السودان: تفاؤل شعبي ورسمي برفع العقوبات الأميركية

TT

السودان: تفاؤل شعبي ورسمي برفع العقوبات الأميركية

أبدى برلمانيون سودانيون تفاؤلهم بقرار وشيك يقضى برفع العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على بلادهم بحلول الثاني عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وقللوا من تأثير إضافة السودان للقائمة الأميركية للدول غير المتعاونة في محاربة الاتجار بالبشر على القرار المرتقب.
وقال رئيس لجنة الإعلام والاتصالات بالبرلمان السوداني الطيب مصطفى، في ندوة عن العقوبات الاقتصادية بالخرطوم أمس، إنهم يتوقعون رفع العقوبات الاقتصادية والتجارية على السودان، وأضاف موضحاً: «أنا متفائل بنسبة أكثر من 90 في المائة برفع العقوبات الاقتصادية، والدليل على ذلك القرار الأميركي الأخير برفع حظر دخول السودانيين إلى الولايات المتحدة»، بيد أنه قلل من القرار الذي اتخذته الإدارة الأميركية السبت الماضي، بإضافة السودان إلى قائمة الدول غير المتعاونة في محاربة الاتجار بالبشر، وأشار إلى أن حكومته تعاونت في مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر، ولعبت دوراً إيجابياً في النزاع في جنوب السودان.
ووصف مصطفى قرار إدارة الرئيس دونالد ترمب تأجيل رفع العقوبات 3 أشهر بأنه «الفترة الأقل» لأي عقوبة أميركية على السودان، مؤكداً أن العلاقات الأميركية - السودانية تطورت في الآونة الأخير بشكل كبير، وقال بهذا الخصوص: «لأول مرة يشارك السودان في اجتماعات القوة الأفريقية الأميركية (أفريكوم)، بحضور رئيس هيئة الأركان، وينتظر أن يشارك في المناورات العسكرية (النجم الساطع) القادمة، وقد تم تبادل الملحقين العسكريين بين البلدين».
بدوره، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان محمد مصطفى الضو، للندوة ذاتها، إن السودان أوفى بالتزاماته، وفقاً لخطة المسارات الخمسة كافة، موضحاً أن تصنيفه أصبح من الدول «ذات التوجه الوسطي»، بعد التأكد من أنه لا علاقة له بالإرهاب الدولي.
وأضاف الضو أن مؤتمر لجنة أمن أفريقيا (السيسا)، الذي عقد في الخرطوم أخيراً، أكد دور السودان المتعاظم في محيطه الأفريقي، وإسهامه في محاربة الظواهر السالبة، وتابع: «الجميع يترقب رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية عن السودان بحلول 12 أكتوبر الحالي، وكل المعطيات تجعلنا نتفاءل برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان... وتقارير المخابرات الأميركية وتقارير لجنة المسارات الخمسة كلها تجعل السودان يستحق رفع العقوبات الاقتصادية، بل ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب».
من جهته، رأى علي محمود، رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان وزير المالية الأسبق، أن رفع العقوبات الاقتصادية والحالية عن السودان وحده «غير كاف»، ودعا إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مشيراً إلى أن سيطرة الولايات المتحدة الأميركية على كل المؤسسات المالية ستنعكس سلباً على الاستثمارات الخارجية للسودان.
ويعيش السودانيون حالة ترقب رسمية وشعبية، بانتظار قرار الإدارة الأميركية برفع العقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة عليه منذ 20 عاماً، تحت مزاعم رعايته وإيوائه ودعمه للجماعات الإرهابية، وذلك بحلول اليوم الثاني عشر من أكتوبر الحالي.
وقرر الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، قبيل نهاية ولايته، رفع العقوبات عن السودان في غضون 6 أشهر، انتهت في الثاني عشر من يوليو (تموز) الماضي، مشترطاً إيفاء السودان بما سماه «خطة الممارسات الخمس»، التي تتضمن دعم استقرار جنوب السودان، ووقف الحروب والقتال، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لمناطق النزاعات، فضلاً عن وقف «جيش الرب» الأوغندي، ومكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر.
بيد أن إدارة الرئيس دونالد ترمب أجلت تنفيذ القرار لـ3 أشهر إضافية، زاعمة أنها بحاجة لوقت للاستيثاق من مدى التزام حكومة الخرطوم بخطة المسارات الخمسة.
وفي تطور لافت، أزالت الإدارة الأميركية اسم السودان من قائمة الدول التي تفرض قيود مشددة على مواطنيها لدخول الأراضي الأميركية، ثم في خطوة تراجعية أعلنت السبت الماضي إضافة السودان إلى قائمة الدول غير المتعاونة في الحرب على الاتجار بالبشر، بيد أن البرلمانيين السودانيين قللوا من هذا القرار، واعتبروه «أمراً بسيطاً».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.