سلامة يبحث مع القيادات الليبية حل خلافاتها

المبعوث الأممي أطلع السراج والسويحلي على عمل لجنة صياغة تعديلات اتفاق الصخيرات

غسان سلامة خلال مؤتمر صحافي  في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
غسان سلامة خلال مؤتمر صحافي في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

سلامة يبحث مع القيادات الليبية حل خلافاتها

غسان سلامة خلال مؤتمر صحافي  في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
غسان سلامة خلال مؤتمر صحافي في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

استهل غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا، أولى جولاته للتشاور مع القيادات السياسية والعسكرية في ليبيا، أمس بشأن كيفية حلحلة «خلافات الحوار السياسي»، الذي انتهت أولى جولاته في العاصمة تونس، والتقى في العاصمة طرابلس، في زيارة لم يعلن عنها، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» فائز السراج، ورئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي.
واكتفت البعثة الأممية في تصريح مقتضب بالقول: إن سلامة «يبحث العملية السياسية في ليبيا مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، ويطلعه على عمل لجنة الصياغة الموحدة لمجلسي النواب، والأعلى للدولة»، كما التقى السراج السويحلي، وتناول معه أعمال اللجنة ذاتها، وهو ما أكده يوسف أبو عليّم، المتحدث باسم المجلس الأعلى للدولة، مشيرا إلى أن زيارة سلامة إلى رئيس المجلس «تستهدف التأكيد على الالتزام بالاتفاق السياسي، والأجسام المنبثقة عنه، تأسيساً على أنه المرجعية المتاحة للمضي قدماً في تفعيل الاستقرار» خلال المراحل المقبلة.
وأضاف أبو عليّم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن «سلامة على دراية كافية بثقل موقف المجلس والتزامه الكامل، وتطبيقه لمخرجات عمل البعثة، والاتفاق السياسي»، لافتا إلى أن السويحلي «لديه هو الآخر دور في جعل مجلسه جسما فاعلا وملتزما بروح الاتفاق».
وفي حين قال عضو مجلس الدولة أحمد النقي، لـ«الشرق الأوسط»: إن زيارة سلامة إلى طرابلس ولقائه بالسويحلي «مؤشر على ضرورة تجاوز بعض الخلافات الشكلية بين لجنتي التفاوض، (الممثلتين لمجلس النواب والأعلى للدولة)، وضرورة أن يكون الاجتماع المقبل بينهما فاصلاّ في إنهاء الانقسام»، أوضح عصام الجهاني، النائب البرلماني عن مدينة بنغازي، أن لقاء سلامة يأتي «لاستبيان الموقف حول إمكانية تكرار بعض أسماء أعضاء المجلس الرئاسي، مرة ثانية في التشكيلة الجديدة»، مشيرا إلى أن ذلك يعد «إحدى الأفكار المطروحة، والتي تتم دراستها».
وأضاف الجهاني لـ«الشرق الأوسط»: إن المبعوث الأممي سيتشاور مع المسؤولين الليبيين لـ«جس النبض»، حول تلك الأفكار، وسيلتقي في طبرق (شرق البلاد) رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، في مدينة القبة (شرق البلاد).
واختتم في تونس الأحد الماضي اللقاء الأول الذي ترعاه الأمم المتحدة بين لجنتي الحوار، المنبثقتين من مجلسي النواب والدولة، لمناقشة تعديلات «اتفاق الصخيرات»، الموقَّع في ديسمبر (كانون الأول) 2015، وقال سلامة حينها: إن الحوار الليبي انتهى بتوافق لجنتي الحوار على إعادة هيكلة السلطة التنفيذية، والاتفاق على أن يتكون المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين ورئيس وزراء مستقل، (بدلا من تسعة أعضاء حالياً).
ويبلغ أعضاء المجلس الأعلى للدولة 145 عضواً، وفقا لما نص عليه الاتفاق السياسي، بينهم 134 هم أعضاء المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته).
في السياق ذاته، قال مصدر قريب من لجنتي الحوار الليبي لـ«الشرق الأوسط»: إن هناك «مشاورات واسعة يجريها أعضاء كل فريق مع جبهتهم بشأن ما انتهت إليه لجنة الصياغة»، مضيفاً أن هناك «اعتراضا من قبل بعض أعضاء مجلس النواب بشأن وضعية رئيس المؤسسة العسكرية»، في إشارة إلى الجدل الذي أثارته المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات.
في غضون ذلك، قال العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم القيادة العامة للجيش الليبي: إن المشير ركن خليفة حفتر سيلتقي المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، داعيا إلى «عدم المساس بالمؤسسة العسكرية الليبية أو قيادتها».
وأضاف المسماري في تصريح تلفزيوني، أول من أمس إن «القوات المسلحة الليبية ستكون لها كلمة في المحادثات الليبية لأن الواقع الآن لا يُطاق»؛ الأمر الذي فسره عضو مجلس النواب عصام الجهاني بأن حديث المسماري يتعلق «بترتيبات عسكرية» تخص مؤسسة الجيش، وليس «الدخول في تفاصيل الحوار السياسي». وعلى هامش اللقاءات السياسية، زار المبعوث الأممي أمس السرايا الحمراء في طرابلس، واستمع إلى المسؤولين في مصلحة الآثار الليبية حول التحديات التي يواجهونها، وكيف يكمن للأمم المتحدة أن تساعد في إعادة السرايا، التي توصف بأنها «قلعة طرابلس» وأهم معالم المدينة، إلى سابق عهدها.
وكان سلامة التقى في تونس حافظ بن ساسي، عميد مجلس زوارة البلدي، وناقش معه اقتراحا بلقاء موسع مع أمازيغ ليبيا، للاستماع إلى مقترحاتهم بشأن بعض النقاط في الاستحقاق الدستوري.
ميدانياً، أصدر رئيس الأركان العامة للجيش، اللواء عبد الرحمن الطويل، أمرا عسكريا إلى غرفة علميات صبراتة، و«الكتيبة 48»، والوحدات المساندة، بوقف العمليات القتالية، وعودة جميع الوحدات إلى معسكراتها، وتوعد باتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين.
وتتبادل غرفة مكافحة «داعش» في مدينة صبراتة (70 كلم غرب العاصمة)، و«الكتيبة 48 مشاة»، التابعتان للمجلس الرئاسي في طرابلس الاتهامات بجلب مقاتلين من خارج المدينة، منذ اندلاع القتال بينهما في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي ما خلف 26 قتيلاً، و170 جريحاً على الأقل.
وطالب الطويل في بيان أصدرته رئاسة الأركان بتولي مدير مكتب استخبارات في صبراتة والشرطة العسكرية، ومدير الأمن، الإشراف على وقف إطلاق النار في المدينة، والإبلاغ الفوري عن أي خروقات، وقال بهذا الخصوص «في حال عدم الامتثال للأوامر ستصبح هذه القوات خارجة على الشرعية».
ورغم أن (الكتيبة 48) مشاة، تقول إنها امتثلت للأوامر، وأعطت تعليمات للوحدات التابعة لها بـ«الوقف الفوري للعمليات القتالية»، إلا أن غرفة عمليات محاربة تنظيم داعش ردت بأن «الطرف الآخر، الذي وصفته بـ«الميليشيات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.