وزير العدل يعلن تراجع أحكام الإعدام في المغرب

TT

وزير العدل يعلن تراجع أحكام الإعدام في المغرب

قال محمد أوجار، وزير العدل المغربي، إن أحكام الإعدام في بلاده تراجعت إلى 90 حالة فقط إلى أغسطس (آب) من العام الماضي، مشيراً إلى أن إلغاء هذه العقوبة ما زال بحاجة إلى إنضاج وتعميق النقاش بشأنها، وذلك بسبب تضارب مواقف المجتمع حولها.
وكان المغرب قد اتخذ موقفاً وسطاً بشأن عقوبة الإعدام، إذ لم يلغها من تشريعاته، بل قلَّص من عدد الحالات التي تستوجب الحكم بها، وذلك من خلال التعديلات التي أدخلها على مشروع القانون الجنائي المعروض حالياً على البرلمان.
وما زالت المحاكم المغربية تصدر أحكاماً بالإعدام على الرغم من أن تنفيذ العقوبة معطَّل منذ 1993. ويمتنع المغرب عن التصويت على القرار السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بوقف تنفيذ هذه العقوبة.
وقال وزير العدل المغربي خلال لقاء نظمه أمس المجلس الوطني لحقوق الإنسان وجمعية «معاً ضد عقوبة الإعدام»، بشراكة مع الجمعية الفرنكفونية والشبكة الأفريقية لحقوق الإنسان، إن موضوع عقوبة الإعدام يحظى بنقاش مجتمعي وحقوقي وسياسي واسع في المغرب، كما يحظى باهتمام المنتظم الدولي، وذلك في «محاولة لإيجاد التوازن بين حماية المجتمع من الجناة وضمان حقه في الحياة، وحق الدولة في سلبها باسم القانون».
وأوضح أوجار، خلال اللقاء الذي نظم على بعد أيام من اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الذي يصادف العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) من كل سنة، أن الرأي العام في المغرب وعلى المستوى الدولي يتوزع اتجاه هذه العقوبة إلى ثلاثة اتجاهات، تتمثل في المناهضين للعقوبة، والمؤيدين لها، والداعين للتخفيف من أسبابها، «فبين مَن اعتبر العقوبة لاإنسانية وماسة بالحق في الحياة ومحدودة الأثر مع احتمال الخطأ القضائي، وبين من اعتبرها رادعة، تطورت فكرة وسط تجمع بين الاتجاهين للتخفيف من حالات النطق بها، وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة».
وكان مصطفى الرميد وزير العدل السابق المنتمي لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، يميل إلى الاحتفاظ بهذه العقوبة في القانون الجنائي المغربي، عند طرحه التعديلات التي أجراها على مشروع القانون الجنائي، التي انتقلت الجرائم المحكوم فيها بهذه العقوبة من 31 إلى 11 جريمة، وذهب إلى حد إمكانية إضافة حالات جديدة للحكم بالإعدام إذا ما تطلب الأمر ذلك. وعلت أصوات المطالبين بعودة تنفيذ عقوبة الإعدام في المغرب أخيراً بعد حاث مروِّع راح ضحيته موظف بسجن بمكناس، قتل على يد مجرم مصنف خطراً جدّاً محكوم عليه بالإعدام، سبق أن قتل شرطياً بالمحكمة خلال محاكمته، كما سبق أن قتل موظفاً بسجن القنيطرة، قبل أن يضطر حراس السجن إلى رميه بالرصاص للسيطرة عليه، ومنعه من تنفيذ جرائم أخرى داخل السجن.
كما عاد الحديث عن هذه العقوبة بعدما صرح محامو عدد من المعتقلين على خلفية احتجاجات الريف المتهمين بتهمة المسّ بأمن الدولة الداخلي، بأن النيابة العامة قدمت «ملتمساً» لقاضي التحقيق من أجل متابعة المعتقلين بالفصل 201 من القانون الجنائي الذي تصل العقوبة فيه إلى الإعدام، وهو ما أثار احتجاجات الحقوقيين والمتعاطفين مع المعتقلين، إلا أن النيابة العامة نَفَت ذلك، واتهمت المحامين بمحاولة «التأثير في مجريات التحقيق».
وذكر الوزير أوجار أن الفصل 20 من دستور 2011 نص للمرة الأولى على الحق في الحياة وحماية هذا الحق، وعد «هذا الإقرار الدستوري خطوة جريئة»، موضحاً أن مشروع القانون الجنائي المعروض حالياً على البرلمان تضمَّن تخفيض الجرائم التي كان يعاقب عليها القانون بالإعدام من 31 جريمة إلى ثماني جرائم فقط، مع إضافة ثلاث جرائم جديدة ذات صلة بالاتفاقيات الدولية، وهي الإبادة البشرية والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، لينحصر الحكم بالإعدام في مشروع القانون إلى 11 جريمة «الأشد خطورة».
وبالنسبة لقانون العدل العسكري، يضيف أوجار، جرى تخفيض الجرائم المعاقب عليها بهذه العقوبة من 16 جريمة إلى خمسٍ فقط.
وفي إطار ضبط هذه العقوبة، أقر مشروع المسطرة الجنائية آلية جديدة تشترط إجماع الهيئة القضائية المصدرة للحكم، وقد أدى ذلك إلى تراجع حالات الحكم بالإعدام، إذ لم تتجاوز 90 حالة إلى غاية أغسطس من العام الماضي. و«يظل العفو مخرجاً أسهم في تحويل عدد كبير من أحكام الإعدام إلى عقوبات محددة أو مؤبدة»، حسب وزير العدل.
ويؤيد المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان إلغاء عقوبة الإعدام، ويسانده في هذا المطلب الائتلاف المغربي للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، ويضم عدة جمعيات حقوقية، كما أُنشِئَت قبل ثلاث سنوات شبكة برلمانيين ضد عقوبة الإعدام».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».