكارت»، أو «كافيار»، أو «أوبر إيتس»؟ هل تستخدمها بكثرة؟
- لا أستخدم تلك التطبيقات، فأنا لا أتناول الطعام خارج المنزل في أكثر الأحوال، وحين أفعل ذلك، أرغب في الطهي. لقد استخدمت «كافيار» في سياق كتابة مقال نقدي لمطعم منذ بضعة أسابيع، وكنت سعيد بأدائه الجيد.
> هل تستعين بالتكنولوجيا؟
- تغير النصائح الخاصة بالتكنولوجيا الطريقة التي تعيش بها.
أهم شيء تقوم به المطاعم على موقعها الإلكتروني هو نشر قائمة الطعام والمشروبات الخاصة بها الموضح بها الأسعار. يمكن الحصول على المعلومات الأخرى التي قد تحتاج إليها، وهي ليست كثيرة، باستخدام محرك البحث «غوغل» رغم اعتقادي أنه ينبغي مقاضاة مصممي المواقع الإلكترونية الذين لا يضعون عنوان ورقم هاتف المطعم وساعات عمله على الموقع الإلكتروني.
> بصفتك ناقد طعام عليك الحفاظ على سرية هويتك حين تزور مطاعم جديدة، كيف تقوم بذلك في عصر يتطلب منا التضحية بخصوصيتنا على الإنترنت؟
- لا يمثل هذا الأمر مشكلة كبيرة، ودائماً ما يفاجأ الناس بقولي ذلك، لكنها من الأمور التي لم تؤثر عليها التكنولوجيا كثيراً. قبل أن يكون لدينا صور رقمية، كانت المطاعم تتعرف على هوية الناقد من أغلفة الكتب الخارجية، حيث قام كل من روث رايكل، وويليام غريمز، وفرانك بروني، بتأليف كتب قبل أن يصبحوا ناقدي طعام، وكانوا ينسخون تلك الصور ويتشاركونها مع أصدقائهم في المجال. أتذكر أنه في التسعينات أراني صديق لي كان يعمل نادلاًَ صورة روث الذي كان ناقد طعام آنذاك. رغم أنها كانت نسخة من الجيل الخامس عشر، يظل بمقدورك التعرف عليها.
أصبح الإخلاص والإرادة أهم الآن، لكن تمتلك أكثر المطاعم صورة لي على جدرانها منذ نحو عشر سنوات. كانت هناك صور حديثة تم التقاطها لي بينما أتناول الطعام في مطعم وقد تم تدوالها، لكنها سيئة للغاية. يعرف أصدقائي أنه غير مسموح لهم بوضع صور لي على موقع «فيسبوك»، وأنا لا ألتقط صوراً ذاتية، لكن على الأرجح كنت سأكون من محبي هذه الصور الذاتية لو كانت وظيفتي مختلفة.
يتم التعرف عليّ في أغلب الأوقات لأن شخصاً ما يعمل في ذلك المطعم كان يخدمني في مكان آخر كتبت عنه. ليست التكنولوجيا هي من تمسك بي، بل ذاكرة البشر. أشعر أن هذا الأمر يبعث على الطمأنينة.
خدمة (نيويورك تايمز)


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.