تفتح زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى جمهورية روسيا الاتحادية، غدا الخميس، كأول ملك سعودي يزور روسيا منذ تدشين العلاقات السعودية - الروسية، الأبواب أمام إنشاء شراكات استراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات.
وتنقل الزيارة الملكية العلاقات الثنائية إلى آفاق جديدة تركز على بناء شراكات استراتيجية في مجالات واعدة مثل البتروكيماويات والطاقة والزراعة والتصنيع العسكري، الأمر الذي سينعكس على طفرة اقتصادية في العلاقات بين البلدين خلال الفترة المقبلة.
يقول الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، إن «هناك مجالات واسعة للتعاون الاقتصادي بين الدولتين، ودفع عجلة الاستثمارات والمشاريع المشتركة، فالمملكة تتبع سياسة الباب المفتوح في مجال التنمية الاقتصادية خصوصا في ظل خطة التنمية و(رؤية 2030)».
ويؤكد بن صقر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن سياسة المملكة الخارجية تقوم على مبدأ تعدد التحالفات، وعدم حصر العلاقة الخارجية بتحالف محدد مع جهة واحدة أو معسكر دولي واحد. وقال: «منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وتفتت المعسكر الشرقي، وجدت المملكة أن لها مصلحة في فتح أبواب علاقاتها الخارجية مع جميع الدول».
وأشار إلى أن «روسيا خلال حكم الرئيس بوتين، تمكنت من العودة والظهور كقوة كبرى على المستوى الدولي، وتمكنت من العودة إلى منطقة الشرق الأوسط كقوة مؤثرة في التطورات الإقليمية، لذا لا يمكن تجاهل الدور الروسي المتنامي في شؤون المنطقة سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا».
وكان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أعلن أن السعودية وروسيا ستؤسسان صندوقا جديدا للاستثمار في الطاقة بقيمة مليار دولار، موضحا أن هذا الصندوق سيجري وضع اللمسات الأخيرة على تأسيسه خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو يوم غد الخميس، ويأتي في إطار جهود اثنين من أكبر منتجي الخام في العالم للتوسع في التعاون بينهما.
وبحسب الوزير الروسي فإن هناك تركيزا «على تطوير تعاون؛ ليس فقط في إطار أوبك أو حتى خارج المنظمة، بل أيضا تطوير التعاون في مجالات النفط والغاز والطاقة الكهربائية ومصادر الطاقة المتجددة».
وكانت السعودية أعلنت إبان زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى سان بطرسبرغ في يونيو (حزيران) 2015م ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نيتها عزمها بناء 16 مفاعلا نوويا للأغراض السلمية ومصادر الطاقة والمياه، وأن روسيا سيكون لها الدور الأبرز في تشغيل تلك المفاعلات.
وستعتمد السعودية في إرساء الشركات الاستراتيجية مع روسيا على كبرى شركاتها في مجال الطاقة والنفط والغاز والبتروكيماويات، ويتصدر تلك الشركات عملاق النفط «أرامكو السعودية» التي تعد أكبر شركة لإنتاج وتكرير النفط في العالم، إلى جانب شركات «شابك» و«معادن»، وعدد من كبريات الشركات الزراعية.
ووفقا لمصادر سعودية، فإن المملكة لديها النية أيضا للاستثمار في المجال الزراعي في روسيا بقوة، من خلال شراء شركات روسية أو إنشاء شركات جديدة، توفر للسعودية الأمن الغذائي لوارداتها الغذائية لا سيما من الحبوب، إلى جانب الاستفادة منها على نطاق تجاري والتصدير لعدد من دول العالم الأخرى.
وتأتي زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا بعد 66 زيارة رسمية قام بها مسؤولون سعوديون إلى روسيا منذ زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في يونيو 2015م، تركز معظمها على تعزيز الشراكات الاقتصادية والتجارية ودفعها لمستويات متقدمة.
المصادر السعودية نفسها، تحدثت أن القضايا والملفات السياسية ستحظى بنصيب وافر من زيارة العاهل السعودي لموسكو، حيث تشير إلى أن الزيارة ستركز على تعزيز التعاون مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب الذي تقوده السعودية، بالإضافة إلى توحيد الرؤى في المواقف السياسية وكيفية حل النزاعات لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
وشهدت العلاقات السعودية الروسية تقاربا كبيرا خلال العامين الأخيرين، توج ذلك باتفاق البلدين على هامش اجتماع قمة العشرين في سبتمبر (أيلول) 2016م الذي عقد في الصين، على العمل معا لتحقيق وضمان استقرار أسواق النفط.
وأكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، خلال لقائه بوتين حينها، أن «التعاون بين المملكة وروسيا بخصوص النفط من شأنه أن يعود بفوائد على أسواق النفط».
وهنا يرى بن صقر فرصا كبيرة للتعاون في مجال التكنولوجيا والتصنيع العسكري بين البلدين. وأردف: «روسيا تمكنت خلال السنوات القليلة الماضية من فرض قدراتها كمنتج ومصدر للأسلحة ذات التقنية العالية، والمملكة تتبع سياسة التنوع في مصادر التسلح، لذا هناك مجالات واسعة للاستعانة بالتكنولوجيا العسكرية الروسية، خصوصا في بناء قاعدة تصنيع عسكري وطني في المملكة، وهي سياسة أعلنتها القيادة السعودية وجار العمل لتدعيمها وانطلاقها، وفي هذا المجال بالتحديد قد يكون لروسيا دور إيجابي في دعم مشاريع المملكة في مجال التطوير والتصنيع العسكري».
التعاون السعودي - الروسي يفتح الباب أمام شراكة استراتيجية طويلة الأجل
الرياض تعتمد سياسة تعدد التحالفات في سياساتها الدولية
التعاون السعودي - الروسي يفتح الباب أمام شراكة استراتيجية طويلة الأجل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة