أكثر من 670 متحفاً في النمسا أعلنت مشاركتها أمس، ضمن برنامج «ليلة المتاحف الطويلة» الذي تشرف عليه هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية (أو آر إف)، مع تركيز خاص على الأطفال. وفي العاصمة فيينا وحدها، نظم 64 متحفاً برنامجاً خاصاً للصغار، فيما حدّد إقليم تيرول جائزة لكل طفل يزور على الأقل 3 متاحف.
ويبدأ هذا البرنامج السنوي من السادسة مساء حتى الواحدة صباحاً، ببطاقة ثمنها 15 يورو فقط، مع سعر منخفض للطلاب وذوي الحاجات الخاصة، ومجانا للصغار دون 12 سنة، كما تتوفر مواصلات خاصة في معظم الأحيان لنقل الزوار من متحف لآخر، بالإضافة لكتيب يحوي أسماء وعناوين كل المتاحف المشاركة، مع نبذة عنها.
ويفوق عدد المتاحف في النمسا عموماً الـ800 متحف، منها ما يزيد على المائة في فيينا. وهناك من يعتبر قلب فيينا القديم متحفاً واسعاً تحيط به مجموعة متاحف. ولكل دائرة من دوائر المدينة الـ23 متحف يختص فقط بتاريخها.
وكما هو متوقع، تتنوع المتاحف من حيث المعروضات والمعمار وطرق العرض، والأهمية والشهرة، ومنها ما هو ضخم يأتي في مقدمة متاحف العالم، من حيث فخامته وأهمية محتوياته، كمتحف تاريخ الفنون الذي يعتبر من أجمل المتاحف على الإطلاق، ويضم هدايا قيمة قدمت لأباطرة إمبراطورية آل هابسبرغ النمساوية، منها لوحات وأعمدة فرعونية شاهقة وتماثيل إغريقية. وبالطبع للأباطرة متاحف عبارة عن قصور لا تزال تضم حتى «فرش أسنانهم» و«أدواتهم للحلاقة» و«معدات المكياج»، ناهيك بالملابس والجواهر والكتب والأثاثات والصور والعملات والخطط الحربية والرسائل الرسمية، والخطابات الغرامية.
وإن تواضعت البيوت التي سكنها موسيقيون، فإنها بدورها أمست متاحفَ تضم معظم حاجاتهم، سيما معداتهم الموسيقية، ومنهم موزارت وآل اشتراوس (الابن والأب والأخ والعم) وبيتهوفن وشوبرت. ولا يختلف الحال كثيراً بالنسبة لكبار العلماء والأدباء والأطباء، خصوصاً سيغموند فرويد أب الطب النفسي.
وبالطبع للجيش إبان حقب الإمبراطورية أكثر من متحف، يعرض معداته وأزياءه وأسلحته، بل هناك متاحف خصصت لمعارك خالدة، تماماً كما للسلام متحفه، وللحكومة الحمراء في فيينا متحفها (كارل ماركس هوف، 1919 إلى 1934). وهناك متاحف متخصصة لمختلف الحقب التاريخية والعلمية والفنية والمعمارية، ولتطور الأزياء وتطور الصناعات ولوسائل المواصلات التي تحكي قصص الترام والقطارات والسيارات الإمبراطورية، تماما كما للمهاجرين متحف يحكي قصص وتجارب شخصية تعود لبدايات الهجرة للنمسا، كما للحجاب وأغطية الرأس عند المسيحيين واليهود والمسلمين معروضات ضمن متحف الأزياء في عهد الكتاب المقدس، بل وللمقابر وطرق الدفن والتوابيت وحرق الجثث، وكيف يحفظ رمادها، وكيف يمكن تحويل ذلك الرماد بالضغط إلى ألماس.
وليس كل المتاحف نمساوية صرفة، بل يتيح متحف الفنون الشعبية، على سبيل المثال، الفرص لمختلف الدول لعرض ما عندها. وفي هذا السياق، سبق أن استضاف المتحف معرضاً كاملاً عن الفرعون توت عنخ آمون، كما سبق أن استضاف منتجات نيجيرية حديثة لصناعة الأزياء ومصممين، بالإضافة لمعارض جنوب أميركية.
وبدورها، تمتلك مملكة ليشتنتاين قصراً فخماً في فيينا، يعتبر متحفاً يضم لوحات نادرة، تتوسطه سيارة بالغة الفخامة من التاريخ القديم، نادرة لا مثيل لها.
إلى ذلك، تستخدم صالاته لمختلف الأنشطة، وهذا مما تتميز به بعض المتاحف النمساوية، إذ تفتح أبواب بعض قاعاتها لاستخدام الجمهور لمناسبات مختلفة، ولبعضها مطاعم أكثر من رائعة، وحدائق تزيد المدينة تألقاً وجمالاً، كحدائق متحف وقصر البلفدير وقصر الشونبرون، وحديقة الإمبراطورة ماريا تريزا التي تفصل بين أضخم متحفين: متحف تاريخ الفن ومتحف التاريخ الطبيعي.
هذا وليس كل المتاحف تاريخية عتيقة، أو قصور فخمة أو متخصصة، بل تتوفر أخرى حديثة البنيان تعود للقرن الماضي، كتلك التي يضمّها «مربع المتاحف» بالحي السادس في فيينا، كمتحف الموموك ومتحف ليوبولد للوحات الفنية، فيما تتنوع محتويات متحف الفنون التطبيقية بدرجة واسعة، ما بين أثاثات وسجاجيد وأوانٍ، ومن لوحاته لوحة «القدور» للفنانة السعودية مها ملوح، التي اشتراها المتحف بمبلغ باهظ وضمها لمعروضاته القيمة.
أما أحدث المتاحف على الإطلاق الذي يعود لهذا القرن، فهو متحف «البيت 21» الذي صُمّم من الزجاج، وتتنوع معروضاته بتنوع ما يستضيف من معارض.
ومما يجدر ذكره في هذه الدورة الـ18 زيادة عدد المتاحف التي أعلنت عن برامج خاصة بالأطفال، وكان بعضها قد بادر بالإعلان عن طبيعة تلك البرامج، وإمكانية إجراء تجارب علمية بأحدث المعدات، والتقاط صور و«سيلفي» بملابس تاريخية، كما أعلن متحف «الخبازين» عن فرص للمشاركة في التحضير والتذوق.
ومن جانبه، يوفر متحف الشوكولا سنوياً (يحكي قصة الشوكولا منذ خروج حبوب الكاكاو من مزارعه، إلى أن تُصنّع على شكل حلويات بمختلف الأشكال) فرصاً للتذوق من نوافير تخرج منها شوكولاته ذائبة ولذيذة. هذا وإن كانت المتاحف عموماً تعرض الفن الأصيل كتراث ثقافي وحضاري، فإن متحف «الفن المزيف» يعرض لوحات مزيفة، فيما يعرض متحف «الفن العقيم» أشياء سخيفة صُنعت من دون أن تكون لها فائدة تذكر.
670 متحفاً في الليلة السنوية الطويلة بفيينا
تركيز خاص على برامج الأطفال
670 متحفاً في الليلة السنوية الطويلة بفيينا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة