وسط حالة من التراجع الأدائي لمستوى حراس المرمى في السعودية بات قرار التعاقد مع النجم الألماني التاريخي أوليفر كان قائد منتخب ألمانيا في كأس العالم عامي 2002 و2006، لتطوير حراس المرمى الوطنيين، فضلاً عن إنشاء أكاديمية باسمه في البلاد، بمثابة طوق إنقاذ للحالة التي تعيشها كرة القدم السعودية منذ سنوات.
في كرة القدم يعد حارس المرمى نصف الفريق، ومصدراً للثقة والاطمئنان لبقية زملائه داخل المستطيل الأخضر، وبناء المخططات في أثناء المباريات والموجّه الأول لبقية زملائه، خصوصاً الخطوط الخلفية. والكثير من الحراس أسهموا في تحقيق أنديتهم ومنتخباتهم العديد من البطولات على المستوى القاري والعالمي، وكانوا من أهم الركائز الأساسية التي يعتمد عليها المدربون في تحقيق الإنجازات.
غير أن الكرة السعودية فقدت هذه الميزة في السنوات العشر الأخيرة، ولم تستقر الحراسة السعودية على اسم بعينه، بعد أن تعاقب عليها أكثر من 8 أسماء من بينهم 3 حراس في التصفيات الأخيرة المؤهلة لمونديال كأس العالم 2018 في روسيا، لكن المسؤولين في كرة القدم السعودية لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه المعضلة التي بدت تؤرق جميع الأجهزة الفنية التي أشرفت على تدريب الأخضر، وتهدم أحلام المشجع السعودي الذي اعتاد مشاهدة منتخب بلاده على منصات التتويج القارية ولا يغيب عن المحافل العالمية.
واتخذ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ قراراً تاريخياً، فجر أمس، تضمن التعاقد مع الحارس الألماني الشهير أوليفر كان الذي يعد من أفضل الأسماء التي مرت على كرة القدم العالمية في حراسة المرمى، يتولى بموجبه الإشراف على أكاديمية متخصصة في مركز حراسة المرمى، رغبةً منه في تطوير مستويات حراس كرة القدم وبنائهم بناءً مناسباً يتوافق مع أحدث أساليب اللعبة وتطورها، وتحقيقاً لصناعة جيل رياضي متفوق في هذه اللعبة الشعبية.
وجاء تعاقد رئيس الهيئة العامة للرياضة مع الحارس الألماني الشهير، دعماً لخطة الاتحاد السعودي لكرة القدم نحو مستقبل أفضل لكرة القدم السعودية، وسيتولى أوليفر كان بموجب العقد الإشراف وإدارة هذه الأكاديمية التي ستحمل مسمى «أكاديمية أوليفر كان الدولية» وستكون متاحة لكل المستفيدين والراغبين من مختلف دول العالم، على أن تكون العاصمة السعودية الرياض مقراً لها.
وعُيّن أمس حارس المنتخب السعودي ونادي الاتحاد حسين الصادق ممثلاً للهيئة العامة للرياضة في الإجراءات والترتيبات الخاصة بتأسيس الأكاديمية ومتابعة كل ما يتعلق بها، على أن يبدأ مهامه الأسبوع المقبل.
ورغبةً من الهيئة في تطوير قدرات حراس كرة القدم في المنتخب الأول والأندية السعودية، سيتولى الألماني أوليفر كان منتصف الشهر الجاري في العاصمة السعودية الرياض تقديم برامج تدريبية إضافية لحراس مرمى المنتخب السعودي المتأهل لنهائيات كأس العالم في روسيا 2018. بالإضافة إلى برامج أخرى مكثفة للحراس من مواليد السعودية الذين وقع عليهم اختيار لجنة اكتشاف المواهب، إلى جانب تخصيص جائزة سنوية لأفضل حراس في الدوري السعودي تحمل اسم «جائزة أوليفر كان»، بالإضافة إلى توليه الإشراف الفني على حراس المنتخب السعودي الأول في نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا.
ووقع اختيار القيادة الرياضية السعودية على الحارس الألماني الشهير لهذه المهمة، لخبرته الطويلة في الملاعب التي امتدت نحو 20 عاماً خاض خلالها 535 مباراة بدايةً من ناديه الأول كارلسروه حتى اعتزاله كرة القدم في نادي بايرن ميونيخ، وتوج هذا العطاء بتحقيق العديد من البطولات والإنجازات الجماعية والفردية، فسبق أن توج بأفضل لاعب في بطولة كأس العالم 2002، وهي المرة الأولى التي يحظى بهذا اللقب حارس مرمى.
بدأ أوليفر مسيرته الكروية وهو ابن السادسة مع نادي مدينته الألمانية كارلسروه في درجة البراعم وفي هذه السن لم يكن يقف بين الخشبات الثلاث، ولم يكن يدرك أن ما بينها منزلاً مناسباً لموهبته، فقد بدأ كغيره من الصغار متشوقاً لهز الشباك وتسجيل الأهداف في خط المقدمة، غير أن مدرب فريقه وجد فيه صفات الحارس المثالي لشجاعته وعدم تردده في الالتحامات، إلى جانب شخصيته الجادة في التعامل مع الآخرين منذ نعومة أظفاره، واللاعب الذي لا يبتسم أبداً، بالإضافة إلى بنيته الجسمانية الرائعة وطوله الفارع ومرونة عضلاته، وهذه صفات الحارس المثالي من وجهة نظر المدرب.
تألُّق الحارس الصغير دفع أعرق الأندية الألمانية بايرن ميونيخ إلى شراء عقده عام 1994، ومثّل الفريق في 429 مباراة، وسجل رقماً شخصياً يصعب على حراس المرمى كسره، حيث أتم 197 مباراة مع البايرن دون أن يدخل مرماه هدف واحد، كما لعب دوراً مهماً في البطولات التي حققها فريقه، وما زال مشجعو ميونيخ يتذكرون تصديه لثلاث ركلات ترجيحية في المباراة المفصلية التي جمعت فريقهم بفالنسيا الإيطالي ليضمن فريقه العبور للدور نصف النهائي، ومنه للظفر باللقب.
وعلى الصعيد الدولي خاض أوليفر كان 68 مباراة خلال مسيرته الكروية مع منتخبه، من بينها 49 مباراة ارتدى فيها شارة القيادة، بيد أن الحظ لم يحالفه في الحصول على كأس العالم، لكنه حقق المركز الثاني عام 2002، والمركز الثالث عام 2006، وهو العام الذي شهد اعتزاله اللعب الدولي، وأصر على إكمال عقده الاحترافي مع نادي بايرن ميونيخ، وحقق معه في ذلك العام بطولة الدوري 2007، واعتزل اللعب نهائياً بعد مسيرة حافلة بالإنجازات.
وقرر، بعد توقف مسيرته كحارس مرمى، دخول عالم التدريب، وحصل على الرخصة عام 2010، وحقق من الإنجازات الشخصية والألقاب ما عجز عن تحقيقه من سبقوه من حراس المرمى، بدايةً بالمحافظة على شباكه نظيفة في 5 مباريات على التوالي في كأس العالم 2002، ثم الفوز بلقب أفضل حارس في الدوري الألماني 7 مرات، وأفضل حارس باختيار الاتحاد الدولي لإحصائيات وتاريخ كرة القدم في الأعوام 1999 و2000 و2001، وأفضل حارس في دوري أبطال أوروبا في 4 نسخ، كما وقع عليه اختيار مجلة الرياضة الأوروبية مرتين كأفضل حارس في القارة الصفراء، وأفضل لاعب ألماني في 2000 و2001، وحاز المركز الثالث في الكرة الذهبية عام 2002، وأفضل لاعب في كأس العالم 2002.
أوليفر كان أو «العملاق» كما يطلق عليه في ألمانيا تنتظره مهمة شاقة لكنها ليست مستحيلة، لإعادة توهج حراسة المرمى السعودية التي فقدت بريقها في السنوات العشر الأخيرة.
هيئة الرياضة تمنح «أوليفر كان» مهمة استعادة أمجاد «حراس المرمى السعوديين»
آل الشيخ وقع عقداً معه لتأسيس أكاديمية دولية بالرياض وتدريب الحراس في «الأخضر»
هيئة الرياضة تمنح «أوليفر كان» مهمة استعادة أمجاد «حراس المرمى السعوديين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة